تبدأ محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الأسبوع المقبل النظر فى دعوى رفعتها السيدة رقية محمد أنور السادات على وزير الإعلام بحكم موقعه وعلى صناع فيلم أمريكى اسمه I Love You, Man. فى هذا الفيلم الكوميدى نرى بطل الفيلم مصطحباً كلبه الجميل يسير فى الشارع مع أحد أصدقائه عندما يدور بينهما هذا الحوار: * .. إنه أجمل كلب فى العالم! + نعم، هو كذلك. ما اسمه؟ * أنور السادات – على اسم أنور السادات الرئيس المصرى سابقاً. + وهل هذا لأنك معجب بسياساته؟ * كلا، بل لأنهما متشابهان تماماً! فى تناقض صارخ بين ثقافتنا وثقافتهم، يرى الغربيون هذا المشهد فيشهقون إعجاباً ونراه نحن فنقول: «اتفووو»، ولا يشفع لهم أنه يأتى فى سياق محبب يبدأ بأنه «أجمل كلب فى العالم» وأن للغربيين علاقة حميمة بالحيوانات عموماً وبالكلاب خصوصاً تقوم على الاحترام والمودة، وأن فى هذا اعترافاً بالشعبية الطاغية للرئيس الراحل فى الغرب تفوق كثيراً شعبيته لدينا وتدخل بذلك فى إطار التكريم أكثر من أى شىء آخر. الطريف أنه أثناء لقاء تليفزيونى جمعنى بها قبل أيام، ويذاع قريباً على قناة «أو تى فى»، لم تكن السيدة رقية السادات تعلم أن الفيلم حين وصل إلينا قبل عرضه لم يكن يحتوى أساساً على هذا المشهد وفقاً لتصريحات على أبوشادى المسؤول الأول عن الرقابة السينمائية، وهو ما يدل على أن لدى أصحاب الفيلم تقديراً واحتراماً للفوارق الثقافية وأنهم تطوعوا – مقتنعين أو غير مقتنعين – بحذفه. وهو ما حدا بكبرى بنات الرئيس إلى الإعلان فجأة أمام الكاميرا عن أنها ستنقل المعركة إذن إلى محاكم الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها. حين يحدث هذا سأضع يدى على قلبى وسأحاول، قدر ما تسمح به متطلبات العمل الصحفى، أن أتجنب المتابعة الإعلامية الغربية لخبر كهذا وتعليقات قرائها على المواقع الإلكترونية. ذلك أن لقضية كهذه جانبين فى منتهى الأهمية من وجهة نظر الغرب ومن يفهمون الغرب: فأولاً، حق التعبير عن الرأى والإبداع الحر حق مقدس دفع الغربيون دماءهم حتى استطاعوا أن يقتنصوه من بين أنياب السلطة، إلى حد أنك إذا لم تستطع أن تثبت بالدليل القاطع سوء النية فستكون دماؤك أنت قرباناً إضافياً لترسيخ هذا الحق. ورغم أن أحداً لا يستطيع أن يحرمها من حق الدفاع عن أبيها إذا رأت ذلك ضرورياً، فإن السيدة رقية السادات لا تخدم موقفها كثيراً حين تبدو دائماً فى صورة الذى يمسك عصا ولسان حاله: «اللى هايقرب من أبويا هاديله على دماغه». وثانياً، يثير ما يظن البعض أنه موقف قاطع من جانب الإسلام تجاه الكلب كحيوان يُعتقد أنه نجس حفيظة الغربيين بصورة لافتة للنظر، يستخدمها البعض لطعن رونق الإسلام نفسه. ولأن جميع الأطباء البيطريين الذين سألناهم، من الشرق ومن الغرب، يؤكدون أن لعاب الإنسان يحمل من الميكروبات ما قد يزيد على ما يحمله لعاب الكلب، وأن عضة الإنسان تكون فى أحيان كثيرة أخطر صحياً من عضة الكلب، فقد وجدنا أيضاً أن الرسول (ص) رد على سؤال لعُديّ بن حاتم حول شرعية استخدام الكلاب فى الصيد، فقال: «كُلْ مما أمسكن عليك»، أى أن ما تمسكه الكلاب حلال. فماذا لو قامت الكلاب بقتل الفريسة؟ قال الرسول (ص): «وإن قتلت». فماذا إذن لو أكلت الكلاب جانباً من الفريسة؟ قال الرسول (ص): «وإن أكلت». وأخيراً، سيكون على السيدة رقية السادات وهى تقدم على خطوة كهذه أن تتذكر أنها ساهمت، حتى الآن دون أن تدرى، فى رفع عائدات الفيلم إلى 71 مليون دولار وأن مئات الآلاف من تعليقات القراء الغاضبين تملأ الإنترنت، تقول سيدة أمريكية فى أحدها: «باعتبارى صاحبة كلب فإننى أشعر بالإهانة وأفكر جيداً فى رفع قضية على رقية السادات».