توفى أمس رجل الصناعة المشهور يوسف علام فى سويسرا إثر صراع مع المرض، ويعتبر علام رائد الطباعة فى تاريخ مصر الحديث، حيث أصبح أول مصرى يعمل بهذه المهنة ويؤسس شركة وطنية لصناعة الورق، منذ فكر محمد على فى إدخال الطباعة إلى مصر عام 1815، مستنداً إلى ما خلفته الحملة الفرنسية بعد تأسيس مطبعة بولاق. وكان علام قد وضع حجر الأساس لشركته الأولى قبل قيام ثورة يوليو بأربعة أعوام، وظلت لفترة طويلة تلعب منفردة على الساحة الداخلية فى الاستيراد والتسويق المحلى للورق الذى ظل حكراً على الأجانب لأكثر من قرن ونصف القرن، وبعد عقدين تقريباً أصبح يوسف علام أكبر تاجر للورق فى مصر وأفريقيا. ومع اتساع مجالات الاستثمار البكر التى دخلها علام مستنداً على رصيد يحسد عليه فى توريد الخامات وقطع الغيار وتحويل الأوراق وتصنيعها والطباعة الديجيتال، أنشأ عدة مصانع وشركات فى الإسكندرية والعاشر من رمضان والمناطق الصناعية المنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية، وساهم بشكل كبير فى إنقاذ الصحف من التوقف عن الصدور لنفاد رصيدها أثناء الأزمات العالمية وارتفاع أسعار الورق والأحبار. وخلال تجربة صناعية حافلة تجاوزت الستين عاماً، رفض يوسف علام - كواحد من أهم الرأسماليين فى تاريخ الصناعة المصرية - التزواج بين المال والسلطة، وباءت محاولات الكثيرين الذين حاولوا إقناعه بخوض الانتخابات البرلمانية بالفشل، وكان رده على هذه المحاولات دائماً «إنه من رجال الأعمال الذين يفضلون أن يعيشوا فى الظل»، وعندما قررت أكاديمية «هايدلبرج» العالمية للطباعة والتدريب إنشاء مقر إقليمى للطباعة فى الشرق الأوسط، قامت بعمل شراكة مع يوسف علام لتؤسس «أكاديمية علام للطباعة» بمدينة العاشر من رمضان لتكون فى خدمة المؤسسات الصناعية والصحفية والمطابع الكبرى، ولتنقل الطباعة المصرية إلى مرحلة أخرى كان لعلام دور ريادى جديد فيها، وليسدل الستار فى العاصمة السويسرية «برن» على هذه التجربة الصناعية الفريدة.