اتفق عدد من قضاة مصر على أن خطاب الرئيس مبارك فى مجلس القضاء الأعلى أمس كان مكتوبا بعناية ودقة بالغتين، لأنه استعرض خلاله تاريخ مجالس القضاء منذ نشأتها وحتى الآن واستقلال القضاء. وأكد المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة الاستئناف، أن الخطاب كان مميزا وعبر بصراحة شديدة عن أهمية استقلال القضاء الذى هو حق للقضاة وللمجتمع وليس منحة من أحد، وقال: «أعتقد أن الخطاب حاز إعجاب جموع القضاة وارتياحهم، والدليل على ذلك كم التصفيق الذى لاقاه الرئيس بعد انتهائه منه». وشدد السيد على اتفاقه مع كلمة مبارك فى أنه لا يجب على القضاة أن يتحدثوا عن شؤونهم الداخلية لأجهزة الإعلام، مؤكدا أن ذلك أمر لا يختلف عليه أى إنسان سوىّ. وعن الإنجازات التى تحدث عنها مبارك والتى حققها للقضاء أشار السيد إلى أنه صاحب الفضل فى تلك الإنجازات لأنه هو من استجاب لطلبات القضاة. وعن كيفية اختيار القضاة الذين حضروا الاحتفال قال السيد إن الاختيار تم لأول مرة بالأقدمية المطلقة وبالتمثيل الكامل لجميع المحاكم مشيرا إلى أن حتى ترتيب الجلوس على المقاعد تم بحسب الأقدمية ودلل على ذلك بأن مساعدى وزير العدل الذين يتصدرون المقاعد الأولى عادة – على حد قوله - جلسوا فى المقاعد الأخيرة. ونفى السيد تقديم أى طلبات لرئيس الجمهورية من جانب القضاة، موضحا أن الاحتفال كان بعودة مجلس القضاء الأعلى ولم يكن لقاء بالرئيس وأضاف: «تقديم طلبات خلال الاحتفال تصرف غير جائز وغير مقبول وفيه قلة ذوق». واتفق مع ذلك الرأى المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض، الذى أكد أن الدعوة لم تكن للحوار وإنما كانت للاحتفال والاستماع إلى خطبة الرئيس وحسب، وقال إنه رغم تلقيه دعوة للحضور فإن ظروف إقامته بالإسكندرية منعته من الحضور وفضل الاستماع إلى الخطاب عبر وسائل الإعلام، وأكد أنه لم يتم استبعاد أحد من حضور الحفل، خصوصا أعضاء ما يسمى تيار استقلال القضاء. وقال: لو كانت هناك نية للاستبعاد لكنت أول من يستبعد، لكن الاختيار تم بالأقدمية باستثناء المستشار أحمد الزند، رئيس نادى قضاة مصر. وعن رأيه فى الخطاب أكد مكى أنه شعر بنبرة عتاب فى حديث الرئيس، دارت حول نقطتين أساسيتين أولاهما حول استقلال القضاء عن الاتجاهات السياسية وعلق عليها مكى قائلا: «مواقف القضاة ليست نابعة من انتمائهم لفئة معينة، ولكن حياد القضاة لا يعبر عنه بكتمان كلمة الحق»، أما عن النقطة الثانية فأشار مكى إلى أن الرئيس عاتب القضاة بسبب حديثهم مع وسائل الإعلام. وأضاف: لا يمكن أن ننكر دور الإعلام فى تحقيق ما افتخر به الرئيس مبارك من إنجازات حققها للقضاة، وأذكره بأن الإعلام هو الذى نشر دعوة المستشار وجدى عبدالصمد عام 1984 لعقد جمعية عمومية طارئة للقضاة لإعادة مجلس القضاء الأعلى، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراء ألح عليه القضاة منذ عام 1970، وكذلك الأمر بالنسبة لتعديلات 2006، التى كان القضاة قد اتفقوا عليها مع وزارة العدل منذ عام 1991 وظلت حبيسة الأدراج إلى أن وقف القضاة وقفتهم الشهيرة وتابعتها وسائل الإعلام فتمت التعديلات.