كتبت مقالاً منذ عدة أشهر تحت عنوان «عاشور شعارات»، كان سبباً فى تعرضى لهجوم من النقيب السابق للمحامين سامح عاشور كعادته فى مثل هذه الأمور يخضعها لنظرية المؤامرة، لكن سامح استمر بتصرفاته فى تأكيد ما ذكرته فى المقال السابق، حيث تحالف «الناصرى» عاشور مع رجل الأعمال أحمد عز، أمين تنظيم الوطنى، فى الانتخابات التى جرت، أمس الأول، ولا أعرف كيف يتوافق اليمين مع اليسار بكل هذه السهولة، إلا إذا كان عاشور قد أقنعهم بأنه الوحيد الذى يستطيع مواجهة الإخوان المسلمين، وهى «الفزاعة» التى استخدمها النقيب السابق لتمرير تعديلات قانون المحاماة، والتى أسفرت عن فوز الإخوان فى الانتخابات الأخيرة لتدحض مزاعم عاشور السابقة، وتؤكد أن التعديلات كان هدفها الوحيد بقاء عاشور نقيباً للمحامين فقط لا غير.. ومن حسن حظ الحزب الوطنى أن عاشور قد فشل فى الانتخابات لأن تحالفاته تتحكم فيها مصالحه، وكان يمكن أن يعود مرة أخرى للإخوان بدليل تحالفه الشهير معهم فى انتخابات 1992، حينما طلب من مختار نوح مساندته فى الساعات الحاسمة لينجح فى عضوية مجلس النقابة. لقد أخطأ الحزب الوطنى مرتين، الأولى عندما قرر دخول معركة انتخابات المحامين، والثانية عندما اختار تأييد سامح عاشور رغم انهيار شعبيته ومن الصعب تحديد من الذى أسقط الآخر، وإن كنت أعتقد أن عاشور هو الذى أسقط الحزب الوطنى للأسباب الآتية: ■ النقيب السابق الذى صعد على أكتاف «الناس اللى تحت»، سواء فى نقابة المحامين أو فى مجلس الشعب أو الحزب الناصرى، يعتمد دائماً فى حل مشكلاته على «الناس اللى فوق»، فعندما أراد تمرير قانونه لجأ إلى قيادات الحزب وليس النواب، سواء الأغلبية أو المعارضة، وعندما انهارت شعبيته هرع إلى الحكومة وحزبها طالباً الدعم والمساندة، حتى عندما يختلف مع محرر صحفى يلجأ لرئيس تحرير، وعندما اكتشف تراجع شعبيته فى الجولة الأولى ذهب إلى الحكومة للظهور فى برنامج «البيت بيتك» وحيداً. ■ دخل «عاشور» فى مشاكل جانبية واتبع قاعدة «من ليس معى فهو ضدى»، وأخذ من المستشار المحترم رفعت السيد خصماً، لكن الأخير لقنه درساً قاسياً.. كما انتقد مرة د. فتحى سرور، ود. مفيد شهاب، ود. زكريا عزمى، بسبب اعتراضهم على المادة الأولى غير الدستورية فى قانون المحاماة، لدرجة أنه وصف آراءهم القانونية بأنها غير صحيحة، وهو ما جعل د. فتحى سرور يلقنه درساً فى القانون وآخر فى كيفية مخاطبة أساتذته. ■ اعتاد «عاشور» اتخاذ مواقف سياسية فى المناسبات المختلفة يلهب بها مشاعر شباب المحامين، لكنه نسى أو تناسى تناقضه فى بعض المواقف، فالنقيب السابق الذى رفض فتح النقابة لعزاء الرئيس السابق صدام حسين، عقد اجتماعاً طارئاً باتحاد المحامين العرب ليدافع عن منتظر الزيدى، خاصة أن واقعة الحذاء جاءت أثناء الانتخابات.. وحتى عندما زار السفير الإسرائيلى، د. بطرس غالى فى مكتبه بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، أقام الدنيا ضجيجاً وأعلن تقديم استقالته، ثم حضر اجتماعاً للمجلس بعد ذلك بعد أن هدأت الموجة. ■ «عاشور» فقد دعم ومساندة الناصريين فى هذه المعركة، وكان كعادته يبسط الأمر على أن هناك اثنين فقط من الناصريين يختلفان حوله بل والأصعب أنه لم يضم لقائمته أياً من عناصر المعارضة سواء الوفد أو التجمع بل حتى الناصريين مثل النائب سعد عبود، بينما ضم النقيب السابق عمر هريدى، وعلى عطوة، والأخير أرغمه على ضمه أحمد عز رغم أن عاشور ظل يؤكد أن ضم هريدى لقائمته لأنه صديقه لكنه لم يستطع تبرير ضم «عطوة» فى اللحظات الأخيرة. ■ عندما اكتشف النقيب السابق عاشور تفوق النقيب الحالى حمدى خليفة فى انتخابات الجولة الأولى، لم يحاول علاج سلبياته بل استخدم نفس أساليبه «فزاعة الإخوان»، من خلال شن هجوم شديد على خليفة واتهمه بدعم الإخوان له ليرهب منه النظام والسلطة، خاصة أن الخطاب الإعلامى لعاشور اتسم بمهاجمة الآخرين دون الحديث عن إنجازات حقيقية قد نفذها. ■ حتى عندما نشرت «المصرى اليوم» تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عبر صديقى الصحفى الجرىء أحمد الخطيب، ظل عاشور يتحدث عن مؤامرة توقيت النشر، وأوضح أن النيابة حفظت البلاغات ونسى أنه يتحدث مع محامين يعرفون الفرق بين وجود مخالفات وبين حفظ البلاغ. ■ أخيراً، لقد دخل عاشور الانتخابات تحت شعار «النقيب هو النقيب»، وكالعادة شعاراته تحولت إلى سراب، فلم يعد النقيب هو النقيب.. بل أصبح النقيب الجديد حمدى خليفة، الذى أثق أن اختيارات الجمعية العمومية للمحامين له ستكون أكبر دافع لتحقيق الإنجازات، مع توجيه كل الشكر للمحامى المخضرم رجائى عطية، الذى تحامل على نفسه من أجل إنقاذ النقابة، وتعرض لحملات كثيرة للنيل منه، رغم أن أحداً لا يختلف على نزاهته ومهنيته وثقافته وشموخه!!.