حدثان فى الأسبوع الماضى شغلا الرأى العام فى مصر، الأول هو إعلان الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فى بيان صحفى، شروطه للترشح لمنصب رئيس الجمهورية فى انتخابات الرئاسة القادمة فى 2011 وما صاحب ذلك من هجوم سياسى وإعلامى حكومى شرس عليه وعلى اشتراطاته. والثانى هو الدوى الهائل الذى أحدثه تيار الاستقلال «والممانعة» - على الطريقة المصرية - ممثلاً فى ضياء رشوان - 49 عاماً - فى انتخابات الجولة الأولى على منصب نقيب الصحفيين وعكست حالة احتشاد صحفى رافض للوعود الحكومية أو كل ما يمت بصلة لها فى الظروف الراهنة، بعد أن سادت توقعات خاطئة بسهولة المنافسة وحسمها لصالح الأستاذ مكرم محمد أحمد -75 عاماً. الدكتور البرادعى الذى احتفت واحتفلت به الصحافة الحكومية ذاتها فى وقت سابق باعتباره بطل مصر القومى وابنها البار الذى يشرفها فى المحافل الدولية والحاصل على جائزة نوبل للسلام، الذى منحه الرئيس مبارك بنفسه وشاح النيل من الطبقة العليا، الذى يعتبر أعلى تكريم مدنى فى مصر، اكتشفنا أنه «سويدى الجنسية» و«طالب بليد ترتيبه الأخير فى دفعته» - حسب ما أورده كتبة الصحف الحكومية فى الهجوم أو أنه مجرد عالم لا يقدر على الوفاء بالمسؤوليات الجسام والخطيرة لمنصب الرئاسة فى مصر. ومفاجأة ضياء رشوان فى نقابة الصحفيين أرعبت التيار الحكومى وبدأ حشد القوات الحكومية فى كل اتجاه لإنقاذ النقابة من تيار الاستقلال وإسكات صوت أى أمل فى التغيير، خاصة لو جاء من نقابة الصحفيين ومن جيل الوسط ومعه أجيال كاملة لديها الرغبة القوية فى إحداث تغيير حقيقى وتحصين نقابتهم من الوصاية الحكومية، وأظن أن انتخابات الاعادة بعد غد الأحد سوف تؤكد الرسالة الصارخة التى وجهها 1458 من الزملاء فى الجمعية العمومية، الذين منحوا أصواتهم لضياء رشوان فى الجولة الأولى، بأحقية هذا الجيل فى القيادة دون تسول أو رشاوى حكومية فى ظل تدنى الرواتب والخدمات وسوف تؤكد أن ضمير الجماعة الصحفية مازال حيا لا يقبل الوصاية أو التوريث رغم كل أسلحة الحشد التى بدأت أجهزة الدولة ومؤسساتها الصحفية فى إعدادها لمعركة الإعادة. وحسب معلوماتى فقد بدأت المؤسسات الصحفية الكبرى - مثل الأهرام - فى استدعاء صحفييها فى الخارج فقط، خاصة فى دول الخليج، فى إطار الحشد للتصويت فى جولة الإعادة المقبلة وبالأخص لمرشح الحكومة، ونحن على ثقة بأن الزملاء القادمين للتصويت ليسوا أقل من زملائهم الذين رفضوا الرشوة الحكومية وصوتوا لتيار التغيير ولضياء رشوان. فما العلاقة بين شروط الدكتور البرادعى ومفاجأة ضياء رشوان؟ هناك علاقة وثيقة، فالحدثان يجمع بينهما الرغبة فى التغيير إلى الأفضل، سواء من الدكتور البرادعى، صاحب التجربة العلمية والعملية الزاخرة فى المحافل الدولية الذى لايزال لديه الأمل فى مستقبل مصر، أو ضياء رشوان ممثل تيار الوطنية المصرية فى نقابة الصحفيين، الرافض لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيونى والذى قد يفجر المفاجأة والمعجزة الأحد المقبل ليفجر طاقات أمل جديدة فى تغيير آخر فى أماكن ومناصب أخرى. الانزعاج الذى اعترى الصحف الحكومية من اشتراطات البرادعى ومفاجأة ضياء يعكس اعترافاً غير معلن بحالة احتقان ورفض فى قطاعات عريضة لدى الرأى العام قد بدأت تعبر عن رأيها وبوضوح، سواء فى الترحيب بترشح الدكتور البرادعى لمنصب الرئاسة أو رغبتها فى فوز ضياء رشوان بمنصب نقيب الصحفيين.