أكد عدد من الخبراء والسياسيين أن لجوء الدولة لهذا الأسلوب مع أحد كبار القضاة، هو أمر «مستغرب وغير مفهوم»، ويدل على رغبة لدى بعض النخبة الحاكمة فى عدم وجود نموذج «محترم» فى أى مجال، مشددين على أن الديمقراطية هى الحل للخروج من الأزمة التى يعيشها المجتمع حاليًا. وقال الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: نحن أمام رجل يدفع ثمن احترامه لنفسه وحرصه على وطنه، ولم أشعر أننى أمام معارض ثورى أو راديكالى، ولكنه «البسطويسى» شخص احترم وظيفته كقاض أسندت إليه مهمة الإشراف على الانتخابات وأدى مهمته بالشكل الصحيح. وأضاف الشوبكى: «المفارقة هنا أن تأتى مثل تلك المضايقات للمستشار البسطويسى، فهى تعبر عن ضيق أفق من النظام، لأن هذا الرجل ليس زعيم حزب أو منافسًا»، معربًا عن أسفه من أن «الحسابات الضيقة هى التى سادت فى مصر مؤخرًا دون مبرر، فنجد البعض لا يرتاح ويرتاب من وجود نماذج محترمة على جيمع المستويات سواء كأحمد زويل وغيره، ويريد أن يظل المسرح خاليًا من تلك النماذج المحترمة». واعتبر النائب المستقل مصطفى بكرى أن القضية الأهم فى كلام المستشار البسطويسى، هى أن البلد أصبح طاردًا لأبنائه الذين يهاجرون قسرًا، بعد أن يشعروا بالغربة فى وطنهم، و«ذلك بالتأكيد ليس بسبب شعورهم بالدونية ولكن لإحساسهم بالظلم»، مشيرًا إلى أن «فئة النخبة بالتحديد عندما تطالب بحقها تقوم الدنيا عليهم، فكل جريمة مستشار بوزن هشام البسطويسى أنه طالب بقضاء مستقل». وقال بكرى إنه يختلف مع البسطويسى فى رحيله عن مصر، موضحًا: رغم كل الظروف التى ذكرها وعلى الرغم من علمى بالظروف المادية الصعبة التى تكلم عنها بكل جرأة، إلا أننا كنا نأمل أن يظل بيننا ولا يرحل لأن هذا البلد بلدنا نحن. وأضاف: الوقائع التى سردها أتمنى أن تكون محل نقاش بين النخبة المصرية لأننا نريد وطنًا نشعر فيه بالأمان وأننا شركاء من حقنا أن نكون جزءًا من تقرير مصيره، ولكننا للأسف نصطدم بخلط السلطة بالثروة وكأن الوطن لم ينجب سواهم ولم ينجب غيورين غيرهم لبناء الوطن بعد أن لحقته أوجه التخريب والفساد الإدارى والاحتقار للسلطة. وقال النائب حمدى حسن، عضو كتلة الإخوان البرلمانية، إن ما تعرض له البسطويسى هو محاولات من جانب النظام لإفساده وكسر إرادته ووطنيته، ومن المعروف أن الطغاة والظالمين هم فقط الذين يحاولون إفساد القضاة. وأضاف: «للأسف الشديد الفساد طال القضاة بعدم احترام أحكامهم، فعندما يصدر حكم بالإفراج عن معتقلين، وتصدر وزارة الداخلية قرارات اعتقال فور صدور الحكم ولا يتم تنفيذه وتصبح شريعة الغاب هى السائدة، يكون الحل هو تغيير النظام الفاسد، وأن يطالب الشعب بحقه فى العيش بحرية وديمقراطية وأن تصبح الانتخابات حرة ونزيهة وتأتى بالأفراد الذين انتخبهم، ولكن للأسف الحكومة لا تعطى أى أهمية للشعب وتنجح من تشاء، وتسقط من تريد. وأشار الدكتور جمال زهران، عضو مجلس الشعب «مستقل»، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إلى أن الحل الوحيد للخروج من جميع أزماتنا سواء بأن يكون القضاء مستقلاً أو أى مشكلة أخرى هو الديمقراطية والصندوق الانتخابى، وتكافؤ الفرص، وأن يكون المعيار لاختيار المناصب القيادية هو الكفاءة وليس معايير أخرى، لافتًا إلى أن مصر فقدت وتأخرت كثيرًا بفقدها طريق الديمقراطية. وقال زهران: نحن نجد فريقين فى العديد من الفئات، أحدهما يحابى الحكومة ويسعى إلى منصب أعلى فنجده يقدم القرابين للسلطة طمعًا فى منصب وزير أو محافظ، الفريق الآخر يتخذ مواقف مستقلة لصالح الشعب والوطن، وهذا الأمر موجود بين القضاة فهناك فئة تعى أهمية استقلال القضاء، وشعرت الحكومة بالخطر نحوها واتخذت خطوات تنكيلية بأفرادها، بينما هناك فئة أخرى توالى السلطان.