الأحذية و«الوحمات» والملابس وسائل التعرف على جثامين «الصغار» في «كارثة أسيوط»

وسط الصراخ والعويل والحزن الذي ارتسم على وجوه أهالي قرى الحواتكة والمندرة والجاولى بمنفلوط، فى محافظة أسيوط، بسبب فقدان أبنائهم، ومسؤولين حضروا لمعرفة أسباب الحادث، وإجراءات روتينية للانتهاء من تسلم الجثث والأشلاء، على حد وصف أسر الضحايا، سيطر اللون الأسود يسيطر على العاملين بالمشرحة، لأنهم «جميعاً أقارب وأصدقاء في الصعيد»، والدماء التى سالت على القضبان هى دماء أبنائهم، وهم رغم الألم والفراق ينتظرون «القصاص»، على حد وصف العاملين بالمشرحة.
لاتتعدى مساحة مشرحة مستشفى منفلوط 6 × 9 أمتار، بها 6 ثلاجات، يعمل بها «عامل» ويديرها مفتش الصحة، تبعد 5 كيلومترات عن مكان الحادث، بينما الأهالى خارج المشرحة فى حالة بكاء هستيرى، جراء الفراق والألم الذى يعتصرهم بعد فقد أبنائهم، الذين تركوا لهم بقايا كراسات مدرسية وأحزاناً سوف تظل عالقة فى أذهانهم طول العمر.
ظل الأهالى خارج المشرحة غارقين في آلامهم، ينتظرون إنهاء إجراءات تصاريح الدفن، إلا أن سحب القطار للأتوبيس الذى كان يقل أبناءهم مسافة كيلومتر جعل هناك صعوبة فى التعرف على الضحايا، ما دفعهم إلى التعرف على جثامين أبنائهم عن طريق «الأحذية والوحمات» والعلامات المميزة لهم، وكذلك ملابسهم، التى كانوا يرتدونها عند مغادرة منازلهم.
يحاول عامل المشرحة، أن يبدو متماسكاً يتحدث عن الضحايا بقوله: «دول أولادى اللى ماتوا النهاردة، وهو يوم أسود على منفلوط، فقدنا عيالنا والبركة فى الإهمال، فأنا عمرى ما استقبلت العدد ده فى حياتى»، فى حين تحول المستشفى إلى سرادق عزاء، خارج أسواره.
حسين أحمد حسين، من أقارب الضحايا عربى محمد، وكريم زين، وزياد فتحى محمد، قال إنه تعرف على جثة ابن عمه زياد فى الصف الأول الابتدائى من خلال وشم على بطنه، وأضاف: «دخلت مشرحة المستشفى ووجدت التلاميذ عبارة عن أشلاء متقطعة ولم أستطع من خلال ملامح الوجه تحديد هوية أقاربى التى اختفت تماماً بسبب الحادث بعد أن غاب أولياء أمورهم عن الوعى، فقمت بتمزيق ملابس عدد من الأطفال الموجودين فى المشرحة واستطعت التعرف على زياد من خلال وشم على بطنه، بينما حصلت على نصف جسد كريم الأعلى فقط، وتعرفت على عربى من خلال جسده.
الضحية آيات يحيى علي، طالبة بالصف السادس الابتدائي بمعهد النور الأزهرى، تعرف عليها والداها عن طريق كراسة اللغة الإنجليزية، وهى تمسك بها بين أشلاء الضحايا عقب الحادث، ولم تتمكن من تحقيق أمنيتها فى الالتحاق بكلية الطب.