سلمى وردة بتسع ورقات بيضاء وقلب أخضر، لكن الزمان يعلمها الشكوى والخوف أكثر مما يعلمها الحلم، قد تشاكس وتطلب وتتمنى، لكنها تظل دوما فى حدود الواقع، وقبل أيام فاجأتنى سلمى باستعراض طفولى تضمن نوبات من «القمصة» و«الزن»، بسبب رغبتها فى أشياء لا أستطيع أن أحققها لها، وسألتها: هى دى كل أحلامك يا سلمى؟، فقالت: لأ؟، فقلت لها: طيب وإيه هى أحلامك؟ قالت: مش عارفة. أوجعتنى الإجابة لأننى سمعتها تتكرر من أطفال وكبار حولى فى بيوت الأقارب وأماكن العمل، وقررت أن أكتب رسالتى إلى سلمى، لكنها فى الحقيقة رسالة لكل سلمى، وكل واحد لا يعرف حلمه. احلمى يا سلمى، اطلقى خيالك كعصفور أبيض فى سماء بلا أسوار، اركبى حصانك المجنح وسافرى لمدن الأحلام... هل تذكرين حكايتى المتكررة عن الساحرة الطيبة فى قصة سندريلا وعصاها السحرية التى حولت الفئران الصغيرة لأحصنة تقود عربة البنت الطيبة لحفلة الأمير؟، القصة التى لم تعجبك ظلت حلما تداولته الأجيال، الأشخاص تموت يا سلمى لكن الأحلام تبقى. هل تذكرين كم بكيت حين ماتت سمكتك الصغيرة الوحيدة؟ بالحلم يا سلمى يمكن للموت أن يصير حياة، فلا شىء فى الكون يذهب للعدم.. لا تحلمى بسمكة واحدة بدلا من سمكتك المفقودة، احلمى ببحر من الأسماك ومراكب بأشرعة ملونة وبنفسك تسبحين فى الهواء وتتسابقين تحت الماء، اجعلى أحلامك أكبر من واقعك، لا تخافى الموت وتخيلى: ماذا لو عشقت الحياة الموت وطلبت منه موعدا ولقاء؟ أريدك أن تحلمى برابع المستحيلات وخامسها وسادسها وآخرها .. اصنعى من مصاعب الحياة سلما يرفعك لسماء تلونينها بألوانك المحببة ... العبى مع نجماتك المضيئة، واحتضنى بقبضتك الصغيرة الهواء الطليق. احلمى بأن يستجيب ربك لكل دعواتك التى تخفين جزءاً منها عنى وتسأليننى دائما: لما لا يستجيب الله لدعائى؟ صغيرتى لا تسألينى عن حلمى فأنا لا أريده أن يختلط بأحلامك، لأنى أريد أن تكونى ما تحبين وليس ما أحب أنا، واعلمى أن حلمك هو الذى يقود حياتك، أما أنا فيكفى أن أقول لك إنه أكبر من وجودى وأطول من عمرى.. أحفظه فى صدرى كسر دفين، أخاف أن يطلع عليه أحد فيهرب منى بلا عودة . لا أريد أن أكون مثل «سايكى» فتاة الأسطورة التى تمنت أن ترى حبيبها، وكانت أمنيتها هى الثمن الذى أدى إلى خسارتها للحب، الأسطورة تحكى أن كيوبيد إله الحب وقع فى غرام سايكى ووضع شرطا ليستمر زواجهما وهو ألا تنظر إليه، ولكن اخوات سايكى اقنعنها بالنظر إلى وجهه وعاقبها كيوبيد بالفراق. حلمى برغم فراقى عنه لم يذبل.. مازال أخضر لأنه يسكن روحى.. حلمى مثل ظلى لكنه يسرع الخطا ويسبقنى فى الظهيرة، لا يمكننى أن أمسك به لكننى أسعد بمراقبته، وحين تطول هامته قبل المغيب أعرف أنه يستريح إلى حين قبل أن يأتينى مشاكسا فى الصباح.. حلمى يسكننى ولا يفارقنى أعيشه كل لحظة ويجعل لحياتى مذاقاً ولغدى معنى، فاحلمى يا سلمى ولاتستسلمى أبدا لعالم بلا أحلام.