شقيقاه الأصغر منه ينظران إليه على أنه «القدوة»، فإذا بالقدوة ومثال الرجولة بالنسبة لهم يجلس إليهما فى «لحظة فاصلة» ويصارحهما بالحقيقة الصادمة: أنا لست رجلاً.. بل أنثى. 24 عاما من الصراع الداخلى قضاها حائرا ما بين الذكورة والأنوثة، كلما قاوم وذهب إلى مرفأ الذكورة فى مجتمع ذكورى غالبته وغلبته الأنوثة بداخله، فيخفى سره وألمه فى أعماقه حتى وصل إلى مرحلة عدم القدرة على الصمت لأكثر من ذلك. «أشعر بالتقزز من كل شىء يمت للذكورة بصلة، أعضائى التناسلية لا أتقبلها منذ طفولتى، حتى قبل أن أدرك الاختلافات الجسدية بين الأولاد والبنات» هكذا قال «ى. ح» الذى كثيراً ما شعر برغبة فى التخلص من أعضائه التناسلية التى لا تناسبه. وفى مدرسته الإسلامية، كان من اللافت للنظر أن يجلس «ولد» فى مثل سنه منفرداً مع فتاة، الأمر الذى كان يثير غضب وحنق مدرسة اللغة العربية التى طالما عاقبته بالضرب وتعمدت إحراجه أمام زملائه بقولها له: «أنت مش راجل». ومع بداية مرحلة البلوغ، تضاعفت أزمته النفسية مع بزوغ المظاهر البيولوجية التى تؤكد أنه لن يكون فى يوم من الأيام «أنثى» مثلما يشعر بداخله طوال الفترة الماضية. «حاولت أن أقنع نفسى وقتها بتقبل طبيعتى الجسدية والتعايش مع الواقع وحملت نفسى مسؤولية الحالة التى وصلت إليها، لكن لم أحتمل كل تلك المعاناة». وقتها اتخذ قراراً بأن يتفوق فى دراسته حتى يلتحق بكلية الطب، ويستطيع وقتها أن يسافر لإجراء عملية تصحيح الجنس فى الخارج. وبالفعل التحق بكلية الطب لكن نتيجة التنسيق قادته إلى جامعة الإسكندرية، واضطر إلى الإقامة فى المدينة الجامعية للبنين، وهناك لم يتحمل الحياة مع الطلاب الذكور، «كيف لفتاة أن تقيم فى حجرة مع شاب فى مثل سنها؟». تعامله مع الشباب كذكر من الأشياء التى لم يرغب يوما فى التعرض لها، فهو كان يحضر جلساتهم التى يتحدثون فيها عن الفتيات بلغة مقززة تشمئز منها أى فتاة. أصدقاؤه يغارون منه إذا شاهدوه مع إحدى الفتيات التى يعتبرونها «الأنثى المثالية» بالنسبة لهم، ولم يتقبلوا أبدا فكرة أن تقتصر العلاقة مع فتاة على الصداقة. كثيرا ما عرض عليه أصدقاؤه وهم فى رحلات بالخارج أن يتنزه معهم للتعرف على الفتيات أو ليسهل لهم التعامل معهن على اعتبار أنه يتقن اللغة الإنجليزية أفضل منهم، وفى حالة رفضه كانوا يشكون فى أمره على اعتبار أنه «شاذ الميول». استغل إحدى فرص الاستقلال عن أسرته بسفره إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، واستشار هناك أكثر من طبيب فى حالته فقرروا جميعا أنه يحتاج إلى إجراء جراحة التصحيح. وهنا، صارح أهله بالحقيقة فتقبلوا الأمر على مضض، ولكن شقيقيه رفضا هذا التغيير، وكأنهما قررا أن يعاقباه «مش أنت عاوز تبقى بنت، اتحمل بقى العواقب». حاول أن يشرح لهما أنه لن يجرى العملية لمجرد رغبته فى التحول لأنثى، ولكن ذلك بعد معاناته طول الوقت، إلا أن ذلك لم يجد أى صدى لديهما، وأصبح همهما أن يفرضا سلطتهما الذكورية عليه. «الولد لما بيتحول لبنت فى مجتمعنا بيخسر كل حاجة ولا يكسب أى شىء فالبنت فى مرتبة أدنى من الرجل»، هكذا أصبحت قناعته. معاملة شقيقيه له تغيرت، وبعد أن كانا يضربان به المثل فى التفوق الدراسى والأخلاق، أصبح بالنسبة لهما «عاراً» يحاولان إخفاءه عن المجتمع بأى شكل ويعملان ألف حساب لرأى البواب والجيران. «أحتاج دوما إلى الحقن بهرمون تعويضى، ويؤلمنى أننى لست امرأة طبيعية مثل بقية النساء». قال جملته هذه وهو يستعد لإجراء جراحة تصحيح الجنس ليتحول إلى أنثى تتمكن من ممارسة حياتها، رغم أن حلم الأمومة بالنسبة لها يبدو مستحيلا.