*لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    من جديد.. "وزارة النقل" تصدر بيانًا صحفيًا بشأن أزمة جريدة فيتو: "لا نستهدف حبس الصحفيين"    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    النفط يتجه لإنهاء خسائر دامت أسبوعين مع ضبابية محادثات أوكرانيا    أسعار البيض اليوم الجمعة 22 أغسطس    جمعية الخبراء: 3 أسباب رئيسية وراء القفزة التاريخية في الحصيلة الضريبية    «المشاط»: العلاقات المصرية اليابانية تقوم على التفاهم المتبادل والالتزام المشترك بتحقيق التنمية    «مدبولي» يشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر طوكيو للتنمية الأفريقية «تيكاد 9»    الرئيس الأوكراني: نحتاج لضمانات أمنية قوية قبل وقف الحرب مع روسيا    الأمم المتحدة: 500 ألف من سكان غزة يواجهون جوعا كارثيا    توتر متصاعد في غزة مع تهديدات إسرائيلية ب "فتح أبواب الجحيم"    زيلينسكي: صمدنا 1276 يوما من الحرب أمام روسيا للحصول على استقلالنا    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    مصدر بالزمالك يكشف موقف محمد شحاتة من لقاء فاركو    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام وست هام يونايتد.. بيدرو يقود الهجوم    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    نجم الزمالك السابق: ألفينا يذكرني ب دوجلاس كوستا    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    رفع 37 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال 24 ساعة    «الأرصاد» تكشف حالة طقس غدًا السبت |إنفوجراف    الداخلية تكشف تفاصيل اقتحام منزل والتعدي على أسرة بالغربية    انقلاب سيارة ربع نقل على طريق أسيوط الصحراوي يصيب 6 أشخاص بالفيوم    محمد رمضان يساند أنغام ويهديها أغنية على مسرح بيروت    ثائرٌ يكتُب    مصر تكتشف مدينة أثرية كاملة تحت الماء    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    وزير الثقافة يستقبل وفد الموهوبين ببرنامج «اكتشاف الأبطال» من قرى «حياة كريمة»    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    للقضاء على قوائم الانتظار.. الانتهاء من 225 عملية متنوعة بمستشفى العريش    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    وزيرة التنمية المحلية تستعرض تقريرًا حول مشروع التنمية العمرانية بمدينة دهب    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    ما الواجب على من فاته أداء الصلاة مدة طويلة؟.. الإفتاء توضح    للرزق وتيسير الأمور.. دعاء يوم الجمعة مستجاب (ردده الآن)    وزير الطيران: مصر من أوائل الدول الداعمة للتعاون في صناعة النقل الجوي    الإسكندرية السينمائي يحتفل بمئوية سعد الدين وهبة ويكرم نخبة من أدباء وشعراء مدينة الثغر    منير أديب يكتب: اختراق أم احتراق الإخوان أمام السفارات المصرية بالخارج؟    روسيا تعتقل عميلين للاستخبارات العسكرية الأوكرانية وتجري مناورات في بحر البلطيق    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    نيوكاسل يطارد المهاجم النرويجي ستراند لارسن.. وولفرهامبتون في معركة للحفاظ على نجم الهجوم    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    النصر يستعيد نجمه قبل نهائي السوبر    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    لاعب الأهلي الأسبق: ديانج لا غنى عنه.. وبن رمضان الصفقة الأفضل    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    فطور خفيف ومغذ لصغارك، طريقة عمل البان كيك    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل البلاد

يتقدم زعيم الحزب بخطواته الواثقة نحو غرفة الاجتماعات، متأبطاً عشرات الأوراق التى سيعرضها على رجال حزبه فى اجتماعهم الأسبوعى! يبادر الساعى بفتح الباب والانحناء لدى دخول الزعيم، ثم يغلقه من خلفه، مشيراً لزميله قبل أن يشرع فى الثرثرة: شششش! الاجتماع بدأ..!
يتخذ الزعيم مكانه على رأس الطاولة، فيما يتحلق حولها نوابه ورفاق كفاحه من قيادات الحزب.. يفتح الجميع ملفاتهم المتخمة بالبرامج والخطط.. كل منهم يطمع فى التصويت لاقتراحه بشأن موضوع الاجتماع المصيرى: مستقبل البلاد وسبل الخروج من أزمتها! يستهل الزعيم كلمته الافتتاحية، بعبارة قاطعة: مستقبل البلاد على المحك، وعلينا أن... وفجأة، يرن جرس هاتفه المحمول.. يتلعثم، يلقى نظرة خاطفة على شاشته، ثم يلقى به إلى سكرتيره الشخصى الذى يجلس إلى جواره متظاهراً بعدم الاكتراث، ليستكمل من بعد ذلك الكلمة..
يتنحى السكرتير جانباً وهو يجيب على المتصل بصوت هامس: (...) أهلاً وسهلاً!! (...) لا، الزعيم مشغول الآن! (...) لا يمكن على الإطلاق، لديه اجتماع مهم! (...) أى تصريحات تلك؟ لم نسمع بها! (...) ابق معى على الخط، سأعرض عليه الأمر!
من جديد، يضطر الزعيم للتوقف عن استعراض التحديات التى تواجه بلاده، إذ يهمس السكرتير فى أذنه: صحفى من محطة تليفزيونية يؤكد أن زعيم الحزب المنافس يدلى الآن على الهواء بتصريحات مضادة لحزبنا، يشكك بها فى ولائنا للشعب!!
ينتفض الزعيم واقفاً، وينتزع الهاتف من السكرتير، ويصيح فيما يبتعد عن طاولة الاجتماعات العريضة: كيف يجترئ على حزبنا العتيق؟ كيف يجسر على انتهاك تاريخنا فى النضال؟ كيف يقدم على المس بوطنيتنا؟!.. كان المجتمعون قد توقفوا عن التقليب فى أوراقهم، ليتابعوا فى ترقب ثورة الزعيم..
يسود الصمت لحظة، والزعيم مازال متشبثاً بالهاتف، قبل أن يندفع مستفسراً من الصحفى بغضب: أنا وهو على الهواء الآن؟ وما أن يأتيه الرد فيما بدا للحاضرين بالإيجاب، حتى ينبرى مجدداً فى كيل الاتهامات لزعيم الحزب المنافس، والهجوم عليه، والنيل منه.. يستعرض الزعيم بفخر ماضى حزبه، والمعارك التى خاضها ضد الاستعمار، والانتفاضات الشعبية التى قادها وحقق بها الأمجاد... ثم يستنكر على الحزب المنافس كونه وليداً، تنقصه الحنكة السياسية، وتستقطب شعاراته الحماسية صغار السن فقط...
يخرج الزعيم من الغرفة ليواصل اشتباكه مع منافسه الشاب عبر القناة الفضائية فى الردهة المهيبة، أمام عينى الساعى الحائرتين... أما السكرتير الذى تسمر فى مكانه منذ بدأت ثورة رئيسه فيتناول الريموت كنترول، ويضغط على الزر رقم واحد، وهو يصوبه باتجاه جهاز التليفزيون الضخم، لتظهر الشاشة وقد انشطرت لنصفين، على أحدهما صورة الزعيم بكوفيته التقليدية، وعلى الآخر صورة منافسه بلحيته الكثة..
وتمضى ساعة على الحديث الهاتفى المذاع، وقيادات الحزب لا يغادرون مقاعدهم كما لو كانوا فى دار لعرض الأفلام الإباحية.. فبعضهم يجفف عرقه، والآخر يبل ريقه برشفة ماء، وكلما ألقى المذيع بسؤال ماكر على الزعيم، يبالغ الجميع فى الإصغاء، ثم يهتفون ويصفقون بعد أن يدلى زعيمهم بالإجابة الشافية، وكأنه أحرز هدفاً فى مباراة...
ينتهى البرنامج، ويشكر المذيع ضيفيه اللذيْن كثيراً ما يلتقيان على وسائل الإعلام، لكنهما لم يجتمعا فى غرفة واحدة منذ سنوات.. يردد المذيع شعار القناة الشهير بسعادة، ثم يختم البرنامج، تاركاً جمهوره فى غرفة الاجتماعات مستغرقاً فى تجهيز عبارات المديح التى سيستقبل بها زعيمه..
تمضى دقائق، نصف ساعة، ساعة.. ولا يعود الزعيم إلى الاجتماع الخطير.. ومازال معاونوه مرابطين حول الطاولة، يمتنعون حتى عن تبادل الرأى فى المقابلة أو جدول أعمال الاجتماع انتظاراً لعودة الزعيم.. لكن الزعيم لا يعود...
يخرج السكرتير باحثاً عن رئيسه، يصادف الساعى، يسأله: أين الزعيم؟ يرفع الساعى حاجبيه، ويخفض جفنيه، ويقول: ماعرفش! لقد ظل يصيح فى الهاتف وهو يسير على غير هدى، حتى خرج من مبنى الحزب..!!
يسارع السكرتير بالاتصال بالزعيم، متحدثاً إليه بنبرة خافتة كعادته.. وبعد لحظات ينهى المكالمة، ويعود أدراجه إلى غرفة الاجتماعات.. يفتح الباب على مصراعيه، ويهتف فى المجتمعين: لقد ألغى الاجتماع... يقفز الرجال من مقاعدهم، ويسألونه بصوت واحد: لماذا؟ فيجيب، مجاهداً ابتسامة: الزعيم نسى نفسه! وظل يسير وهو يتحدث للقناة التليفزيونية، حتى وصل إلى منزله!!
يتطوع أحدهم بسؤاله: وماذا عن مستقبل البلاد؟ فيرد السكرتير بهدوء: سنناقشه الأسبوع المقبل، أو الذى يليه...
أما الساعى فينظر إلى زميله ملياً... لكنهما لا يجرآن على التعليق!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.