أسوار المصالح والمنشآت الحكومية بكفر الشيخ تتحول للوحات فنية على يد طالبات تربية نوعية (صور)    البابا تواضروس في اتصال هاتفي لبطريرك أنطاكية: نصلي من أجل ضحايا الهجوم على كنيسة سوريا    «القومي للبحوث» يكرم العلماء المدرجين ضمن أفضل 2% من الباحثين بتصنيف «ستانفورد»    ارتفاع الأسهم الأوروبية بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    سعي وبركة.. فرحة مزارعي كفر الشيخ ببدء موسم زراعة الأرز (صور)    وزيرة البيئة ومحافظ جنوب سيناء يطلقان مبادرة الوعي البيئي لتحويل شرم الشيخ إلى نموذج للاستدامة    "القسام": نفذنا كمينا ضد قوة إسرائيلية تحصنت في منزل جنوب خان يونس وأوقعنا الجنود بين قتيل وجريح    كافاني يقود هجوم بوكا جونيورز أمام أوكلاند سيتي فى كأس العالم للأندية    الهلال الأحمر المصرى يشارك فى إطلاق خطة الاستجابة للاجئين    أحمد موسى: الموساد الإسرائيلي زرع عملاء منذ أكثر من 30 عامًا داخل إيران    حقيقة مفاوضات بيراميدز مع مصطفى محمد    البنك الأهلي يتعاقد مع ثنائى إنبى أوفا ودويدار    الزمالك يرصد 200 مليون جنيه لضم 3 محترفين    لاعب برشلونة يدخل حسابات ميلان    مانشستر سيتي ينافس اليونايتد على ضم نجم بورتو    حادث مأساوى فى زمن الانقلاب…سيارة ملاكى تدهس 4 أسر بالتجمع الخامس    زوجة تطلب الطلاق بعد 19 سنة وتتهم زوجها بالسطو على ممتلكاتها ومصوغاتها    السقا وفهمي يجتمعان في مغامرة مشوقة.. العرض الخاص لفيلم "أحمد وأحمد" 1 يوليو    حفل على نفس المسرح.. إليسا وآدام يجتمعان في لبنان ب12 يوليو (تفاصيل)    رفضوها 22 مرة بسبب طولها وتزوجت مدنيًا بدون خطوبة.. 28 معلومة عن سلمى أبو ضيف    مسئول سابق بالناتو: ترامب يعتقد أنه توصل لاتفاق ودمر قدرات التخصيب بإيران    منة فضالي: شبهونى بسعاد حسنى.. وهى سبب دخولى الفن    "رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمى صيفى للأطفال بمتحف شرم الشيخ    «عائشة لا تستطيع الطيران» يشارك في عرضه الأفريقي الأول بمهرجان ديربان    "إسرائيل وإيران أرادتا وقف الحرب بنفس القدر".. أخر تصريحات ترامب (فيديو)    ما سبب تسمية التقويم الهجري بهذا الاسم؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: الإشباع العاطفى حق للزوجة.. وكلمة طيبة تقى الأسرة من الانهيار    وزير الصحة يبحث مع نظيره الموريتاني سبل تعزيز التعاون في القطاع الصحي    المنوفية تجهز مذكرة لبحث تحويل أشمون العام إلى مستشفى أطفال تخصصي وتأمين صحي شامل    بابا الفاتيكان ينعى ضحايا الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق    هولندا تقدم حزوة مساعدات لصناعة المسيرات في أوكرانيا    القبض على سيدة القروض الوهمية بالمحلة بعد استيلائها على 3 ملايين جنيه من 40 ضحية    أوقاف شمال سيناء تطلق مبادرة توعوية بعنوان "احمى نفسك"    نوتنجهام يفتح محادثات مع يوفنتوس لضم وياه ومبانجولا    بريطانيا تعرب عن قلقها العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة في طرابلس    عملية نادرة تنقذ مريضة من كيس مائي بالمخ بمستشفى 15 مايو التخصصى    «القومي للمرأة» يهنئ إيمان أنيس لتنصيبها نائباً للأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    وقف مؤقت للغوص بجزر الأخوين لتنفيذ برنامج تتبّع لأسماك القرش    جريمة لهو الأطفال تنتهي بمأساة في الحجيرات.. السجن ل7 متهمين بعد مقتل 3 أشخاص    مجلس جامعة الإسكندرية يعتمد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد    «صحافة القاهرة» تناقش مستقبل التعليم الإعلامي في العصر الرقمي    طرق تنظيم ميزانية الأسرة الشهرية بخطط سهلة وفعّالة    الصين: عرض عسكري لإحياء الذكرى ال80 للانتصار فى الحرب العالمية ضد الفاشية 3 سبتمبر    «متى سنتخطى التمثيل المشرف؟».. خالد بيومي يفتح النار على إدارة الأهلي    خلال فعاليات قمة مصر للأفضل.. «طلعت مصطفى» تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    تحرير (153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    وزيرة البيئة: مشروع تطوير قرية الغرقانة نموذج متكامل للتنمية المستدامة الشاملة    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    6 مشاريع بحثية متميزة لطلاب الامتياز ب"صيدلة قناة السويس"    نائب محافظ القاهرة يتفقد المركز التكنولوجى بمجمع الأحياء لمتابعة إجراءات التصالح على البناء المخالف    قافلة طبية مجانية بحى الصفا فى العريش تشمل تخصصات متعددة وخدمات تثقيفية    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبرة بالانتصارات الحقيقية
نشر في المصري اليوم يوم 06 - 02 - 2010

ما إن أطلق الحكم صفارته، معلناً نهاية المباراة بفوز مصر على غانا بهدف مقابل لا شىء، حتى تغيرت كيمياء معظم المصريين وتبدلت أحوالهم، من «هم» و«غم» و«كوارث طبيعية ومصنوعة»، ليخرج الناس فى فرق وجماعات، سيراً على الأرض أو قفزاً فوق السيارات، يتشحون ب«الأعلام» أو يحملونها أو يلوحون بها، نساء «تزغرد» وفتيات «ترقص»، وشباب يصفق ويطلق الألعاب النارية، وأطفال يهتفون باسم «مصر» ومرور يتوقف وشوارع «تُغلق» و«سهر وسمر وطبل وزمر وتبادل للتهانى»
وكأن حصول مصر على كأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية وسبع مرات متقطعة وخوضها تسع عشرة مباراة «بلا هزيمة» ليسا إنجازاً رياضياً كروياً فقط، وإنما حدث قومى وانتصار بطولى تاريخى وانتفاضة شعبية اندلعت على يد المعلم حسن شحاتة وفرقته الرياضية المباركة من أحفاد الفراعنة وملوك أفريقيا،
وكأن أكثر من عشرين لاعباً فقط بيدهم «إسعاد الناس وشقاؤهم»، «فرحهم» و«غمهم»، إذا أدوا أداء كروياً جيداً وكسبوا مباراة مهمة أو بطولة خرج الناس من بيوتهم مستبشرين متهللين، وإذا حدث العكس بقوا رهائن محابسهم من «النكد» و«العكننة» وكأن الناس لم تعد تأكل أو تشرب أو تتنفس إلا بكرة القدم.
فى عام 2006، أثناء إقامة كأس الأمم الأفريقية فى مصر غرقت «عبارة السلام»، وغرق معها أكثر من ألف مواطن مصرى، بينما تواصلت المباريات والاحتفالات، وتوحدنا على الفرحة بالكأس، ولم يوحدنا الحزن على ما راح..
توحدنا على الصمت عن ممدوح إسماعيل بعد أن هُمشت التقارير التى تُدينه والاستجوابات وطلبات الإحاطة ليهرب على مرأى ومسمع منا جميعاً، وكأن المصاب ليس مصابنا و«الهم» ليس «همنا».. توحدنا على تجاهل ارتفاع الأسعار الذى ظل من يومها يشتعل ويتوهج حتى أفقدنا توازننا وأشعرنا بأننا نعيش ميتين، أو نموت أحياء، ومع ذلك لم تتغير الأولويات وبقيت الكرة رغم كل المعاناة فى صدارة اهتماماتنا.
وبعد حصول مصر على كأس الأمم الأفريقية فى عام 2008 يندلع إضراب عمال المحلة، ويسقط من يسقط ويعتقل من يعتقل، وترتفع أسعار الوقود مرة أخرى، وينشغل الناس عن كل ذلك باحتراف الحضرى فى نادى «سيون» السويسرى وتصبح هذه القضية الشغل الشاغل لهم، وفى بداية 2010 تقع مأساة أهلنا فى نجع حمادى ويُضرب كالعادة أمن الوطن فى مقتل، وتنهمر السيول فوق بعض المحافظات المصرية، وتنجم عنها مآس وكوارث، وبدلاً من التكاتف للبحث عن حلول لهذه الأزمات تحول كل الاهتمام للمباريات وفوز مصر الساحق على الجزائر ثم حصولها على كأس الأمم الأفريقية، وتحقق النصر الذى لا نعرف غيره،
بينما لايزال المشروع العلمى العظيم للدكتور «زويل» بعيداً كل البعد عنا وعن نظامنا السياسى، وبينما لا يزال التضخم يزداد، والهوة تتسع بين من يملكون كل شىء، ومن لا يملكون الحلم الذى يمكنهم الدفاع عنه، و«الفساد» يترعرع وينمو و«نزيف المال المهدر» فى المشروعات غير المدروسة هو المتحدث الوحيد الأوحد باسم الخطط العشوائية و«القوانين الفاسدة» التى تنهال فوق رؤوسنا بدعوى «الإصلاح والتطوير».
يقول البعض إننا نتعصب للكرة مثلما تتعصب لها الدول المتطورة، ونحتفل بها كما يحتفلون، وهذا صحيح إلى حد كبير، لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم نجحوا فى تحديد أولويات سلم النهضة.. اختاروا ما يناسبهم من الديمقراطية وحرية الرأى والتعبير، فضمنوا للمواطن كرامة فى الداخل والخارج، ووضعوا الشخص المناسب فى المكان المناسب، ولم يعد عندهم من يغرق بحثاً عن «لقمة العيش»..
لم تعد عندهم أزمة تأمين صحى أو عمل أو مسكن أو زواج أو احتكار أو تزاوج غير مشرف بين رأس المال والسلطة، وتعاملوا مع الرياضة بوصفها منهجاً محترماً، تقوم فلسفته على كم شخصاً يمارس، وليس كم شخصاً يهتف، أما عندنا فى مصر فهناك 65٪ من المواطنين لا يُمارسون الرياضة،
ومصابون بالبدانة، وغياب شبه كامل للثقافة الرياضية وانعدام لدورها فى المدارس والجامعات ومراكز الشباب، فلماذا إذاً نتعصب لها كل هذا التعصب؟ وما معنى إقامة فرح كبير، تفوز فيه الفرقة بعشاء فاخر إلى حد التخمة، بينما يكتفى المعازيم بالفرجة والتصفيق للعدم؟
وهل يتحقق الانتماء للوطن بمجرد ركلة جزاء أو ضربة حرة أو ضربة رأس بعدها نرفع الأعلام ونهتف باسم مصر؟ الانتصار الكروى مهم، لكن من أجل التواصل وليس التغريب، الانتصار الكروى يستحق الاحتفال، طالما يأتى فى سياق انتصارات أخرى عظيمة، وطالما سينقذ 40٪ من المصريين، سقطوا فعلياً تحت خط الفقر، والاحتكار والخصخصة الظالمة، أما الاكتفاء بهذا الانتصار الكروى دليلاً على عظمة مصر، وبطولة وبسالة أبنائها، فهو خطيئة تكرس لاستبدال القدوة فى كل المجالات بالقدوة الكروية، وتحويل التطلعات للبحث العلمى والعملى إلى التنقيب للأبناء عن أندية يتدربون فيها على كرة القدم وبلاش مدارس ووجع قلب، فقد يتحفهم الحظ بالملايين مثلما يتحف أسود الكرة هذه الأيام.
بالطبع لا أقصد إفساد الفرحة على الناس، لكنى أرفض التطرف فيها، وأحذر من ترويج البعض للوطنية الكاذبة لأنها مثل الحمل الكاذب، ينفخ البطن، ويبشر بوهم لن يأتى.
ولا يجوز أن تتحول كرة القدم إلى أداة لاستلاب الوعى العام، وتدمير الاهتمام بالقضايا الوطنية والإبداع العلمى، وتربع الفشلة من السياسيين على عرش قلوب الجماهير بالباطل، لأن العبرة ليست بالانتصار الكروى وإنما العبرة بالانتصارات الحقيقية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.