وافق مجلس الشعب الأسبوع الماضى، على تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية نهائيا بإضافة 64 مقعدا تخصص للنساء، وهو خبر، على أهميته، لم يحظ باهتمام يستحقه تأييدا أو معارضة، فقد انشغل الجميع بالمعركة الانتخابية على مقعد نقيب الصحفيين - رغم أنها غير مؤثرة على غير أبناء المهنة - عن مناقشة أمر سوف يعيد تشكيل النظام السياسى المصرى لفتره قادمة. على الرغم من أن هذا القانون كان مطلبا أساسيا للحركة الحقوقية المصرية، إلا أننى أعتقد أن شخصا واحدا لم يعنى بدراسة نظام الحصص والذى طبق فى مصر من عام 1979 إلى عام 1983، والتى تؤكد حقيقتين أساسيتين، الأولى هى أن نظام الحصص لم يساعد على نمو أو تطوير أداء المرأة فى مجلس الشعب، فقد ظل أداؤها فى مجمله منخفضا، فلم يدفع هذا النظام بقضايا وهموم المرأة المصرية إلى دائرة الضوء أو بؤرة اهتمام البرلمان، فالمبادرات التشريعية المتعلقة بالنساء تقدمتها الحكومة، كما أن المطالعة المدققة لمضابط البرلمان تثبت أن عضوات الكوته لم يستخدمن أيا من أدوات الرقابة البرلمانية لخدمة النساء سواء بالمعنى الواسع أو الضيق. الحقيقة الثانية أن نظام الانتخاب بالقوائم يمكن فيما لو تم الأخذ به أن يزيد من عدد السيدات فى المجلس وربما فى تحسين كفاءتهن النوعية، فالجمع بين نظام القوائم الحزبية النسبية والمقاعد الفردية الذى اُنتخب على أساسة برلمان 1987 قد حافظ على نسبة أكثر تأثيرا للنساء فى البرلمان - رغم إلغاء نظام الحصص - إذ تواجد بفضله 18 سيدة كانوا أكثر فاعلية وكفاءة بشكل نسبى على الأقل. ومن هنا يمكن القول إن هذا النظام الذى يؤدى إلى زيادة عدد النساء فى البرلمان لن يضمن لهن أى فاعلية، كما يعتقد البعض، للعديد من الأسباب، السبب الأول يعود إلى البرلمان ذاته والذى هو بحكم تركيبته لا يُمَكنّ أعضاءه من ممارسة دورهم الرقابى أو التشريعى على نحو ملائم، من ناحية لأن حزباً واحداً يسيطر بأغلبية صماء على القرار فيه وهى أغلبية تصوت ليس بناء على قناعاتها، ولا بناء على سياسات جرى استشارتها فيها، ولكن بناء على مصالح شخصية ضيقة تحققت أو يُرَاد لها أن تتحقق. والسبب الثانى يعود إلى الحزب الحاكم والذى لا تؤمن قياداته بالمشاركة السياسية للنساء، فهو حزب لم يدفع طوعا النساء إلى البرلمان من ناحية، فضلا عن أن بعض قياداته قدمت نماذج لا تخطئها العين لاحتقار النساء والتقليل من شأن عملهن العام من ناحية أخرى، فليس سرا أن أحد قيادات الفكر الجديد قد دفع زوجته للاستقالة من عضوية البرلمان فى اليوم التالى لعقد القران فى سابقة تؤكد أن النظرة الدونية للنساء لا علاقة لها بالوضع الاقتصادى، ولا بالمنصب السياسى، ولكن بمستوى الثقافة، ودرجة التحضر. والسبب الثالث يعود إلى نظام الانتخاب الفردى نفسه والذى يساعد على زيادة الرشاوى الانتخابية، والاعتماد على العصبيات القبلية، الأمر الذى لن يدفع إلى البرلمان النوعيات ذات الجودة العالية من النساء ولكن سوف يدفع إليه أقلهن حظا من حيث المعرفة السياسية والثقافية وربما الإيمان بقضايا النساء أساسا. والسبب الرابع هو الطريقة التى يدير بها النظام السياسى معاركه الانتخابية، حيث التزوير المفضوح والاعتداء على أنصار المرشحين المعارضين، ومنع الناخبين من الوصول إلى صناديق الانتخاب، وإلى غير ذلك من أساليب تجعل من الانتخابات مغامرة يعزف عنها الرجال والنساء على حد سواء. أصبح القانون حقيقة يتعين التعامل معها، وأول ما يمكن أن تقوم به الأحزاب السياسية الآن هو محاولة اختيار أفضل النساء ودفعهن إلى الترشح، مستفيدة بخبرات المجتمع المدنى فى مجال تدريب المرشحات ودعمهن، الأمر الثانى هو مواصلة الضغط على النظام السياسى المصرى لتقديم ضمانات حقيقية لسلامة العملية الانتخابية، وأول هذه الضمانات هو إقالة حكومة الدكتور أحمد نظيف وعدم السماح لها بتنظيم الانتخابات التشريعية القادمة، فالرجل اعترف علنا بأن حكومته ساعدت على تزوير انتخابات عام 2005 لمنع الإخوان المسلمين من أن يحوزوا مقاعد أكثر مما حازوه، والإخوان المسلمين اعترفوا علنا بأنهم أبرموا صفقة مع الحكومة تتيح لهم الحصول على نسبة محددة من مقاعد البرلمان، بالإضافة إلى أن الارتباك الذى ساد انتخابات عام 2005 يؤكد عدم كفاءة الحكومة فى تنظيم الانتخابات، فضلا عن عدم أمانتها. قد تكون الكوتة مهمة ولكن فى مصر وفى الوقت الحالى النزاهة هى الحل.