ليبرمان يتعهد بالتنحى من «الخارجية» إذا ثبت اتهامه بالفساد وتلقيه رشاوى.. والشرطة تؤكد كفاية الأدلة

تعيش إسرائيل فى الوقت الراهن حالة من الترقب والقلق فى إطار الاتهامات الموجهة لوزير الخارجية المتطرف أفجيدور ليبرمان بالفساد وتلقى رشاوى تقدر بملايين الدولارات، حيث يواجه الائتلاف الحكومى الذى يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أزمة جديدة باحتمال استقالة ليبرمان وانسحاب حزبه «إسرائيل بيتنا» من الحكومة، فيما تعهد الوزير ليبرمان بالاستقالة من منصبه إذا وجهت إليه اتهامات بالفساد، إلا أنه وفى نبرة تحد أعرب عن ثقته بأن ذلك لن يحدث وأنه سيبقى وزيرا للخارجية ورئيسا لحزبه خلال العام أو العامين المقبلين.
وفى إطار الاتهامات التى وجهتها الشرطة الإسرائيلية إلى ليبرمان وتأكيدها وجود ما يكفى من الأدلة لتقديم لائحة اتهام ضده بشأن تلقى الرشوة وإساءة الائتمان وتشويش سير العدالة ومضايقة شاهد وارتكاب مخالفات تتعلق بغسيل الأموال، عبرت مصادر فى الحكومة الإسرائيلية عن قلقها على حكومة نتنياهو الائتلافية فى ظل تنامى المخاوف من احتمالات استقالة ليبرمان وخروج حزبه من الائتلاف الحاكم ثانى أكبر الأحزاب فى الكنيست.
وقال ليبرمان أمس إن «قرار المستشار القانونى للحكومة هو المهم، وإذا قرر توجيه التهمة بعد الاستماع إلى فإننى سأستقيل وسأتخلى خلال الأربعة أو الخمسة أشهر المقبلة عن عضويتى كنائب فى الكنيست»، إلا أنه أكد أنه واثق بأن حزبه «إسرائيل بيتنا» سيفوز فى الانتخابات المقبلة بأكثر من 20 مقعدا فى الكنيست. وأبدى ليبرمان ارتياحه لانتهاء التحقيق الذى أجرته الشرطة فى هذه القضية، وقال «إنه لا يندم على كل ما فعله بل إنه كان سيفعل الشىء نفسه لو أتيحت له فرصة ثانية».
وبدورها،أكدت مصادر الشرطية قالت لصحيفة «هاآرتس» أن تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان مرهون بموافقة النيابة العامة التى قد تطلب استكمال التحريات ومن ثم قد يؤجل تحويل ليبرمان للمحاكمة 3 شهور أخرى. لكن مصادر فى مكتب المستشار القانونى للحكومة، قالت للصحيفة نفسها، إن المستشار القانونى مينى مازوز الذى ينهى فترة خدمته فى شهر يناير المقبل، يميل لتقديم لائحة الاتهام قبل خروجه من منصبه. ولا يفضل أن يترك هذه القضية الملتهبة للمستشار القانونى القادم خلفه.
وحول تداعيات فضيحة الفساد الموجهة إلى ليبرمان وتداعياتها على مستقبل الحكومة الإسرائيلية، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن لائحة الاتهامات التى قدمتها الشرطة إلى ليبرمان طرحت مجددا مسألة مستقبل حكومة بنيامين نتنياهو، حيث نص الاتفاق الائتلافى بين حزبى الليكود و»إسرائيل بيتنا» يقضى بأنه فى حالة تحويل ليبرمان للمحاكمة فى قضايا فساد، فإن ليبرمان هو الوحيد الذى له الحق فى تسمية اسم وزير الخارجية الذى يحل محله.
وفى هذا الإطار، نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية عن مصدر وثيق الصلة برئيس الوزراء الاسرائيلى قوله إنه فى حال موافقة المدعى العام، مناحيم مازوز، على توصية الشرطة بإدانة ليبرمان، فإنه سيكون بمقدوره أن يقرر من سيخلفه فى منصبه ورجحت مصادر أن يعهد ليبرمان بمنصبه لنائبه دانى ايالون السفير الإسرائيلى السابق لدى الولايات المتحدة، وأن يتم تصعيد وجه نسائى لرئاسة حزب إسرائيل بيتنا فى حالة دخول ليبرمان السجن وهى عضو الكنيست بنيناه كرينشنبوم.
ومن جانبه، قال أحد المقربين من نتنياهو أن حزب إسرائيل بيتنا سيبقى جزءا من الائتلاف الحكومى، وأشار إلى أن ليبرمان غير معنى بإخراج حزبه من هذا الائتلاف، وأن جميع التقديرات تشير إلى أن حزبه لن ينسحب من الحكومة حتى لو لم يكن ليبرمان ضمن تلك الحكومة، بينما نقلت صحيفة «يسرائيل هايوم» عن مصادر سياسية قولها إن: «هناك تقديرات تشير إلى أنه لو اضطر ليبرمان للاستقالة من الحكومة فإن حزبه سيظل فى المرحلة الأولى داخل الائتلاف، وأن يقوم دانى أيالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلى وعضو حزب إسرائيل بيتنا بأعمال الوزير. وقد يشغل نتنياهو المنصب بشكل شخصى، لفترة زمنية محددة حتى يتفق مع ليبرمان على الشخص المناسب لأداء المهمة».
وأشارت الصحيفة إلى أن أوساطا مقربة من بنيامين نتنياهو أوضحت إمكانية انسحاب حزب إسرائيل بيتنا من الحكومة مما يهدد بكسر الائتلاف والذهاب لانتخابات مبكرة. ما لم ينجح نتنياهو فى إقناع حزب كاديما بالتحالف مع الليكود، وتكوين حكومة ائتلافية جديدة تضم الليكود وكاديما والعمل.
وأوضح بعض المراقبين أن نتنياهو قد يستغل «قانون موفاز» الذى يسمح بانسحاب 7 أعضاء من أى حزب وانضمامهم لحزب آخر فى الضغط على تسيبى ليفنى للدخول فى ائتلاف مع الليكود، خوفا من انسحاب نائبها شاؤول موفاز وأعضاء كاديما الموالين له، وانضمامهم لحزب الليكود.
وفى الوقت نفسه،أعلنت النيابة العامة الإسرائيلية أنها ستعطى الأولوية القصوى لمعالجة ملف التحقيق مع ليبرمان حتى تتم إحالته قريبا إلى المستشار القانونى للحكومة وإلى النائب العام.
بينما ذكرت صحيفة «هاآرتس» أن الشرطة أكدت أن لديها أدلة كافية لتوجيه اتهامات إلى محامى ليبرمان يوآف مانى وغيره من الأشخاص الذين لهم صلة بالوزير. وكانت الشرطة رفضت الإفصاح عما إذا كانت أوصت باتهام ابنة ليبرمان ميشال، التى يشتبه فى أن لها ضلع فى تحويل الأموال إلى ليبرمان من خلال الشركة التى تسيطر عليها.
كما أكدت اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التابعة للشرطة أن ليبرمان يشتبه فى إقامته سلسلة من الشركات الصورية وحسابات مصرفية التى سمحت له بالحصول على أكثر من 10 ملايين شيكل، مشيرة إلى أن ملفات التحقيق أحيلت إلى النيابة العامة لتبت فى الأمر، وأن التحقيق فى القضية استمر لأكثر من 10 سنوات وهى واحدة من أطول التحقيقات فى إسرائيل على الإطلاق.