المُفتي يتوجَّه للبرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمي    «تربية بني سويف» تنظم المؤتمر السنوي الأول لقسم الصحة النفسية    لأول مرة بعد التعويم.. دولار الشراء في البنوك تحت 47 جنيها    أسعار الخضروات والفاكهة في أسواق أسيوط اليوم الثلاثاء    «الدلتا الجديدة».. مستقبل الأمن الزراعي المصري    26 مايو.. بدء تسليم الأراضي السكنية المميزة بمدينة أسوان الجديدة    وزير النقل يلتقي سفير النمسا ووفود 9 شركات في قطاعات السكك الحديدية    أونروا: المناطق الداخلية في رفح الفلسطينية تحولت إلى مدينة أشباح    الأونروا: نحو 450 ألف شخص تم تهجيرهم قسرا من رفح    روسيا تعلن تدمير 25 صاروخًا فوق منطقة بيلجورود    مستوطنون يلقون مواد حارقة على مقر "الأونروا" بالقدس    الاتحاد يلتقي سموحة في ديربي سكندري بالدوري    أخبار الأهلي اليوم .. تصرف خاص من كولر قبل التدريبات    «عواصف رملية وترابية».. الأرصاد توضح طقس اليوم    احذر.. الهواء داخل السيارة قد يتسبب في إصابتك بمرض خطير    1695 طالبا وطالبة يؤدون الامتحانات العملية والشفوية ب"تمريض القناة"    اليوم.. «صحة النواب» تناقش موازنة الوزارة للعام المالي 2024-2025    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024    آينتراخت فرانكفورت الألماني يكشف حقيقة خضوع عمر مرموش لعملية جراحية    إطلاق مبادرة «اعرف معاملاتك وأنت في مكانك» لخدمة المواطنين بسفاجا    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة بالقاهرة والجيزة    مليون طالب بالدقهلية يؤدون امتحانات النقل    استراتيجيات الإجابة الصحيحة على أسئلة الاختيار من متعدد لطلاب الثانوية العامة في العام 2024    ضبط 56 بلطجياً وهارباً من المراقبة بالمحافظات    اللمسات النهائية قبل افتتاح الدورة 77 من مهرجان كان السينمائي الدولي    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الثلاثاء 14 مايو    سعر طن الحديد اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في مصر.. كم يبلغ الآن؟    قافلة طبية مجانية لأهالي قرية الجراولة بمطروح.. غدا    طائرات مسيّرة إسرائيلية تطلق النار في حي الجنينة شرقي رفح    جامعة حلوان تستقبل وفدًا من الجامعة الأمريكية بالقاهرة لبحث سبل التعاون    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بنسبة 25%    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    المستشار الألماني يثبط التوقعات بشأن مؤتمر السلام لأوكرانيا    للأطفال الرضع.. الصيادلة: سحب تشغيلتين من هذا الدواء تمهيدا لإعدامهما    زوجة عصام صاصا تكشف مفاجأة عن سر اختفائه (فيديو)    نائب وزير الخارجية الأمريكي: نؤمن بحل سياسي في غزة يحترم حقوق الفلسطينيين    «يهدد بحرب أوسع».. ضابط استخبارات أمريكي يستقيل احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل.. عاجل    ما مواقيت الحج الزمانية؟.. «البحوث الإسلامية» يوضح    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    «زي النهارده».. وفاة الفنان أنور وجدى 14 مايو 1955    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    جائزة الوداع.. مبابي أفضل لاعب في الدوري الفرنسي    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    الخميس.. تقديم أعمال محمد عبدالوهاب ووردة على مسرح أوبرا دمنهور    الأوبرا تختتم عروض "الجمال النائم" على المسرح الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد حسن الزيات

هو وزير خارجية مصر الأسبق، وزوج السيدة أمينة ابنة عميد الأدب العربى «د. طه حسين»، وقد ذكره «مكرم عبيد باشا» فى «الكتاب الأسود» مدعياً حصوله على ترقية غير مستحقة بعد مصاهرته للدكتور «طه حسين» المحسوب فى تلك الفترة على حزب «الوفد» وحكوماته، وهو ابن «دمياط» الذى ينتمى إلى عائلةٍ كبيرة خرج منها عددٌ من المفكرين والسياسيين والأدباء، وقد التقيت به أول مرةٍ فى السفارة المصرية فى «لندن» عندما زارنا وهو وزيرٌ للخارجية قبيل حرب «أكتوبر» 1973، وقد مازحنا جميعاً بقوله: هل تفتقدون «الملوخية» وأنتم هنا فى «لندن»؟!
وهو من أكثر وزراء الخارجية فى تاريخ مصر ثقافةً وعمقاً لأنه أقرب إلى المفكر منه إلى السياسى وأقرب إلى الأستاذ الجامعى منه إلى الدبلوماسى، وقد ترك منصبه بعد حرب «أكتوبر» مباشرة، حيث خلفه الدبلوماسى القدير «إسماعيل فهمى»، الذى استطاع بحرفيته أن يترك بصمةً كبيرة على مسار الدبلوماسية المصرية، وقد اختاره الرئيس الراحل «السادات» وزيراً لفترة ما بعد الحرب بعد أن استكتبه تقريراً سياسياً عن خطة التحرك بعد إيقاف إطلاق النار،
لذلك كانت تنحية «الدكتور الزيات» عن وزارة الخارجية مفاجأةً غير متوقعة، ولكن العارفين ببواطن الأمور من المقربين للرئيس «السادات» خصوصاً فى سنوات حكمه الأولى يرددون أن الرئيس الراحل كان يتندر على ضخامة حجم وزير خارجيته، ولا يتوقع منه إنجازاً مؤثراً فقد كان بحاجة إلى وزيرٍ أكثر ديناميكية واحترافاً من «الدكتور الزيات»، لذلك وجد ضالته فى الوزير الراحل «إسماعيل فهمى»،
ولقد ربطتنى ب«الدكتور الزيات» صلاتٌ طويلة، رغم أننى لم أعمل معه فى الخارجية مباشرةً، فقد جاء بعد تقاعده فى زيارةٍ إلى الهند التى عمل فيها سفيراً من قبل، وذلك لتسلم جائزةٍ دولية من رئيسة الوزراء «أنديرا غاندى»، فاستضافه السفير الدكتور «نبيل العربى» فى منزله ثم سافر لقضاء إجازته فى «مصر»، وكانت فرصة نادرة لأعضاء السفارة أن يلتفوا حول ذلك المثقف الكبير، وأن ينهلوا من علم وخبرة الدكتور «محمد حسن الزيات»، وقد سألنى يومها عن الفارق بين المصريين والهنود ولماذا لا نحقق نفس معدل تقدمهم؟
وفى نهاية السؤال تولى هو الإجابة قائلاً إن السبب هو «الجدية فى العمل ثم مواصلته دون توقف أمام عثرات الطريق»، ثم حدثنى عن المفكر العربى «البيرونى» وكتاباته عن «الهند القديمة»، وعندما عدت إلى «مصر» كان قد دفعه البعض لكى يكون أميناً للحزب الوطنى فى محافظة «دمياط»، ولم يكن ذلك فى ظنى قراراً صائباً يتناسب مع قدرات الرجل وخبراته وتاريخه، حتى إنه لم يوفق فى الانتخابات النيابية بعد ذلك كما لم يحصل على الأصوات اللازمة لتولى منصب المدير العام للمنظمة العربية للثقافة والعلوم والتربية ومقرها مدينة «تونس»..
وقد كان إخفاقه مرتبطاً بوضع «مصر» عربياً فى تلك المرحلة وليس نتيجة اعتراضٍ على شخص ذلك المفكر الكبير، وقد انتخب بعد ذلك رئيسًا لجمعية الصداقة المصرية الهندية، فاختارنى نائباً أول له، وعكفنا معاً، وبدعمٍ من مجموعةٍ من المصريين الذين يعرفون قدر «الهند» ومكانتها، على الغوص فى أسباب تقدم ذلك البلد فقير الموارد الذى أصبح دولةً نووية ودولة فضاء ودولة اكتفاءٍِ ذاتى من الحبوب الغذائية لأكثر من 1.2 مليار نسمة!
وكنا نتذكر فى حسرة، د. الزيات وأنا، أنه كان هناك مشروع هندى مصرى مشترك فى منتصف ستينيات القرن الماضى لتصنيع طائرة، وكان الهنود مسؤولين عن «جسم الطائرة»، بينما كان المصريون مسؤولين عن صنع «محركاتها» وهو الجزء الأكثر صعوبة ودقة، وما أكثر لقاءاتى بالدكتور «الزيات» ومتابعتى لظروفه النفسية فى سنواته الأخيرة!
فقد اتصل بى ذات مساء وقال لى إن زوجته قد دخلت فى المراحل الأخيرة من حياتها ولكنها لم تفقد وعيها رغم أن الأطباء يتوقعون لها الرحيل خلال ساعات، وطلب منى الدكتور «الزيات» أن يتفضل مكتب رئيس الجمهورية بإرسال باقة ورد إلى ابنة عميد الأدب العربى فى لحظة احتضارها، معتبراً أن ذلك سوف يرفع من معنوياتها ويعينها على مواجهة سكرات الموت، وقد فعلنا ذلك فوراً ثم علمنا فى اليوم التالى بنبأ وفاة رفيقة عمره وشريكة حياته، وقد كان زملاؤنا ممن عملوا معه فى الوفد الدائم للأمم المتحدة ب«نيويورك» يقولون إن الدكتور «الزيات» يمضى ساعات ليله متحسساً ما حوله فى حجرة مكتبه، فإذا كان شيئاً طرياً أكله وإذا كان شيئًا صلبًا قرأه، وذلك تندراً على حبه للطعام والقراءة معاً!
ولقد عمل الرجل فى مطلع حياته مستشاراً ثقافياً فى «طهران» وهو يتحدث «الفارسية» بحكم تخصصه فى اللغات الشرقية، كما عمل فى مستهل حياته الدبلوماسية فى «الصومال» بعد اغتيال السفير «كمال الدين صلاح» فى «مقديشيو» قرب نهاية خمسينيات القرن الماضى..
ذلك هو الدكتور «محمد حسن الزيات» الذى زرناه فى معية رئيس الجمهورية بمناسبة افتتاح «ميناء دمياط» وكان يومها أميناً للحزب الوطنى هناك، وقد قال فى استهلال خطبته البليغة: (سوف يذكر لك التاريخ أيها الرئيس أنك تفتح ميناءً مصرياً خالصاً، فميناء الإسكندرية مرتبط باسم «الإسكندر»، وهو من الغزاة، وميناء «بورسعيد» مرتبطٌ باسم «سعيد باشا» وهو من الطغاة!
أما اليوم فرئيسٌ مصرى يفتتح ميناءً مصرياً).. ولقد أصرَّ يومها على أن يوزع علينا جميعاً نحن مرافقى الرئيس أرغفة ساخنة محشوة ب«البطارخ» الطازجة بروحٍ مرحة وكرمٍ نادر بين أهل تلك المدينة التاريخية العظيمة.. رحم الله ذلك المفكر الدبلوماسى جزاء ما قدم لوطنه وأمته من آراء متميزة وجهودٍ مخلصةٍ وأعمالٍ جليلةٍ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.