هل يرضيك يا فخامة رئيس الحزب الحاكم بعد كل ما قيل فى مؤتمر الحزب عن مساندة الفلاح.. ووعودكم أمام الجماهير بأن الفلاحين هم أهلنا، وفى عيوننا، ومقولتكم بأن «كلنا فلاحين».. وبعد أن خرجت علينا مانشيتات الصحف الحكومية ب«خاتم الحزب»، تبشرنا بأننا سنعيش أزهى عصور الزراعة، وأن العصر الذهبى ل«الفلاح» سيبدأ بمجرد انتهاء المؤتمر، و.. و..، وانتهى المؤتمر.. وإذ بنا نفاجأ بعد 72 ساعة بأن: «أول القصيدة كُفْر»!! والدليل: أن رئيس حكومة الحزب خرج علينا الأسبوع الماضى بقرارات عبارة عن «فرمانات» تمحو بأستيكة كل وعودكم، ولا تمت بأى صلة لما شاهدناه وسمعناه على شاشة «المحور»!! «فرمانات» ترسخ لدى الكافة أن شعار «من أجلك أنت» كان للضحك على «الدقون»، وللاستهلاك المحلى، وللتنويم المغناطيسى حتى تظل «الحاشية» والمتربحون كابسين على أنفاس الناس، وقابضين على أرزاقهم، ليظلوا «لازقين» فى الكراسى، وماصين لدماء هذا الشعب المسكين!! «فرمانات» تؤكد أن كل ما قيل على خشبة «مسرح» الحزب من كلام فى الليل كان مدهوناً بالزبد.. الذى ساح، وناح، وتبخر نهار رفع السجاجيد الحمراء، وعودة كل حى إلى مصالحه الخاصة جداً!! وها هى «فرمانات» السيد رئيس مجلس الوزراء: فرمان رقم (1)!! كل من يضع يده، طبقاً للقانون 148، على مساحة صحراوية أقل من «مائة» فدان، وانتهى من استصلاحها واستزراعها بزراعات جادة.. عليه أن يتملكها بأسعار 2006، وليس بأسعار اليوم!! والمعروف أن الأسعار التى قررتها اللجنة العليا لتسعير أراضى الدولة فى 2006 بالذات كانت أسعاراً خيالية، ومبالغاً فيها، وغير واقعية، لأنها كانت وقت أزمة الغذاء العالمية عندما ارتفعت أسعار المحاصيل فى العالم، مما تسبب فى التكالب على شراء الأراضى حول العالم.. لدرجة أن هذه اللجنة قدَّرت لصغار المزارعين من الشباب سعر الفدان «البور»، وبدون أى بنية تحتية بمبلغ 30:20 ألف جنيه، مما أعجزهم عن السداد حتى اليوم!! والسؤال هنا: لماذا أسعار 2006 بالذات؟.. والعدل يقضى بأن يكون التقدير بأسعار اليوم، وقبل الاستصلاح والاستزراع!! وإذا كنا فعلاً نُريد مصلحة الفلاح، ونهتم بالزراعة فى مصر فلماذا لا نطبق أسعار الأراضى فى 2004 أو حتى فى 2003، عندما كان الفدان الصحراوى البور يقدر بألف جنيه للزراعة، وبألفى جنيه لأصحاب المنتجعات المخالفين.. أو بمعنى آخر: لماذا لا نُقر نفس الأسعار التى حددتموها «لمن خالفوا» وبنوا منتجعات وجولف كورس، وكانت بألفى جنيه للفدان فى 2003، وبخمسة آلاف فى 2005 للريف الأوروبى وغيره مع زيادة 10٪ فى السنة.. علماً بأننى لو كنت المسؤول لأعطيت الأرض لمن يزرعها «مجاناً» مصحوبة بشهادة تقدير على مجهوده، وهو الذى لم يكلف الدولة مليماً، ثم ضاعفت الأسعار عشر مرات لكل مخالف تربح من الشاليهات والفيلل، إعمالاً لمبدأ الثواب والعقاب.. وبالمناسبة فرئيس الحكومة يعرف جيداً ثمن الفدان الذى اشترى به صاحب المنتجع الذى يسكن هو فيه، وبالتالى يجب إعادة النظر بإلغاء هذه الفرمانات لأنها غير عادلة، وليست منطقية، ولن تنفذ.. وسيذهب الناس جميعاً إلى المحاكم للطعن فيها ولا أحد يملك مصادرة الأرض بمزروعاتها، ولا يستطيع فعل شىء لمن يعجز عن السداد بهذه الشروط المجحفة والتعجيزية!! فرمان رقم «2»: «بمجرد الإخطار بالسعر - طبقاً لتقديرات 2006- يتم سداد الثمن كاملاً، وكاش، وفوراً»!! والسؤال: «بالذمة دا كلام؟».. وهل هذه هى الطريقة التى تتم بها مخاطبة الشباب والفلاحين الذين يملكون أقل من مائة فدان؟ وهل يعرف رئيس الوزراء أن المعمول به منذ الستينيات هو سداد الثمن على سبع سنوات، حتى للمخالفين عندما كان الثمن خمسين جنيهاً؟.. فكيف يتمكن الشباب أو الفلاح المتعثر أصلاً من سداد كامل الثمن كاش وفوراً، وبأسعار 2006 الخيالية؟ فرمان رقم «3»: «يتم إغلاق الباب لتقديم طلبات التقنين فى موعد غايته 6 أشهر من تاريخه»، وفخامته ومعاونوه «يجهلون» أن هناك «قانوناً» ينظم هذه المسألة، صادراً من مجلس الشعب برقم 148 لسنة 2006، وإذا رغبوا فى تعديله أو تغييره فليس بقرار حتى لو كان من رئيس الوزراء نفسه، ولكن عليهم تقديم مشروع «قانون جديد»، وأن يقره مجلس الشعب لإلغاء القانون الحالى!! وهنا يطرح السؤال نفسه: 1- هل هذا «من أجلك أنت» أيها الفلاح الذى تغنوا، وأشعروا، وتباهوا بأنك فى عيونهم، وتاج رأسهم، و«حاسين» بما أنت فيه، وما تعانيه؟ 2- ومن هو هذا «الجهبذ» الذى نجح فى إقناع رئيس الحكومة بهذه «الفرمانات الشيطانية».. هذا العفريت الذى «لعب» فى أذنه، والذى «وزَّه» لإصدارها قبل أن يجف الحبر الذى كتبوا به المانشيتات الحكومية التى صدقها البسطاء، وكادوا يتصورون أن أغنية «محلاها عيشة الفلاح» هى التى ستسود فى الأيام القادمة؟ 3- وهل غاب عن رئيس الحكومة أن «أزمة الغذاء» عالمياً على الأبواب، وأن «المجاعة» محلياً قادمة لا محالة، ولأسباب ثلاثة: أ- ارتفاع أسعار البترول فوق ال70 دولاراً سوف يؤدى إلى اتجاه الدول الكبرى، ومعها البرازيل، إلى إنتاج «الإيثانول» من المحاصيل السكرية لأنه أرخص من البنزين عند هذا السعر، ولإنتاج «الديزل الحيوى» من النباتات الزيتية أرخص من ثمن السولار حالياً؟ ب- بارتفاع أسعار البترول سترتفع تكاليف النقل والشحن والتأمين لكل المواد الغذائية التى نستورها (8 ملايين طن قمح + 4.5 مليون طن ذرة + 92٪ من استهلاكنا من الزيوت، ومليون طن سكر، و75٪ من العدس ثم الفول، والألبان وغيرها وغيرها). والسؤال الأخير: هل هناك من يهمه الأمر لمراجعة مثل هذه «الفرمانات» قبل صدورها، والتى لن تؤدى سوى لتكديس المحاكم بالقضايا، ووقف حال الناس المنتجين؟ ولماذا لم تناقش أو تعرض على وزارة الزراعة أولاً؟ وهل هناك جهاز رقابى يهمه أن يعرف اسم هذا الجهبذ و«المخرِّب» الذى نصح رئيس الحكومة باتخاذ مثل هذا القرار؟ وفى النهاية: هل يرضيك هذا يا سيادة الرئيس؟ [email protected]