كشفت الأحداث المؤسفة التى وقعت أخيراً فى مصر عقب مباراة فى كرة القدم عن أخطاء جسيمة وعيوب فاضحة فى الكثير من مؤسسات الدولة الرئيسية مما يستوجب وبأسرع ما يمكن مراجعة أمينة قبل أن تتكرر المأساة فى مواقف أكثر خطورة وأعظم أهمية من مجرد مباراة فى كرة القدم.. ويمكن تلخيص هذه الأخطاء أو لنقل الخطايا فيما يلى: أولاً.. فى المجال الدبلوماسى: ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك فشلاً دبلوماسياً ذريعاً تراكم على مدى أكثر من عشرين عاماً، خاصة على المستويات التى كنا نفخر يوماً ما بأدائنا الرفيع فيها وهى المستوى العربى، والأفريقى، والإسلامى.. فقد تبين لنا أخيراً أن العلاقات مع كثير من هذه الدول هى علاقات هشة تفتقد المصداقية، والعمق، والنظرة المستقبلية.. أى أننا باختصار نفتقد الاستراتيجيات الدبلوماسية التى تتواكب مع معطيات العصر الذى نعيشه والتى تعتمد على الكيانات القوية، والمصالح المتبادلة والتوظيف الأمثل لإمكانات وقدرات مصر. ثانياً.. فى المجال الإعلامى: هناك بلا شك قصور إعلامى واضح على جميع المستويات وهناك تدهور ملحوظ فى الإعلام المصرى خاصة الإعلام المرئى الحكومى مقارنة ببعض جيراننا من الدول التى لا تزال تحبو خطواتها الأولى فى هذا المجال.. واستطاعت أن تكون منافساً قوياً للإعلام المصرى الذى كان رائداً.. والمثال الصارخ لهذا التدهور هو الإعلام الرياضى الذى يبدو وكأنه أصبح مهنة من لا مهنة له وبات من الممكن لأى لاعب كرة لم يستكمل تعليمه الأساسى أن يصبح (إعلامياً) مشهوراً تخصص له ساعات من الإرسال اليومى أو الأسبوعى لكى يعيث فى الفضاء فساداً غير مقدر لعواقب ما يقوله. ثالثاً.. فى المجال الرياضى: إننا فى حاجة ماسة إلى إعادة تشكيل وهيكلة الجهاز الإدارى الذى يتولى مسؤولية الرياضة والشباب فى مصر بعد أن ثبت عبر سنوات طويلة فشله الذريع فى الكثير من المحافل الرياضية العالمية وكذلك عدم قدرته على التفاعل الحقيقى والجاد مع مشكلات الشباب فى مصر. يتبقى بعد ذلك أن أقدم بعض المقترحات التى أتمنى أن تأخذ حقها فى البحث والدراسة: 1- مراجعة شاملة لإدارة السياسة الخارجية المصرية واختيار الشخصيات السياسية الداعية والقادرة على وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع العالم من حولنا مع مراجعة جميع العاملين فى سفاراتنا ومكاتبنا فى الخارج. 2- لابد من إجراء تغيير جوهرى فى قيادات الإعلام فى مصر يعتمد على الكفاءة، والخبرة وليس على الولاء والطاعة لأولى الأمر.. كما يجب وضع حد سريع لما يحدث من مهازل فى إعلامنا الرياضى المرئى على وجه الخصوص، كما أطالب بالإسراع فى إنشاء نقابة للإعلاميين لتنظيم وإدارة هذه المهنة شديدة الخطورة. 3- يجب محاسبة كل المقصرين فى إدارة شؤون الرياضة فى مصر والبعد بها عن نظام الشللية، والفهلوة، والنوايا فلم تعد الرياضة ترفاً للشعوب ولكنها أصبحت علماً كبيراً له متخصصوه، وأصبحت علامة لتقدم الشعوب وازدهارها. وختاماً.. أود الإشارة إلى أن ما حدث لم يكن مجرد تداعيات مباراة فى كرة القدم شابها بعض التعصب ولكنها كانت الشرارة التى أضاءت لنا طريقنا لكى نراجع أنفسنا، ونتحسس مواضع أقدامنا، ونتعامل مع الجميع من منطلق مصر أولاً وقبل كل شىء.