■ أثار اللقاء التاريخى الذى جمع الدكتور صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، ومنوشهر متقى، وزير الخارجية الإيرانى، على هامش قمة عدم الانحياز فى شرم الشيخ فى مصر، غضب وتحفظ إسرائيل التى رأت فيه الفلسطينيين بلا رادع لديهم حينما قرروا لقاء أعداء السلام الأكثر تطرفاً والأكثر عنفاً. اللقاء الذى يعد الأول من نوعه على هذا المستوى منذ عشرات السنين استمر بين وزير الخارجية الإيرانى ورئيس دائرة المفاوضات فى منظمة التحرير نحو ساعة، إلا أن عريقات أكد أنه ليس اللقاء الأول من نوعه، وأنه التقى الرجل فى الأردن فى منتدى دافوس قبل عامين أو فى قمة الرياض العربية وبحضور الرئيس محمود عباس، وربما يكون هذا اللقاء فريداً من نوعه لأن المحادثات بين الرجلين استمرت ساعة كاملة، تناول فيها الطرفان تفاصيل عملية السلام وإلى أين وصلت، والتطورات الإقليمية على نحو أكثر شمولاً وخصوصية، وهو الأمر الذى أغضب إسرائيل، وأثار ردود الفعل المختلفة. وتأتى أهمية اللقاء وخصوصيته، فى ضوء العلاقة المتوترة بين السلطة الفلسطينيةوإيران إلى حد كبير، وتحديداً منذ إنشاء السلطة الفلسطينية بسبب دعم إيران لحركة حماس، ووصل الأمر إلى طلب الرئيس الفلسطينى محمود عباس علناً من الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد الكف عن التدخل فى الشؤون الفلسطينية. وتعتبر السلطة أن إيران تتدخل فى الشؤون الفلسطينية الداخلية من خلال دعمها لحركة حماس، خصوصاً بعد سيطرة الأخيرة على قطاع غزة، وفى الآونة الأخيرة نظمت طهران «فى مارس الماضى» مؤتمراً حول غزة جمع على مدى يومين قيادة حماس وممثلين عن دول المنطقة ومن جنوب أفريقيا ونيجيريا، وقال المرشد الأعلى الإيرانى آية الله على خامنئى فى افتتاح المؤتمر إن «المقاومة هى الطريقة الوحيدة لإنقاذ فلسطين»، واصفاً إسرائيل بأنها «ورم سرطانى» وهى دلالة واضحة على التأييد الإيرانى المطلق لحركة حماس وسياستها، كما التقى الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد خلال زيارة لدمشق فى مايو الماضى قادة الفصائل الفلسطينية، التى تتخذ من العاصمة السورية مقراً لها، ومن بينها حركة حماس، والمعروف عن هذه الفصائل معارضتها القوية لسياسة السلطة الفلسطينية، وبالذات مفاوضاتها مع الاحتلال الإسرائيلى، الأمر الذى يوضح دونما التباس مدى الاقتناع الإيرانى بسياسة المعارضة الفلسطينية، ومحاولة فرض دور إقليمى لها من خلال دعمها للفصائل الفلسطينية المعارضة. فى هذا السياق، ربما جاء انتقاد د. صائب عريقات للدور الإيرانى فى كيفية دعمه للقضية الفلسطينية، حسبما أكد له متقى خلال اللقاء، حينما قال له إن من يدعم القضية لا يقوم بدعم فصائل على حساب فصائل أخرى، فى إشارة إلى دعم إيران لحماس، وزاد عريقات لمتقى: «أنا لا أدعوكم لدعم فتح، بل لدعم القضية الفلسطينية»، وعلى الرغم من هذه التوترات الواضحة بين السلطة الفلسطينية»، وإيران منذ سنوات، فإن السلطة الفلسطينية مازالت تحتفظ بعلاقة دبلوماسية مع إيران منذ سيطرة الثورة الإسلامية على السلطة فى إيران، حيث توجد سفارة فلسطينية وممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية فى طهران، لكن دونما اتصالات على أى مستوى سياسى أو دبلوماسى للأسباب السابقة. وربما اكتسب اللقاء الأخير الذى جمع الدكتور عريقات بوزير الخارجية الإيرانى منوشهر متقى هذه الأهمية، أملاً فى تحسين العلاقة الدبلوماسية بين السلطة وطهران، خاصة فى ضوء تعثر الحوار الفلسطينى برعاية القاهرة والرغبة فى إنجاح المصالحة الفلسطينية الداخلية، لما يوجد لطهران من حضور قوى، وتأثير واضح على حركة حماس، الطرف الأساسى فى الحوار الفلسطينى - الفلسطينى، وربما يكون من ضمن الأسباب عدم رغبة السلطة الفلسطينية فى استعداء طهران فى هذا التوقيت بالذات، حتى لا تستقوى بها حماس وتستغل الخلافات الموجودة فى ظل أوضاع دولية وإقليمية لا تحتمل التدخل فى الشأن الفلسطينى أكثر من ذلك، فإن لم يكن الهدف الرئيسى استقطاب إيران من جانب السلطة، فالهدف الأقرب هو تحييدها فى ذروة الصراع القائم بين حركتى فتح وحماس، وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية الإيرانى بأن إيران مع المصالحة الفلسطينية وأن القضية الفلسطينية لها أولوية بالنسبة لطهران!!