«ضيق الوقت ما بين الإعلان عن الضريبة العقارية وتطبيقها».. أحد الأسباب التى رآها مؤيدون لقانون الضريبة العقارية الجديد فى إحجام المواطنين عن تقديم إقراراتهم الضريبية وفسر آخرون إقبال 3 ملايين مواطن من بين 30 مليوناً على أنها «طبيعة الشعب المصرى» فى تأخره عن تقديم الأوراق المطلوبة منه فى ميعادها، ووصف بعضهم المواطن بأنه مصاب بحساسية ضد الضرائب، بينما فسر عدد من خبراء الضرائب والعقارات تراجع إقبال المواطنين عن تقديمهم الإقرارات الضريبية، عن تخوفهم من القانون، وفقدانهم الثقة فى التعامل مع مصلحة الضرائب العقارية، خاصة فى ظل حالة الجدل المثار حوله، والذى أجبر الدولة حتى اللحظة الأخيرة على ارتكاب مخالفة قانونية بمد مهلة تقديم الإقرارات حتى نهاية شهر مارس المقبل. فريق المؤيدين يضم الدكتور سعيد عبد المنعم أستاذ الضريبة العقارية بجامعة عين شمس الذى فسر عدم إقبال المواطنين على تقديمهم لإقرارات الضريبة العقارية بأنها عادة المواطنين فى تخوفهم من الضريبة بشكل عام، وقال: «الوعى الضريبى لدى الشعب المصرى غير كاف لأن هذه الضريبة لن تصيب 95% من المواطنين والشريحة المستهدفة ضئيلة جدا وهؤلاء يجب عليهم دفع الضريبة». وأوضح عبدالمنعم أن إقرار الضريبة العقارية هو السند الوحيد لمعرفة مالك الوحدة، لافتا إلى أن بعض المواطنين الذين يسكنون القرى والنجوع لا يعرفون كيفية ملء هذا الإقرار لما فيه من نقاط كثيرة وبالتالى فإنهم بحاجة إلى وعى أكثر عبر وسائل الإعلام المختلفة. فيما رأى الدكتور حماد عبدالله حماد عضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطنى أن ضيق الوقت الذى تم الإعلان فيه عن الضريبة العقارية ووقت تطبيقها هو السبب فى إظهار هذه النتائج موضحا: كان ينبغى أن يكون هناك وقت كاف للإعلان عن هذه الضريبة وإقناع 30 مليون مواطن بها خاصة أن القرار الذى صدر لتطبيق الضريبة شمل جميع المواطنين على الرغم من إنها تستهدف 5% فقط من المواطنين. ولفت حماد إلى أن الفلسفة المقصودة من هذه الإقرارات هى جمع إحصاءات ومعلومات عن الثروة العقارية ولكن بمستندات وأوراق تؤكد هذه المعلومات، ولكن الأزمة، على حد قوله، هى التسرع فى تطبيق هذه الضريبة حيث لم يتيسر المكان لعمل هذه الاستمارات ولم يتوفر الوقت لإقناع المواطنين بالضريبة ودليل ذلك أن 3 ملايين مواطن فقط من المواطنين هم الذين استوعبوا هذه الضريبة وأدركوا أنها ليست ضررا عليهم فى شىء، وأضاف حماد أن الضريبة العقارية الجديدة هى بديل للعوايد التى طبقت منذ عام 1948 حيث كانت تشمل كل المبانى التى تقع داخل زمام المدن وبالتالى فإن كل العقارات التى أنشئت فى التجمع الخامس والساحل الشمالى والمدن الجديدة خارج هذه الضريبة وكان من الضرورى تعديلها بضريبة أخرى. على الجانب الآخر أكد ياسر محارم، الأمين العام لجمعية الضرائب المصرية أن إقبال ثلاثة ملايين مواطن على تقديم إقرارات الضريبة العقارية فقط من إجمالى 30 مليوناً يعد أحد مؤشرات فشل القانون، والنابع من افتقاد المواطنين الثقة فيه، بسبب إثارته حالة من الجدل منذ بدء الحديث عنه، واستناد بعض الآراء لعدم دستوريته. وقال: «أوجد القانون حالة من التخوف بين المواطنين، لأنه ساوى ولأول مرة بين الأغنياء والفقراء فى التعامل مع المصلحة، وذلك عندما ألزم الجميع بتقديم الإقرارات الضريبية، دون تحديد الشرائح المعفية منها، ودون وضع شرائح تصاعدية للفئات الخاضعة للضريبة». وأوضح محارم أن أغلب من قدموا الإقرارات الضريبية من محدودى الدخل، خوفاً من توقيع الغرامة عليهم، أما أغلب رجال الأعمال والأثرياء المستحقين فعلاً لدفع الضرائب فلن يقدموا إقراراتهم الضريبية، وسينتظرون لمراقبة الإجراءات التى ستتخذها المصلحة ضد المخالفين، خاصة أن دفعهم الحد الأقصى للغرامة وهو ألفا جنيه لا يعنى شيئاً بالنسبة لما يمتلكونه من رؤوس أموال. فى حين أكد الدكتور حسين جمعة، رئيس جمعية الحفاظ على الثروة العقارية أن امتناع أغلب المواطنين عن تقديم الإقرارات يرجع إلى الخلل الإدارى الذى تعانيه المصلحة، والذى نتج عنه حالة من الفوضى والزحام، وعدم القدرة على تقديم الوعى اللازم للمواطنين، الذين أصيبوا بحالة من اللامبالاة، بعد أن فقدوا الثقة فى القانون، الذى لم تراع الدولة عند تطبيقه اختيار، على الأقل، التوقيت المناسب. وقال: «فرضت الدولة القانون على المواطنين فى الوقت الذى يعانون فيه من آثار معنوية واجتماعية واقتصادية للأزمة المالية العالمية، وممولو المصلحة يعانون من تعثر مادى، ورغم ذلك تطالبهم الدولة بدفع ضرائب حتى على الوحدات التى يمتلكونها، ولا تدر دخلاً أو ربحاً لهم».