«ميتا» تزيل 10 ملايين حساب من فيسبوك بسبب المحتوى الزائف    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    البوري ب 80 جنيها.. أسعار الأسماك اليوم بأسواق كفر الشيخ    «التعليم» و«التنظيم والإدارة» يتفقان على الاستعانة ب«المعلمين الناجحين» غير المعينين بالمسابقات (تفاصيل)    السيطرة على حريق محدود بمبنى إداري دون إصابات بشرية بمستشفى قنا العام    أمير كرارة وأبطال فيلم الشاطر يحتفلون بالعرض الخاص فى 6 أكتوبر.. اليوم    تداول 11 ألف طن بضائع و778 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    انطلاق منتدى مصر للتعدين بالقاهرة اليوم    تعزيز العلاقات الاقتصادية أبرزها، مستجدات تطور الشراكة الاستراتيجية المصرية مع الاتحاد الأوروبي    الاتحاد الأوروبي يبحث فرض عقوبات جديدة على روسيا    الدفاع الروسية: إسقاط 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    بدلا من بورفؤاد، المصري يواجه كابسي غدا الأربعاء وديا    "لمساعدة رونالدو".. جيسوس يتحدث عن سبب موافقته على تدريب النصر السعودي    وزير التعليم يشيد بمقترح إعداد قوائم انتظار للناجحين بالامتحان الإلكتروني ولم تشملهم أعداد التعيين    فرص عمل في لبنان برواتب تبدأ من 500 دولار - تفاصيل ورابط التقديم    قبل إعادة فتحه، كامل الوزير يتفقد الطريق الإقليمى بالمنوفية    حالة الطقس اليوم.. حرارة شديدة تصل ل41 درجة    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    المركزي يقرر عودة البنوك للعمل إلى الساعة 3 عصرا بدلا من 5 مساء اليوم    تراجع في 3 بنوك.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الثلاثاء    إعلام إسرائيلي: الجيش غارق في وحل غزة وقيادته تخشى مواجهة المستوى السياسي    وزير الدفاع الألماني: يُجرَى الإعداد لتسليم نظامي باتريوت لأوكرانيا    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش مشروع الاعتماد المؤسسي للجامعة    "تكريم وتمكين".. ملتقى بجامعة قناة السويس لربط الإبداع الأكاديمي بفرص التوظيف    تعرف على مدة الدراسة في نظام البكالوريا وفقا للقانون الجديد    شوبير: رغبة أحمد عبد القادر الأولى هي اللعب للزمالك    أبرزهن هذا الثلاثي، نجمات ظهرن في بروموهات ألبوم تامر حسني الجديد    بإقبال كبير.. قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لدعم الموهوبين بشمال سيناء    عبد اللطيف: قطاع التعليم الفني أحد الركائز الأساسية لبناء مستقبل مصر الاقتصادي والصناعي    الإصابات بالسعال الديكي في اليابان تتجاوز 43 ألف حالة خلال 2025    رئيس «قناة السويس» يبحث مع السفير الإيفواري التعاون في تطوير الموانئ والتدريب    تنسيق الدبلومات الفنية 2024 دبلوم التجارة نظام 3 سنوات.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    بلغت كولر..تعليق مثير للجدل من المعد النفسي السابق للأهلي على قرار الإدارة    يعالج الاضطرابات الزائدة.. مستشفى جامعة الفيوم تضم أحدث أجهزة علاج القسطرة القلبية- صور    الصحة الأمريكية: تفشي مرض الحصبة لا يعتبر حالة طوارئ وطنية في الوقت الحالي    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تقصف مبنى سكنيًا غرب مدينة غزة    شعبة الأدوية تطالب بزيادة أسعار 1000 صنف دوائي وتوضح الأسباب    بيراميدز يستفسر عن ثنائي الزمالك.. ويرفض التفريط في نجمه للأبيض (تفاصيل)    إعلام فلسطيني: الطائرات الحربية الإسرائيلية تقصف حي الشيخ رضوان غربي مدينة غزة    عمال الجيزة: مشاركتنا في انتخابات الشيوخ ستعكس وعيًا ديمقراطيًا ومسؤولية وطنية    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    توقعات الأبراج وحظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025.. «الجوزاء» أمام فرصة ذهبية في العمل    أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. الكليات والمعاهد المتاحة لدبلوم صنايع (قائمة كاملة)    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    مستشار وزير التموين: توقعات بوصول أوقية الذهب ل 4500 دولار    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    بدء إصلاح سنترال رمسيس جزئيًا.. وشكاوى من استمرار انقطاع الخدمة    المنقلبون على أعقابهم!    «أحلى صفقة في حياتي».. أول تعليق من سيد مرعي بعد انتقال نجله إلى الأهلي    أحمد وفيق يكشف كواليس جديدة عن تعاونه مع سامح عبدالعزيز ب«صرخة نملة»    «واشنطن» تُصعّد لهجة الانتقادات ضد «موسكو».. وتستعد لتزويد «كييف» بأسلحة هجومية    «عايز عقد أكبر من زيزو».. إمام عاشور يفاجئ الأهلي بطلب صادم.. كريم حسن شحاتة يكشف    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اصطباحة

لم أكن أعرف أن هناك أناسا كثيرين فى حياتى لديهم حساسية من الفراولة. اكتشاف ذلك بالصدفة البحتة المتتالية هيّج بداخلى أُمنية قديمة بأن أعيش يوما ما تلك المتعة التى أراها فى عينى من يقدمون له كوبا من عصير الفراولة فيمد يده مزيحا الكوب ويقول بإباء وشمم: «مش هاقدر أصل عندى حساسية من الفراولة».
جئت إلى هذه الدنيا دون أن يكون لدى حساسية من أى شىء، ولم تصبنى الحساسية أبدا رغم أنى أكلت على عربيات كبدة وسجق لو أكل عليها كلب ضال لاهتدى، وشربت عند بتوع عصير شرب عليهم الدهر ثم قضى حاجته، ودائما كنت أعتبر الحساسية أمرا لا يليق إلا بالأغنياء، لكن صديقى حمدى عبدالرحيم هو الذى أثبت أن الفقر يمكن أن يجتمع مع الحساسية، وأن الحساسية زى الفقر مش عيب، مرة من المرات، المرة التى مرت علينا منذ عشر سنين، تمردت معدته على ما ألقيناه لها من أكل ملوث، تطوعت بإعطائه برشاما ليأخذه قبل إيابه إلى بيته بصحراء ستة أكتوبر.
وتطوع أخونا أكرم القصاص بالتصديق على نجاعة الدواء، فصدقناه لصلته الوثيقة بالعلم النابعة من كونه يومها كان يكتب عناوين الصفحة العلمية فى «الدستور». فى اليوم التالى أمطرتنا اللعنات عبر الهاتف من حمدى، الذى كان يجهل حساسيته لمادة السلفات التى كان الدواء مليئا بها، وأولاد الحلال رفاقه فى الميكروباص الذين أسعفوه إلى مستشفى ستة أكتوبر لم يتركوه إلا بعد سؤاله عما إذا كان يريد تقديم بلاغ ضد بلال وأكرم اللذين ظل يشتمهما طيلة وقت مغالبته لطعنات الألم.
بعدها بأربع سنين ولا تتعجب إنها إرادة الله عرفت مواطنا مصريا مصابا بحساسية من الفول والطعمية، هو صديقى شريف عامر المذيع اللامع، كنا نعمل ساعتها فى مكتب «إم.بى.سى» بالقاهرة، جمعونا فى مكتب واحد ربما ليثبتوا قدرتهم على الجمع بين النبلاء والصيّع، كان شريف يذهب إلى المكتب مبكرا ليعمل بإخلاص، بينما كنت أذهب إلى المكتب متأخرا لأسأله «هناكل إيه النهارده؟»، كان ينظر إلىّ للحظات ربما ليتذكر من أنا أساسًا وما الذى جمعه بى ثم يضحك.
 يومها كنت قد أقمت وليمة عامرة من التابعى الدمياطى تضم ما لذ وطاب من الفول الغارق فى زيت الزيتون والطعمية المعجونة سمسما والنازة زيتا، فضلا عن كميات لا بأس بها من البتنجان بجميع موديلاته والبطاطس الصوابع والبطاطس المهروسة أو «البوريت»، كما كان يسميها ساعى المكتب، كان لابد أن ننتهى من الأكل سريعا قبل أن يحل علينا وفد شركة إعلانية كبرى قادم من لندن، ظل شريف ينظر إلى الأكل المفروش فوق مكتبى بارتياب ظننته كِبر أولاد ذوات، شخطت فيه بعشم « جرى إيه يا شريف.. ده إنت ابن منير عامر.. يعنى إبن بلد.. هى الريادة الإعلامية غيرتك».
فكان لابد له أن يشتمنى شتيمة قبيحة على غير عادته لإثبات أصوله الشعبية القحة، وهو ما زاد عشمى لأحلف بالله وتالله العظيم تلاته وحياة بونا بيتيه الذى لا يأكل شريف إلا من سندوتشاته أن يأخذ منى طعمياية قبل أن ارميها فى فمه قسرا، ولكى يشترى روحه من رزالتى كشف لى سره الذى كان يخفيه اتقاء لسانى قائلا بصوت متلعثم: «مش هينفع أصل أنا عندى حساسية للفول والطعمية.. لو كلت فول أتنقل المستشفى على طول». وربما لأنه ابن حلال عقدت الدهشة لسانى بدلا من أن تطلقه بالتريقة، قلت له لو كنت متوضئا لسجدت لله شكرا لأنه لم يكتب لى أن أعيش بعذابك وإلا لكنت مت جوعا أو من أكل الكشرى باعتباره كان الاختيار الآخر فى مينيو الحياة لسنوات طويلة.
كل هذا تذكرته بالأمس وأنا أتقلب فى عيادة الطبيب كبرص مقطوع الذيل بعد أن كادت أكلة كشرى بالكبدة من أحب عربيات الكشرى إلى قلبى تودى بحياتى وتوقف نبض قلبى، عندما قال لى الدكتور أن آخذ بالى لأن معدتى حساسة، انتفضت قائلا له إننى زى الفل وإن معدتى لا تعرف الإحساس، وإننى آكل الزلط غير مغسول لو أراد، لكننى مع تصاعد نوبة مغص جديدة هويت كورقة توت أو بالأصح كشجرة توت، وعندما رآنى الدكتور ساهمًا حاول مواساتى وسألنى «مالك.. سرحت فى إيه؟»، كدت أقول له إننى هاموت وأضرب مجددا علبة كشرى بالكبدة لكننى خفت أن أموت فعلا، فقلت له مافيش باحمد ربنا على السلامة والحساسية التى أراد لى ألا أموت من غير أن أصاب بها تماما ككل من لديهم حساسية من الفراولة.
(من كتاب «ضحك مجروح» تحت الطبع)
* يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.