فى زيارة سريعة للقاهرة تحدث نائب الرئيس الأمريكى السابق آل جور لأعضاء غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة عن التغيرات المناخية والكارثة البيئية المقبلة والتى اتخذها قضيته الأساسية منذ خروجه من البيت الأبيض وفشله فى الترشح من جديد للرئاسة. بدا آل جور– بتواضعه – الجم وحضوره الشديد وكلامه عن المستقبل وكأنه يأتى من العالم الأول يحذر هؤلاء الذين يعيشون فى غياهب الجب فى العالم الثالث من التسونامى القادم وهم لا يدركون. والحقيقة أن آل جور ليس أول من تحدث لنا وحذرنا من التغيرات المناخية، لدينا علماء مصريون قالوا لنا ذلك من قبل- د.مصطفى كمال طلبة فى مقدمتهم وغيره. ماذا قال جور: حذر من جديد من غرق الدلتا.. قال لنا إن ربع مساحة دلتا مصر مهدد بالغرق نتيجة احتمالات ارتفاع منسوب مياه البحر بمعدل متر واحد مع ذوبان الثلج فى القطب الشمالى من جراء ارتفاع درجات الحرارة والتلوث.. وهكذا فإن 10% من سكان مصر مهددون بالترحيل ونصف المحاصيل الزراعية المصرية مهدد بالغرق.. ليس هذا بجديد. نحن نعرف كل ذلك سمعناه كثيرا.. لكننا ننظر اليه وكأنه من أفلام الخيال العلمى.. هل خططنا له؟ هل فكرنا ماذا سنفعل بالسكان؟! ماذا سنفعل فى المناطق الصناعية؟ هل لدينا خطة؟ بالطبع لا.. نحن فقط نفكر على أفضل تقدير فى وزير النقل الجديد. لكن ربما كان أخطر ما قاله آل جور ليس عن التغيرات المناخية.. ولكن عن المحطات النووية.. تلك التجربة التى تصر الحكومة ومن ورائها الحزب الوطنى الحاكم على المضى قدما فيها بكل تكاليفها واحتمالاتها بدعوى أهمية إيجاد مصادر متجددة للطاقة. قال آل جور إن الطاقة النووية لم تعد الخيار الأمثل للطاقة المتجددة فى العالم.. وليس معنى أنها تستخدم فى بعض الدول المتقدمة أنها دائما الخيار الأفضل. وأوضح الأسباب أولا التكلفة عالية جدا.. وترتفع كل عام بحوالى 15%، بل لم يعد ممكنا حسابها بشكل دقيق مقدما. فكل شركات الطاقة تتقدم بتقديرات وليس تكلفة محددة.. كما أن معظم شركات الكهرباء فى العالم (وهى المستخدم الرئيسى لتلك الطاقة بعد ذلك) تحجم الآن عن الالتزام باستيراد الكهرباء من محطات نووية لارتفاع أسعارها ومشاكل صياناتها.. وتفضل اللجوء لمصادر أخرى. وقال جور: مصر تحتاج إلى طاقة متجددة.. ولكن لديكم الأهم، لديكم الشمس والطاقة الشمسية، التى يمكن أن تكون بها مصر مركزا فى شمال أفريقيا لتصدير الكهرباء، ذلك يوفر طاقة نظيفة للاستخدام والتصدير ولديكم من الشمس ما يكفى لتوليدها. القضية إذن واضحة.. حتى عن بعد.. نريد مصدرا جديدا ومتجددا للطاقة.. هذا صحيح.. لكن لماذا يجب أن يكون المصدر هو الطاقة النووية؟ هل أجرينا الدراسات اللازمة لذلك؟ هل بحثنا جدواها الاقتصادية.. الآن نحن نتصارع على أرض «الضبعة» ولكن هل نحن متأكدون من جدوى المشروع من الأساس.. نحن دولة فقيرة.. نامية فهل نملك كل هذه الإمكانات لمشروع يحتاج المليارات قد ينجح وقد يفشل؟ كما أن سجل الامان المصرى رائع كما ترون فى حوادث القطارات، فهل نحن جاهزون لكوارث نووية؟ أم أننا حينها سنقيل رئيس هيئة الطاقة النووية وخلاص؟ ولماذا نلجأ للنووى إذا كانت لدينا الشمس والرياح مصادر «ربانية» للطاقة؟ صحيح المحطات الشمسية تتكلف هى الأخرى ولكنها بالتأكيد أكثر أمانا من النووية. نفس الكلام تقريبا قاله لى د.محمد البرادعى رئيس هيئة الطاقة النووية فى حوارى معه منذ عام تقريبا ولكنهم لا يسمعون.. الآن هو وقت الحلم النووى.. حلم الحزب نووى، مشروع السادة فى الفكر الجديد نووى، إذن.. فليكن نووياً.. ولندفع نحن الثمن والتكلفة..