«أنتونيتّا».. من مواليد 1994م فيمكننا القول إنها الآن قد بلغت سن المراهقة وهى سن خطرة بلا شك، وازداد الخطر ارتجافًا حينما عاشت وحدها!! وقد قرأت عنها إعلاناً فى واحدة من أكبر الصحف الإيطالية جاء فيه: «أشعر برغبة فى البكاء كلما نظرت حولى فوجدتنى وحيدة بلا أهل أو أصدقاء أو أحبة.. لا أجد من يحكى لى قصصًا قبل النوم.. ولا من يداعبنى مُصطحبًا إياى فى نزهة ترفيهية.. وأتمنى أن أحيا السنوات الباقية من عمرى فى كنف أسرة عطوفة محبة لي.. فهلاَّ وجدت فيكم مَنْ يستطع تحملى فى منزله هذه السنوات؟!». عزيزى القارى، لك أن تستغرب.. وأن تُذهل.. لكنك حتمًا ستشهق حينما تعرف أن هذه الأنتونيتّا المُتألمة هى كلبة من كلاب إيطاليا وليست مواطنة!! إنها كلبة بلا مأوى وجدها أحد الأشخاص وشعر بحزنها-ولعدم قدرته المالية على استضافتها فى منزله- نشر لها هذا الإعلان هنا.. جدير بالذكر أن «أنتونيتّا» هو اسم الدلع الخاص بمعاليها.. أما اسمها الأصلى فى البطاقة فهو «أنتونيلّلا».. فللكلاب هنا أسماء دلع وبطاقات وملجأ ومراكز تجميل ومحال طعام وشراب وخلافه!! وفجأة قفز إلى أذنى صوت طلقات الرصاص التى كان يُطلقها رجال الشرطة- والدوريات الليلية- على الكلاب بمصر!! ربما معهم حق فى قتلها، لأنها كلاب ضالة وغير نظيفة ثم إنها متوحشة.. لكن المواطن المصرى لماذا يُطلق عليه رصاص الفقر والظلم وعدم المساواة؟! لا أظنه متوحشًا إلى هذه الدرجة التى جعلت فئة كبيرة منه تضل الطريق.. فالبعض هاجر «أو طفش» والبعض باع ضميره ليشترى طعامه والبعض..!! ومن أذنى قفز إلى رأسى موقف آخر: حينما كنت منهمكة مع أبى وأخى فى إصلاح سيارتنا الوحيدة التى بدونها لن يستطيع أى من أفراد أسرتى التحرك!! .. بصراحة نحن لا نستطيع العيش بدون «ذوبة».. الحمد لله نحن نسكن بحى من أرقى الأحياء بالمدينة الإيطالية التى نقيم بها، وبالقرب من المنزل توجد حديقة كبيرة مُخصصة للجرى والدراجات ولاستنشاق الهواء النقى.. وذات يوم كنت أنا وأبى وأخى نحاول إصلاح ما أفسده الزمن فى حبيبتنا «ذوبة» فإذا امرأة تجرى فى هلع والدموع تملأ عينيها وفجأة اقتربت وبصوت حزين سألتنا: ألم تروا كلبًا يمر أمامكم لونه أبيض فى بنى وسلسلة حمراء، لأنه كان معى فى الحديقة وفجأة اختفى وأنا قلقة عليه جدًا أين سيذهب؟ ومن سيعتنى به؟ وماذا سيأكل؟ وأين سينام؟! فرد أخى- على السيدة الحزينة لفقد كلبها العزيز: لا لم نره ولكن سنحاول البحث عنه وإذا وجدناه «كيف يمكن لنا أن نخبرك؟ فقالت: ستجدوننى فى الحديقة مع جميع أهالى الحى، فهم أيضًا قلقون ومازالوا يبحثون عنه معى!.. أعلم أن أخى قالها على سبيل الفكاهة، بينما اندهشت أنا لما أسمع.. أضحك أم أبكى!! ولكنى إذا بكيت لن أبكى على الكلب ذى القميص الأزرق، ولكن سأبكى على الشعوب العربية، خاصة الطبقات الكادحة منهم فى عالمنا الثالث، فالإنسان فيه ليس له أى دية إذا قُتل أو سُجن ظلمًا أو استشهد حتى فداءً للوطن.. فهيا بنا نضم أصواتنا ليصير صوتًا واحدًا قويًا لنطلب المساوة بالكلب الأوروبى!! أسماء عايد مصرية مقيمة بإيطاليا [email protected]