لا أعرف لماذا يكون المصريون فى الغربة «وحشين جداً»، ويكرهون بعضهم، ولا يمدون أيديهم لبعض؟ حتى أصبحنا الجالية المنبوذة بين الجاليات العربية التى تتوحد قلوبهم على بعض فى الغربة. .. لقد هالنى أن أسمع قصصاً وحكايات عن المصريين فى أوروبا.. كيف يفترقون ولا يتحدون.. كيف يخططون لخطف الأرزاق من بعضهم ولا يتعاونون.. سمعت أن المصرى يعرف أن زميله يعمل فى شركة ثم يذهب هو لنفس الشركة ويعلن استعداده للعمل فى نفس الوظيفة بأجر أقل من الأجر الذى يتقاضاه زميله المصرى، ولأن قضية الأجور فى أوروبا مهمة جداً لأصحاب الأعمال فهم على استعداد أن يضحوا بالأشخاص بحيث يستفيدون بتخفيض الأجور، أى لا يوجد عندهم عزيز، والعزيز هو الذى يتقاضى أجرا ضعيفاً.. هذه الظاهرة مهمة جداً فى أوروبا، ولذلك نجد نسبة كبيرة من البطالة بين المصريين وبالتالى لا تهدأ الصراعات بينهم.. لدرجة أن المنافسة انتقلت فيها أيضاً إلى أسواق الخضار فالعمال الذين يشتغلون فى نقل الخضار من المصريين، يضعون أيديهم على قلوبهم من المفاجآت التى يفجرها زملاؤهم عندما يبدون استعدادهم لتقبل أجور ضعيفة فى أعمال الشحن والتفريغ، وما يحدث فى أسواق الخضار يحدث فى جميع مواقع العمل والسبب أن المصريين فى الغربة لا يوجد فى داخلهم خير لبعضهم.. ولذلك لا نجدهم يجتمعون على حب.. وتجمعاتهم مع بعضهم لا تحدث إلا فى المباريات الدولية أى فى الماتشات التى يلعب فيها منتخبنا القومى مع أى دولة أجنبية.. هذا التجمع الوطنى يحدث فى الماتشات فقط وغير ذلك نراهم يفترقون ويذهب كل منهم إلى عزلته. والشىء الذى يؤلم أن المصريين الذين يعملون فى الوظائف المهمة كالأطباء والخبراء لا تجمعهم جالية لأن الجاليات المصرية فى الغربة لا يدخلها إلا الباحثون عن عمل أو الذين يعملون فى مواقع ضعيفة كعمال عاديين أو سائقين.. معنى هذا الكلام أن أى تجمع مصرى من خلال جالية أو ناد لا يضم الكوادر العلمية، وقد رأينا هذا فى إنجلترا حيث لا يجتمع الأطباء أو الخبراء فى النادى المصرى، والمفروض أنه يمثل الجالية المصرية، أن معظم أعضاء هذا النادى من السائقين الذين يعملون فى خدمة السياحة العربية وكلهم يبحثون عن دور أدبى فى هذا النادى.. وقد رأى رئيس هذا النادى وهو سائق سابق فتح الله عليه بمكتب لتأجير السيارات أن يتخلى عن موقعه لأحد الأطباء المصريين بعد أن اكتشف أن المظهر الاجتماعى مطلوب ولأن معظم المصريين فى لندن يعرفون بحقيقته فقد أصبح الإقبال على العضوية فى النادى ضعيفاً، لذا لجأ إلى تغيير موقعه وأسند موقع رئاسة النادى إلى نائب رئيس الاتحاد المصرى الأوروبى.. ومع ذلك لم نسمع عن جالية مصرية بمعناها الحقيقى مثل بقية الجاليات العربية التى لها صوت فى لندن.. فى حين أن الجالية البريطانية المصرية يترأسها عضوة فى مجلس اللوردات البريطانى هى مسز سيمون ليز وكانت وزيرة فى حكومة العمال السابقة، وضمت معها عدداً من الشخصيات البارزة وعلى رأسها البروفيسير الدكتور مجدى إسحق وهو مصرى الأصل بريطانى الجنسية، ولأنه ناجح فقد كرموه بأمانة الجمعية الملكية البريطانية.. إلى جانب أنه نائب لرئيس الجالية البريطانية المصرية. ومع ذلك لم نسمع أن رئيس الجالية المصرية البريطانية فى مستوى رئيس الجالية البريطانية.. والسبب اختفاء الكوادر المصرية القوية مما أدى إلى ضعف المستوى الاجتماعى لمعظم الكوادر التى انضمت إلى الجالية المصرية.. هذا لا يمنع من وجود مصريين لهم جهود خارج الجالية وأصبحوا صوراً مشرفة لنا فى إنجلترا مثل الأستاذة الدكتورة ريتا جاد الرب استشارية التخدير فى لندن ورئيسة جمعية التخدير البريطانية فهى فعلاً عاشقة لتراب مصر وتمد يدها لكل مصرى ينتمى لمصر وهو فى الغربة. - ثم إن ما يحدث فى أوروبا من كراهية المصريين لبعضهم فى أوروبا.. يحدث فى البلاد العربية، لم نسمع أن مصرياً يحب أخاه المصرى فى دول الخليج.. فقد كثرت «الزنب».. وكم من مؤامرات ضد بعضهم عند أصحاب العمل، لقد تغيرت الأخلاق ورأينا أصحاب الأعمال الخليجيين يتطاولون على مصريين بفعل مصريين مثلهم، لم نسمع أن مصرياً ساند مصرياً أو فتح له طاقة نور للعمل فى الغربة، أو كان سعيداً بمصرى مثله.. كلهم يكرهون بعضهم حتى تحول البعض وأصبحوا خداماً لرجال أعمال خليجيين على حساب كرامة زملاء لهم وأبناء وطن لهم.. فى حين أن السودانيين والسوريين واليمنيين والتوانسة والمغاربة كلهم يتضامنون مع بعضهم، يساعدون البعض، ويوم أن يحدث ضرر لأحدهم يتكاتفون ويتضامنون. .. لقد عايشت قصصاً كثيرة فى المملكة العربية السعودية ورأيت عدداً من المصريين لا يربطهم الانتماء بالوطن الأم والدليل على هذا محاربتهم لمصريين مثلهم.. تصوروا أن أحد المصريين وصل به الحال أن عاير مصريين مثله يعملون تحت رئاسته فقد سمعته مرة يقول لأحد مرؤوسيه وهو مصرى مثله: كم كنت تأخذ فى بلدك حتى تتمرد على راتبك هنا فى السعودية؟ وكان هذا العامل البسيط يطلب زيادة راتبه أسوة بالعمال اليمنيين.. وكان جزاؤه سخرية رئيسه المصرى منه فى حين أن صاحب المشروع وهو سعودى لا يعشق فى العمالة إلا المصريين لأنه يرى فيهم الإخلاص فى العمل.. ولأننا نكره بعضنا البعض فقد أعطينا فرصة للغرباء أن يقفوا موقف المتفرجين علينا. .. فى النهاية أطلب من قارئى العزيز أن يقول لى سبباً واحداً، لماذا يكره المصريون بعضهم فى الغربة.. هل لأننا فقدنا هذا الحب عندما كان الأخ يتجسس على أخيه فى العهد الناصرى.. أم لأننا زرعنا الحقد فى قلوب المصريين فأصبحنا نحقد على بعضنا البعض قبل أن نصبح خلية بشرية خارج حدود مصر؟ - على أى حال.. أنا فى انتظار من يضع يده على إجابة هذا السؤال.. لكى أفهم وأعرف سبباً لكراهيتنا لبعضنا البعض! [email protected]