ياسر أيوب يكتب: جمال عبدالناصر

إذا كان الرئيس مبارك هو الرئيس الوحيد فى مصر.. وفى العالم كله.. الذى فاز بكأس أمم كروية ثلاث مرات.. ولم يفز بها الرئيس السادات مطلقا.. فإن الأمانة تقتضى التأكيد على أن الرئيس جمال عبدالناصر هو صاحب الصفحة الأولى فى كتاب تاريخ وحكاية كأس الأمم الأفريقية..
صحيح أننا كلنا عرفنا وقرأنا وكتبنا عن الاجتماعات الأولى للتحضير والتأسيس إلا أننا نسينا معظم الوقت أن الرئيس جمال عبدالناصر هو صاحب أول فكرة وأول رؤية ودعوة وحلم بامتلاك أفريقيا لمثل هذه البطولة.. ولكن من أجل مصر وأفريقيا وليس من أجل كرة القدم.. فلم يكن عبدالناصر يرى فى كرة القدم لعبة ممتعة على المستوى الشخصى ولم يكن يتابعها..
وقد أكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أكثر من مرة أن جمال عبدالناصر لم يكن ينتمى للأهلى أو للزمالك.. فى حين أكد منير حافظ، الرجل الثانى فى مكتب معلومات الرئاسة، أن عبدالناصر كان يشجع الأهلى سرا.. وأن بيت الرئيس كان يعيش حالة فرحة ظاهرة ومعلنة كلما فاز الأهلى.. لكن الرئيس كان حريصا على أن تبقى أهلويته من أحد أسرار الدولة العليا حتى يبقى عبدالناصر رئيسا لمصر ولكل المصريين..
وقد كانت المرة الأولى التى يتحدث فيها جمال عبدالناصر عن كرة القدم كرئيس لمصر.. يوم أشار وفكر وطالب بأن تسهم كرة القدم فى صفقة تسليح الجيش المصرى وأن يتم تخصيص جزء من مباريات الدورى العام لصالح تسليح مصر.. وأكد الرئيس عبدالناصر وقتها أن هذا هو أهم الأدوار التى يمكن أن تقوم بها كرة القدم.. واستجاب اتحاد كرة القدم لهذا الطلب..
وبالطبع استجابت الاندية وتسابقت لتنفيذ ذلك وفى مقدمتها الأهلى والزمالك.. واتفق الناديان على تخصيص جزء من إيراد مباراتهما معا التى أقيمت يوم الجمعة الحادى والعشرين من شهر أكتوبر عام 1955 لصالح تسليح الجيش المصرى.. أقيمت المباراة فى ملعب الأهلى.. وكانت أول مباراة لكرة القدم يحضرها الرئيس جمال عبدالناصر.. وكانت المرة الأولى التى يلعب فيها الأهلى والزمالك معا لصالح تسليح جيش مصر..
وقد فوجئ قادة الثورة فى مقصورة استاد الأهلى بأحد المتفرجين يقترب من الرئيس عبدالناصر بعدما تقدم الأهلى 2/1 وأصر على أن يعطيه قطعة حلوى.. وقبلها الرئيس مبتسما وسعيدا فيما اعتبره الجميع إشارة حب للأهلى وفرحة بانتصاره.. ولكن المباراة انتهت بالتعادل وبألف ومائتى جنيه لخزينة الجيش.. ومثلما نجح عبدالناصر فى اجبار الجميع على أن يلعبوا الكرة فى مصر لمصلحة جيش مصر..
فقد أراد أيضا من المسؤولين عن الكرة فى مصر الاهتمام بأفريقيا لتعميق علاقات مصر الأفريقية عن طريق الكرة وفى ملاعب الكرة.. ولأنه جمال عبدالناصر.. ولأن مصر وقتها كانت مصر.. فقد كان من الضرورى أن تستجيب أفريقيا لهذه الدعوة..
وبالفعل سافر عبدالعزيز سالم ومحمد لطيف بتكليف رئاسى إلى البرتغال للاجتماع بممثلى السودان وجنوب أفريقيا لمناقشة فكرة تأسيس الاتحاد الأفريقى وإطلاق مسابقة بين منتخبات القارة الأفريقية.. وكانت تعليمات جمال عبدالناصر للوفد المصرى واضحة.. وأن مصر تريد إقامة بطولة لأفريقيا ولكنها لا تريد البطولة الأولى فى القاهرة.. بل تريد منحها للخرطوم اعتزازاً بالسودان.
yayoub@gmail.com