الخيل والليل والبيداء تعرفنى.. والسيف والرمح والقرطاس والقلم.. هذا هو البيت الذى قتل صاحبه وأشهر أبيات الشعر.. فبينما كان المتنبى مسافراً إذ هجم عليه اللصوص وهو فى الصحراء، وليس معه سوى غلامه، فحاول المتنبى أن يلوذ بالفرار، ولكن غلامه نادى عليه قائلا: يا سيدى ألست من قلت: الخيل والليل والبيداء تعرفنى.. فإذا بالمتنبى يعود مدافعاً حتى قتله اللصوص وسمى البيت الذى قتل صاحبه ومات المتنبى مدافعاً عن كلمته وشعره ومبدأه، فليس المهم أن تكسب معركتك، ولكن المهم أن تكسب معركتك بشرف.. فهل يستطيع الحزب الوطنى الآن أن يكسب معركته بشرف، ويخوض انتخابات حرة ونزيهة وتقبل المنافسة والتحدى، وبعيدة عن نسبة «99٪» التى صاحبتنا طوال السنين الغابرة؟ وعلى الصعيد الآخر هل يستطيع الشعب أن يناضل من أجل التغيير؟ ويثبت لنفسه أولاً أنه قادر على اختيار من يشاء ورفض من يشاء، ويؤكد لنفسه وللآخرين أن شعب مصر أجدر أن يُحترم، وأنه حقاً صاحب هذا التاريخ العريق من الحضارة التى أدهشت العالم، وأنه لم ولن يقبل أن يساق كالقطيع!! التغيير وحده هو القادر على إثبات ذلك، بعد أن فشلت كل المحاولات لتغيير هذا الوضع المشين الذى يعيشه الناس، حتى وصلنا فى نهاية المنزلق أن تعمل نساء وأمهات مصر خادمات أو فراشات عند أبناء العرب.. حفيدات سعد زغلول ومصطفى كامل وأحمد عرابى يعملن خادمات؟ ألا تستحون؟ إن دولة مثل بنجلاديش أو باكستان لم تقبل لنسائها بهذه المهانة.. على ما عندهم من فقر ومشكلات تفوق مصر بكثير.. ولكن نقول: من يهن يهان عليه.. ما الجرح بميت إيلام.. إن المقصود من طلب التغيير الجذرى الآن هو تغيير دين أو كهنوت البقاء إلى ما لا نهاية، فكل العقول الموجودة فى الحزب الوطنى الآن ليس لها إلا دين واحد فقط، هو دين المنفعة الخاصة.. نفسى والطوفان.. وكل هؤلاء ملوثون بنفس المرض، الذى انتقل بالعدوى فيما بينهم، بدليل إجماعهم على أن مصر فى أحسن حال!! بينما الواقع عكس ذلك تماماً.. فذلك المثال البائد عن نصف الكوب المملوء بالماء الذى لا يراه الناس، هو فى الواقع ماء ملوث أدى إلى إصابة 3 ملايين مصرى بالفشل الكلوى كل عام، أى بعد مرور 15 عاماً سيصبح الشعب كله مصاباً بالفشل الكلوى بخلاف باقى الأمراض الأخرى من فشل كبدى والفيرس الكبدى.. الخ!! إن التغيير فى حد ذاته والتنوع قادر على أن يفرز المثل الجيد، حتى ولو فشلنا هذه المرة فى الوصول للمدينة الفاضلة، ولكن الأمل سيبقى ما دام أمرنا بأيدينا وليس بيدى عمرو.. نحن المصريين نتمنى من المرشح القادم أن نعبر معه الجسر ثانية بين اليأس والرجاء، إلى إنتاج حقيقى وبناء المصانع الحقيقية بعيداً عن الدلتا. محمد سعيد النجار منيا القمح- شرقية