لو عقدنا مقارنة بين عدد من يخطئون فى حقنا كل يوم وبين من يقدم منهم على الاعتذار لاكتشفنا حقيقة خطيرة أعتقد أن الشخصية المصرية تنفرد بها وحدها، ألا وهى كونها شخصية تستعصى على الخطأ- من وجهة نظر صاحبها بالطبع- فأى مشكلة تحدث لابد أن الآخر هو السبب فيها.. لنتأمل معاً عدداً من السيناريوهات المتكررة مع اختلاف التفاصيل. المسؤول فى الحكومة يرفض الاعتراف بمسؤوليته عن أى حادث أو تقصير، وبدلاً من الاعتذار الذى يقدم عليه المسؤولون فى الغرب بكل شجاعة مترجماً بورقة استقالة نجده يبدأ فى التبريرات والإشارات للأسباب الخفية والظروف العالمية وسلوك المواطنين ولا مانع من التمسح فى القضاء والقدر. وكذلك المسؤول عن العمل يعتقد بأنه لا يصح أن يخطئ أبداً ولذلك فالمرؤوس الذكى هو من يبتلع أخطاء رئيسه، ويتعامى عنها مهما كلفته، وإذا كان شديد الذكاء فليتحملها نيابة عنه وفى الشارع لا أحد يخطئ، ولو فاجأك بالانحراف بسيارته من أقصى اليمين لأقصى اليسار أو توقف فى عرض الطريق لإنزال راكب أو دهس طفلاً أو عجوزاً والمعترض نصيبه الشتائم والإهانات أما فى البيت فالزوجان منزهان عن الخطأ، وأى إهمال أو تجاوز له تبريره، وبالتالى فلا داعى للتراجع أو الاعتذار، مخافة اغترار الطرف الآخر وتماديه. وهكذا يتربى الأبناء، الشطارة ألا يعتذروا لأحد، ولو أصابته ضربة كرة أو أزعجته فرقعة بمب أو لعب فى الشارع حتى فى العلاقة مع الله. اللص والمرتشى والكذاب والخائن وغيرهم لا يعترفون بأنهم مخطئون، ولذلك لا يستغفرون خالقهم، فالاعتذار يا سادة فى الثقافة المصرية مرادف لضعف الشخصية وقلة الحيلة، مع أننا لو علمنا سحر كلمة «أنا آسف» وتأثير «حقك علىّ» فى إذابة جليد المشاعر، وتلطيف الأجواء الملتهبة بفعل متاعبنا الكثيرة التى لا داعى لأن نضيف إليها الإساءة للآخرين، لما ترددنا فى الاعتراف بأخطائنا ولو لم نلق قبولاً منهم، شخصياً أرى فى الاعتذار شجاعة وثقة بالنفس، وأعتبره من شيم الأقوياء لا الضعفاء. علا مصطفى عامر [email protected]