عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    مع تطبيق الزيادة الجديدة.. كيفية الاستعلام عن المعاش 2025 بالاسم    رسميًا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 26 يونيو 2025    مروة عبد الجواد: الإنسان يتحرك داخل قفص تاريخه الرقمي في زمن الذكاء الاصطناعي    ماهر فرغلي: هناك تكتم إعلامي بشأن حادث تفجير كنيسة مار إلياس بسوريا(فيديو)    عاجل-أبو عبيدة: جنائز جنود الاحتلال ستصبح حدثا يدرس في كتب تاريخ العالم    الاستخبارات الأمريكية: المنشآت النووية الإيرانية تم تدميرها بشكل كامل    ضياء رشوان: إسرائيل أقنعت ترامب بضرب إيران لكن الواقع خالف التوقعات    ضياء رشوان: إيران وأمريكا لم تعودا خصمين    «مثل الكلبة».. ترامب يدعو لطرد صحافية من «CNN» بسبب تقاريرها حول حجم دمار المنشآت النووية الإيرانية    كأس العالم للأندية.. صن داونز يكتفي بالتعادل ويودع البطولة من دور المجموعات    كريم رمزي: مروان عطية تحامل على نفسه في المونديال لهذا السبب    مصطفى نجم: الزمالك يسير بخطى ثابتة نحو استقرار كروي شامل    نبيل الكوكي يقود المران الأول للمصري استعداداً للموسم الجديد    مدرب العين: لا بديل عن الفوز على الوداد المغربي في مونديال الأندية    «قالي لو هاخد ملايين مش هلعب في الأهلي.. كفاية اللي اتعرضتله».. طاهر أبوزيد يكشف سرًا صادمًا عن أبوتريكة    قائمة الزمالك ..الأولى وموقف رباعي الفريق (تفاصيل)    «الطقس× اسبوع».. حار إلى شديد الحرارة رطب نهارًا يتخلله رياح نشطة وشبورة مائية بالمحافظات    حادث تصادم..وفاة وإصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة بالمنيا    عاجل- هل حررت مها الصغير محضرًا رسميًا ضد طليقها أحمد السقا؟ (تفاصيل)    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    السيطرة على حريق فى مسجد بالدقهلية.. والمعاينة الأولية: ماس كهربائى    خبير ذكاء اصطناعي: التكنولوجيا تحولت لسلاح رقمي لنشر الفوضى واستهداف الدول العربية    ابنة وزير شؤون مجلس الشورى الأسبق تكشف تفاصيل مشكلة بشأن ميراث والدها.. ومحامية تعلق    محمد رمضان: رفضت عرضًا ب 4 ملايين دولار في الدراما علشان فيلم «أسد» (فيديو)    بعد الانفصال... وليد سامي يستعد لطرح أغنية "أحلام بسيطة"    براد بيت يكشف الكواليس: لماذا تنحى تارانتينو عن الإخراج وتولى ديفيد فينشر مهمة "مغامرات كليف بوث"؟    د.حماد عبدالله يكتب: الإهتمام "بالتراكم "المعرفى !!    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    4 أبراج «عارفين كويس همّ بيعملوا إيه».. غامضون لا يحتاجون إلى نصيحة وقراراتهم غالبًا صائبة    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    «التأمين الصحي» توقع بروتوكول تعاون مع «إيفا فارما» لتعزيز التحول الرقمي في خدمات رعاية المرضى    محافظ الغربية يشهد احتفالية رأس السنة الهجرية بالمسجد الأحمدي بطنطا.. صور    توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للرعاية الصحية واتحاد شركات التأمين المصرية    محمد فريد: التحول الرقمي محور رئيسي لتعزيز دور القطاع المالي غير المصرفي في تحقيق الشمول التأميني والاستثماري والتمويلي    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة العلاقات الحكومية برئاسة عبدالظاهر    أبو عبيدة: جنائز وجثث جنود الجيش الإسرائيلي ستصبح حدثًا دائمًا ما دام استمر العدوان ضد شعبنا    عمرو دياب يحتل "إكس" في نصف ساعة .. و"ابتدينا" كلمة السر    ترامب يهاجم أول من نشر التقييم الاستخباراتي بشأن إيران.. ويطالب بطردها    النيابة العامة بالمنيا تقرر تشريح جثة مدير المخلفات الصلبة بالمحافظة    الكنيسة والفقراء في قلب الحوار اللاهوتي والاجتماعي.. مؤتمر بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    محافظ بورسعيد يكشف سبب ارتفاع الحد الأدنى للقبول بالصف الأول الثانوي    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    «يومين في يوليو».. «المحامين» تعلن موعد الإضراب العام اعتراضًا على الرسوم القضائية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    حتى 29 يونيو.. عروض مسرحية النداهة ضمن الموسم المسرحي بالوادي الجديد    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور يوسف بطرس غالى: «هوّ مش من حق الوزير يصيّف ويقضى يومين يفصل فيهم؟»

فى الجزء الثانى من حديثه معنا، واصل دكتور يوسف بطرس غالى استرساله فى الحديث دون فقدٍ لحرص واضح، يستمع لك جيداً، مانحاً إياك نظرة ثاقبة لكشف حقيقة سؤالك، مؤكداً أنه لا يهتم بمانشيتات الصحف، لأنها بالنسبة للإعلام «أكل عيش»، والدليل- كما يقول- أن السيئ فقط هو ما يحتل صدارة الصفحات الأولى، أما الجيد فلا مجال للحديث عنه إلا فى سياق غيره من الأحاديث، إن وُجدت.
يحكى عن رجال الأعمال و«تسقيع» الأراضى، وكيف أن كل ما أصدره من قوانين لم تخلُ من مواءمات سياسية لتسيير الأمور، رافضاً أن يكون قد شعر فى يوم من الأيام بكونه مسيحياً، قائلاً: «إذا ظلمنى أحد فهذا ليس لأننى مسيحى ولكن لأنه بلا ضمير».
ولا ينسى أن يقول لك إنه يرى مصر بعد عشر سنوات كإيطاليا الآن، ولكن بشروط.. فإليكم الجزء الثانى من حوار دكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية، رئيس لجنة السياسات المالية والنقدية بصندوق النقد الدولى، الذى بادرنا الحديث قبل أن نسأله قائلاً: «يتمتع كل المسؤولين فى أى دولة فى العالم بحق الإجازة الرسمية للحكومة، بمن فيهم رئيس الوزراء.. يغلقون (الدكان) وينعمون بإجازة، إلا فى مصر فالإجازة للمسؤول (كُفْر)، وما إن تعلم الصحف أن الوزير سافر فى إجازة للمصيف، حتى يخرج رسامو الكاريكاتير برسومات للوزراء على الشاطئ وكأنهم ضُبطوا متلبسين بارتكاب جريمة!! ،
وما قدمت على إجازة لرئيس الوزراء إلا جاءنى بعد يومين أو ثلاثة استدعاء يقطعها.. «هوّ مش من حق الوزير يصيّف ويقضى يومين يفصل فيهم؟».
■ قد يكون مبرر المصريين فى انتقادهم إجازات الوزراء أنهم يشعرون بسوء مستوى الخدمات وأن الحكومة تصيّف طول العام؟
- هذا غير حقيقى، والوزير بشر ومن حقه الإجازة، تشرشل رئيس وزراء بريطانيا وقت الحرب العالمية الثانية كان يصر على أخذ إجازة نهاية الأسبوع، الاقتصاد الأمريكى يمر بمرحلة حرجة منذ ما يقرب من عام، وذهبت لأمريكا فلم أجد أحدا من المسؤولين لأنهم فى إجازة. وأقول إن الوزير إذا كان «مدبر نفسه» ويُسيّر العمل فى «الدكان» كما ينبغى فلما لا يحصل على إجازة؟ لو لم تمنح أى موتور راحة سيتعطل.
■ أيهما تفضل: الوزير الفنى أم الوزير السياسى؟
- المعيار هو طبيعة عمل الوزارة نفسها، لو الوزارة تستطيع أن تدير عملها فليكن الوزير السياسى، وإذا كانت الوزارة ليس بها كفاءات أو كوادر تستطيع بها عرض القرار السياسى النهائى فليكن الوزير الفنى.
■ وإلى أى النوعين تنتمى؟
- أنتمى للنوعين، وهذا غصب عنى، فالسياسة تفرض عليك الحلول الوسط، التى تأتى على حساب اكتمال الجانب الفنى. على سبيل المثال، أريد عمل ضريبة وأعرف أنها لا تتم إلا بمعايير واضحة ومحددة، لكن السياسة تفرض علىّ عمل توافيق وتباديل لتسيير الأمور، والنتيجة أنك تأخذ قانون ضريبة أقل كفاءة ولكن سهل بيعها بشكل أفضل.. تماماً كالموتور الذى تعرف أنه بمكونات معينة سيصبح 100%، ولكنك تستبدل قطعة أصلية غالية بأخرى أقل فى السعر، فتسير السيارة ولكن ليس بالكفاءة التى تحلم بها.
■ وأى القوانين التى اتخذتها شعرت أن السياسة طغت فيها على الجانب الفنى؟
- كل القوانين الاقتصادية التى أصدرتها وزارة المالية عملنا فيها تنازلات ومواءمات كى تمر، ومصر ليست الدولة الوحيدة التى تفعل هذا، ولكن باعتبار أننى «صنايعى» أعرف عيب الصنعة التى أمامى، تماماً مثل ميكانيكى السيارات، أعرف وجه القصور فى القانون بمجرد النظر فيه.
■ هل هذا سبب كثرة مواقفك مع البرلمان وأعضائه؟
- مواقفى مع البرلمان أساسها أن هناك قواعد ومبادئ لا يمكن التنازل عنها، وإلا فرغنا القانون من محتواه، وهذا ليس من منطلق أننى حكومة ولكن بصفتى فنياً، فأنا أقدم القانون الاقتصادى للبرلمان بمواصفات معينة وفيه ما فيه من مواءمات سياسية، وأسمع من يعترض دون إدراك منه للقانون ويطلب تغييره، فأرفض.
■ هل تعتقد أن برلماناً به 50% من العمال والفلاحين يستطيع مناقشة قوانين اقتصادية؟
- إلى حد ما، لأننى أُبسط القانون وأشرحه لهم بطريقة سهلة، كما أن النشاط الاقتصادى غريزة بشرية قريبة من ذهن الناس.
■ وماذا عن الخلاف السنوى بينك وبين الجهاز المركزى للمحاسبات؟
- جهاز المحاسبات فى كل دول العالم يراقب الحكومة فى مدى تطبيقها للقوانين المحاسبية والموازنة العامة، وأنها تضع موارد كل بند فى الجانب الخاص به.. فلا يكون عندى ضرائب وأضعها فى بند المنح، أو قروض فى بند الإيراد، كما حدث فى عهد أحد الوزراء السابقين، وأنك لا تتخطى المبالغ التى وافق عليها مجلس الشعب، كل هذا من حق الجهاز، لكن ليس من حق المركزى للمحاسبات أن يقول إن الحكومة تراجع حجم الثقة فيها، أو أن المواطنين غير راضين عن أدائها، أو أن العمل فى وزارة التعليم ينهار، لأنه عندما تقول إن الحكومة فقدت شعبيتها فهذا يعنى أنك قمت بعمل مسح على ما لا يقل عن 2500 أسرة خلال فترة معينة ومقارنتها بنتائج سابقة، عندما تقول إن الصحة تدهورت فيجب أن تعتمد على أرقام وحقائق، ولكن الكلام المرسل لا مكان له فى العمل الحكومى.
■ لكن الجهاز المركزى للمحاسبات كانت له ملاحظات على الأداء المالى للحكومة؟
- نفس الملاحظات تتكرر فى كل عام، هو يرى أن الموارد أقل بكثير من النفقات، وهذا ليس مشكلة كما سبق أن قلت، فلو وضعت الميزانية على أساس أن تكون النفقات على قدر الإيرادات سينهار نصف البلد، ودول العالم كلها تعمل موازناتها بعجز، المنطق فى ميزانيات الدولة أنها لن تغلق غداً، لأنها تعمل للأبد، وفى ظل معدلات النمو العالية تستطيع سداد العجز فى الموازنة خلال 5 أو 6 سنوات. وعندما أقول هذا للسيد رئيس الجهاز يقول لى إن أوروبا حددت الحد الآمن للعجز بنسبة 3%، فأشرح له أن أوروبا تقول هذا فى الوقت الذى يقدر فيه حجم النمو فيها بنحو 2.5%، ولكننا نحقق 7% ولذا لا يجب أن يكون حجم «الفرملة» لدينا مثل أوروبا، ولكنه لا يقتنع.
■ أليس من المفترض أن هناك حدوداً واضحة لتحديد اختصاصات الهيئات فى الدولة؟
- تفسير الجهاز المركزى للمحاسبات لاختصاصاته «مبحبح» بعض الشىء، ويتحدث عن أن القانون طلب منه مراقبة أداء الحكومة، فى حين أن ما يعنيه القانون من أداء الحكومة هو أداؤها المالى.
■ ألم يضايقك أن تنشر الصحف صورتك وقت مناقشة الموازنة الأخيرة فى البرلمان وأنت تلعب على الموبايل؟
- على الإطلاق، فأنا أعرف أن وسائل الإعلام يجب أن «تأكل عيش»، كل واحد يبحث عن رزقه حيثما كان، ورزقكم فى هذه الصورة ومانشيتات الإثارة التى تبحث عن كل سيئ، كما أننى وقت التقاط هذه الصورة كان قد مضى على وجودى فى المجلس لمواصلة مناقشات الموازنة أكثر من 6 أيام، وشعرت أن الناس لا تستشعر نفس درجة المخاوف التى جئت بها، أقول لهم إن العجز سيزيد، والحكومة تتحمله من أجل الحفاظ على محدودى الدخل، ولا أجد أحدا يسألنى: من أين سنوفر هذا العجز؟ ولذا شعرت أننى بحاجة للحظة أخفف بها من حدة التوتر فى نفس الوقت الذى كنت أسمع فيه كل ما يقال حولى.
■ فى رأيك ما سبب تراجع شعبية الحكومة؟
- مدى قبول ورضا الناس عن أى حكومة لا يتحقق نتيجة الإصلاح فى جانب واحد مهما كان هذا الإصلاح، فعندما يكون هناك جانب جيد، وأكثر من جانب متوقف من وجهة نظر الناس، فإن شعبية الحكومة لن تتزايد، بالإضافة إلى أن المصريين لا يعجبهم العجب، لو أنرت لهم أصابعك التسعة شمعاً سيقولون هناك أصبع مازال مظلماً.. وكثير من المسؤولين- وأنا منهم- لا يعرفون كيف يسوّقون لما يقومون به.
■ ألا تتفق معنا فى أن شعبية الحكومة تتحقق بحجم الإنجاز، على سبيل المثال عندما تقول الحكومة إنها أنفقت 6 مليارات جنيه على الصرف الصحى فى الموازنة الماضية وتأتى مشكلة القليوبية ومياه الصرف الصحى المختلطة بمياه الشرب، فكيف يكون لها شعبية؟
- أى قريج تمثل جزء ضئيل من مصر، اسألوا الناس الذين صُرف عليهم مبلغ 6 مليارات جنيه من أجل الصرف، ولتنتهى مشكلتهم معه، ثم إن الحكومة تعترف بأن الصرف الصحى لا يغطى أكثر من 15% من المساحة الكلية لمصر، لأن المتر الواحد من الصرف يتكلف 4000 جنيه، ولذا نعمل على قدر الإمكانيات، ولا نستطيع القول- لوجود حادثة واحدة- إن مصر ليس بها صرف.. لماذا ننظر دائماً للمشاكل من دون معدلات التغير للأفضل؟ هل تعلمون أن لدينا الآن نحو 45 مليون مواطن يستخدمون المحمول، وأن المواطن لم يعد ينتظر حرارة التليفون الأرضى؟ وأن لدينا 2 مليون سيارة خاصة وأن الكهرباء لم تعد تنقطع باستمرار.
■ هناك فارق بين علامات النمو الحقيقية وملامح الإسراف بات يتميز بها الشعب المصرى؟
- نحن نستهين بعقل المواطن، وما تطلقون عليه «فشخرة»، يراه هو حرية شخصية فى الإنفاق، يشترى ما يريد وينفق ما يريد، وأنت لا تملك السيطرة عليه، هذا هو اقتصاد السوق الحرة، وأتعجب ممن يطلبون من المواطن أن يلتزم بأوجه محددة فى الإنفاق، ويطلبون عدم منحه حرية التصرف، ويقولون امنح ولا تمنح.. فى حين أن عقل المواطن حامل الهاتف المحمول هو الذى يشغل البلد.. ولا يوجد فى الإنفاق شىء اسمه منطق وقواعد.. كل مواطن حر، انقضى عهد النظم الاشتراكية، والدولة لن تحدد للمواطن ماذا يأكل وكيف ينفق.
■ هل يعنى هذا أنك ضد سياسة الدعم التى تحدد للمواطن مقننات تعينه على الحياة؟
- بالطبع لا، لأن الدعم قضية أخرى ووسيلة تعين بها الدولة مواطنيها من محدودى الدخل.
■ لكن هناك مواطنين لا يستحقون الدعم ورغم هذا يحصلون عليه؟
- هذا خطأ الحكومة وليس خطأ الدعم، نحن بحاجة لإعادة توجيه الدعم.. لا يوجد مواطن تمنحه شيئاً مجاناً ويقول لك «لا أريده»، ولا يوجد مواطن يحصل على خدمة مجانا ويصمت حين تسحبها منه، سواء كان يستحقها أو لا يستحقها. العيب فينا لأنه ولسنوات طويلة لم نبذل مجهودا للتعرف على الفقير ومواصفاته ومكان تواجده واحتياجاته، تماما مثل البندقية الخرطوش فعندما تضرب تفرش لمساحة كبيرة، فتصيب الهدف وما حوله، هكذا الدعم بات يصل لناس لا تحتاجه ضمن هدف رئيسى هو منح الفقير المساعدة.. هل تعلمون أن كل جنيه نضعه فى الدعم، يذهب منه 60 قرشا لأفراد لا يستحقونه، و40 قرشا فقط تذهب للفقير. لماذا أحصل أنا كأستاذ جامعة على بطاقة تموين لم أكن بحاجة لها؟ نحاول تصحيح الخطأ الآن عبر عمل مسح لكل مصر. ونفكر فى عمل كارت تموين لنحو 12 مليون بطاقة. سنحدد للمواطن السلع التى سيأخذها للحد من تسرب السلع، كما أنه من الممكن أن يصرف بهذه البطاقة من أى ماكينة صرف آلى تقبض حق السلع نقودا.
■ هل ستعيد النظر فى الدعم على البنزين؟
- البنزين قصة مختلفة، فهو لا يدخل فى الصناعة، هو فقط وقود للسيارات الخاصة، وليس للنقل الجماعى التى تستخدم السولار، فإذا كان لدينا 4.5 مليون مركبة فى مصر، من بينها 2 مليون سيارة ملاكى، تخدم نحو 10 ملايين بنى آدم، فيكون لدينا نحو 70 مليون مواطن لا يملكون سيارة ويتعاملون مع المواصلات، ورغم هذا يحصل الملايين العشرة على دعم بنزين 12 مليار جنيه، أرى أنهم ليسوا فى حاجة حقيقية له، ولكننى لا أستطيع إلغاء الدعم عن البنزين الآن.
■ لماذا.. هل تخشى الحكومة إلغاء الدعم عن البنزين؟
- ليست عملية خوف ولكنها مواءمات، لأنه لا يعقل أن يكون فى ظل أزمة عالمية وترفع الدعم عن البنزين حتى لو أن هذا السعر لا يؤثر إلا على الذى يستهلكه لأنه يعطى الانطباع لدى فئات أخرى فى المجتمع برفع سعر السلع الأخرى، وهذا غير ممكن فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. فأى زيادة فى سعر البنزين تولد سلوكا دفاعيا لدى التاجر إما بحجب السلعة وتوقف حركة البيع والشراء، وإما برفع السعر لمواجهة أى نقص فى ربحيته.
■ لا غبار على سياسة السوق الحرة، وتحرير الاقتصاد من كل القيود ولكن هل يعنى هذا غياب الرقابة على الأسعار فى السوق بدون أى رقابة من الدولة؟
- الرقابة غير مجدية، لأن المسألة عرض وطلب، ولكننى كحكومة أضمن للمجتمع عدم رفع السعر بطريقة غير مبررة أو ممارسة أى سلوك احتكارى، لأننى لو تدخلت فى السعر من الممكن اختفاء السلعة فى اليوم التالى فيتضاعف السعر.. لا يمكن للدولة أن تتدخل فى كل أسعار السلع لتخفيضها.
■ فى تصورك هل أعطى القطاع الخاص مصر كما أخذ منها؟
■ وماذا أخذ القطاع الخاص؟
- أخذ أعمالاً كانت تقوم بها الحكومة، وإعفاءات وامتيازات وتسهيلات.
- لقد ألغيت الإعفاءات عام 2005، وباستثناء من أخذوا قروضا وهربوا بها للخارج، تحمّل القطاع الخاص مخاطر الاستثمار فى مصر، أخذ أراضى ولكنه لم يهرب بها، لم يأخذ تلك الأراضى من نصيبك كمواطن ولم يسرقها.
■ ألا تتفق معنا أن شراء قطع الأراضى و«تسقيعها» فى مصر لا يعتمد على المهارة وبُعد الرؤية بمفردهما، وأنه يعتمد إلى حد ما على الفساد الحكومى؟
- هذه مشكلة الحكومة لو فعلت، وليست مشكلة القطاع الخاص لأنه سعى وراء شراء أراض بعيدة عن الزحام العمرانى.. فالقطاع الخاص فى أى مجتمع يعمل ويوفر فرص عمل للآخرين، وهذا فى مصلحة الاقتصاد بوجه عام، هناك منهم من لا ضمير له كما يحدث فى أى مهنة، كما أن القطاع الخاص ليس الأسماء الكبيرة وحسب، لكن هناك أيضاً صاحب محل الفول الصغير، والمغسلة والمكتبة، يمثلون هم أيضاً القطاع الخاص.. مصلحة كبار الممولين فيها 2500 عميل يدفعون 70% من قيمة الضرائب السنوية، ورغم ذلك هؤلاء ليسوا القطاع الخاص بمفردهم، فلا يشترط فى القطاع الخاص أن يكون ممسكاً بسيجار فى يده ويتحدث فى الاستيراد والتصدير، أى عمل حر يمنح وظيفة ويدر دخلا يعتبر قطاعا خاصا.
■ على الرغم من زيادة معدلات الادخار فى البنوك التى تقدر بنحو 807 مليارات جنيه، وزيادة معدلات الاستهلاك فإن المصريين دائمو الشكوى من الفقر.. فى اعتقادك لماذا؟
- هذه ملامح لا تعبر عن المصريين فقط، ولكنها تعبر عن أى شعب يعيش فى دولة نامية، كلما فتحت أمامه مجالات جديدة طلب أكثر، هكذا يعيش الناس فى دول أمريكا اللاتينية والهند وغيرها من الدول النامية.
■ ألم تسبقنا الهند يا معالى الوزير فى الكثير من المؤشرات الاقتصادية؟
- فى المؤشرات هى أقل منا، ولكن هناك فئة من المليار بنى آدم تقدر بنحو 250 مليونا دخلوا فى العالم المتقدم، أما باقى السكان فيعيشون فى «العالم الآخر»، ففى الهند جزر متقدمة وسبقتنا مثل «بومباى» و«كالكتا»، لأنهم أخذوا مبدأ ثقافة الجودة حتى لو حصل عليها عدد ضئيل، والنتيجة أن المجموعة القليلة هى التى تشد المجتمع كله الآن للأمام.. نحن كمصريين بحاجة لاكتساب ثقافة النجاح والطموح والتطلعات العالية، وفلسفة النجاح تنمو مع ارتفاع معدلات النمو ومع ظهور قطاع خاص يعمل ويستثمر.. لا نعانى كشعب من عيوب خلقية، ولكن يلزمنا ثقافة احترام القانون، والالتزام بالمبادئ الأساسية لآليات السوق، والاجتهاد، على سبيل المثال أنا أتعجب ممن يصفنى بسرعة البديهة، هذا ليس صحيحا أنا فقط أعمل لساعات طويلة وأذاكر ما لدىّ كثيرا لأستوعبه وهو درس تعلمته من أستاذى الأمريكى الذى أشرف على رسالة الدكتوراه، كان يقول لى إن 99% من النجاح جهد متواصل، و1% موهبة.
■ كيف ترى مصر بعد عشر سنوات من الآن؟
- أراها مثل إيطاليا اليوم، وهذا لا يعتمد فقط على الإجراءات الاقتصادية، ولكنه يحتاج مجموعة من الآليات التى يجب توافرها، أهمها الإسراع فى الإصلاح، وتطوير التعليم بشكل حقيقى، وتوفير خدمة صحية على أعلى مستوى. المجتمع كله يجب أن يعمل ويتبنى فكر النظام المؤسسى الذى يضمن استمرار النمو والعمل فى ظل قواعد ثابتة مهما تغير الأشخاص. لو وفرنا كل هذا أتوقع أن يتجه الاقتصاد لمعدلات أعلى فى النمو، فالأزمة الاقتصادية على وشك الانفراج، أمريكا ترفع الآن نفسها بعد أن وصلت توقعات نموهم لنحو 2.5%، أملى أن نقفز فى مصر فوق حاجز نمو ال7 أو 8%.
■ على المستوى الشخصى هل عانيت كمسيحى فى مصر؟
- إطلاقاً، ولو ظلمنى إنسان فهذا لأنه بلا ضمير، لم أتوقف يوما عند ديانة شخص أو ما يؤمن به، أتوقف فقط عند الشخص وسلوكه ومدى إتقانه لعمله وأسلوب تعامله مع الآخرين ولذا لم أتعامل يوماً كمسيحى، لديه إحساس بأنه مختلف فثقافتى مسلمة، أقول «والنبى»، وأستخدم آيات قرآنية وقت اللزوم، وأدافع عن الإسلام فى الخارج.. فكلنا واحد أمام الله ورغم ذلك لا أنفى التخلف من الجانبين، هناك مسيحيون يكرهون المسلمين ومسلمون يعادون المسيحيين.
■ كيف تم اختيارك لرئاسة لجنة السياسات المالية والنقدية بصندوق النقد الدولى؟
- بالإجماع من 185 دولة، وهو ما أسعدنى على المستويين الشخصى والعام، فهو يعنى أن الكفاءة التى أقدمها للصنعة دولية، تباع فى أى مكان.. ولذا لا أخشى الخروج من الوزارة، كما أنه يعنى تواجد مصر على ساحة الخبرات والكفاءات الدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.