أقر مقدما بأننى لست خبيرا كرويا، وكان أكثر اقتراب لى من هذه الساحرة المستديرة فى بداية التسعينيات عندما طلب منى المسؤولون بشبكة التليفزيون العربى- الأمريكى التعليق على مباراة كرة ودية بين السعودية والأرجنتين، واضطررت للموافقة لعدم وجود معلق آخر، وكانت فضيحة!. فلم أكن أعرف لاعبى السعودية فى ذلك الوقت، واعتمدت على صوت المعلق الأجنبى أحيانا فى معرفة أسمائهم، والنتيجة معروفة طبعا، فقد خرجت أسماؤهم (خواجاتى) وكانت نكتة الموسم، ولم أكرر التجربة بعد ذلك. ولكن بما أنه لا صوت يعلو الآن على صوت «جدو» وأصبحنا جميعا خبراء كرويين، فلا بأس من المشاركة عن بعد فى الاحتفالات بالبطولة الأفريقية الثالثة لمصر، لكنى لن أنادى، مثل الآخرين، بأن تمتد بركات حسن شحاتة وإنجازات منتخبنا الكروى لجميع قطاعات المجتمع، فهى عبارات طبق الأصل مما قيل بعد فوزنا بالبطولتين السابقتين. وتمر الأيام وينسى الناس ويعودون للبحث عن أنبوبة بوتاجاز أو رغيف عيش، بحيث أصبح كل أملنا هو ألا يحدث العكس ويتأثر الفريق بالفساد المحيط به. لذا أردت لملاحظاتى أن تتناول قواعد اللعبة بشكل عام بعد أن أصبح (الفيفا) يحكمها بسياسة الديناصورات المنقرضة. فهناك رفض كامل لأى تطوير بحجة أنه يتعارض مع طبيعة اللعبة. لكنى أعتقد أن الزمن والتطور التكنولوجى لن يسمح بالاستمرار فى هذه السياسة. أولى خطوات التطوير اللازمة، فى تقديرى، هى السماح للحكام باستخدام شاشات فيديو لمراجعة بعض قراراتهم الحاسمة وتغييرها إن كانت خاطئة. ويمكن الاستفادة هنا من قواعد كرة القدم الأمريكية. حيث يسمح لكوتش كل فريق بعدد محدد من الاعتراضات، ويقوم الحكم ومساعدوه بالذهاب إلى (بوث) أو شاشات تم عزلها بجوار الملعب لمراجعة صور اللعبة من كل الزوايا ثم يعودون بقرارهم النهائى، إما باستمرار قرارهم السابق أو بتغييره، وفى هذه الحالة لا يتم خصم عدد مرات الاعتراض المتبقية للفريق. إننا كثيرا ما نسمع أن أخطاء الحكام جزء من اللعبة وما فيها من إثارة، ولكن هذا لم يعد ممكنا القبول به، ليس فقط لتنافيه مع قواعد العدالة، ولكن لأن التصوير التليفزيونى الآن يفضح هذه الأخطاء للجميع ويترك إحساسا بالمرارة واتهامات غير مبررة للحكم الذى لم يتمكن مثلنا من مشاهدة ما حدث من كل الزوايا. فلو كان هذا النظام متبعا مثلا لصعدت مصر لكأس العالم. حيث كانت زامبيا ستعترض على إلغاء هدفها الصحيح فى مرمى الجزائر الذى احتسب تسللا، وفازت الجزائر بنقاط المباراة الثلاث. والأمر نفسه ينطبق على فرنسا التى صعدت على حساب أيرلندا بلمسة يد صريحة من هنرى، والأمثلة كثيرة محليا وعالميا بدءا من احتساب هدف أحمد حسن (خطأ) فى الكاميرون إلى إلغاء هدف كوت ديفوار (الصحيح) فى الجزائر. الأمر الثانى الذى يمكن أن يقلل من أخطاء الحكام، خاصة فى احتساب التسلل، هو رسم خطوط عرضية إضافية وليكن كل خمسة أقدام بما يساعد على تحديد موقع المدافعين والمهاجمين. أما الأمر الآخر الضرورى لتطوير اللعبة فهو أن يحتسب فقط وقت اللعب بالكرة مثلما يحدث فى كرة السلة وغيرها. والهدف هو القضاء نهائيا على ظاهرة تضييع الوقت. فالوقت الضائع الذى يحتسبه الحكم هو أقرب للتعبير الأمريكى «وقت الإصابة». أما التضييع الحقيقى فلا يشعر به أحد. لقد استخدمت تقنية الاسترجاع فى التليفزيون لدى فى إحدى المباريات، واكتشفت أن الوقت الذى مر بين احتساب ضربة حرة مباشرة وبين تسديدها وصل إلى دقيقتين وعشرين ثانية، والمدهش أنه وقت محتسب «قانونا» ضمن المباراة التى لا تتجاوز فترة اللعب الحقيقية فيها ثلاثين أو أربعين دقيقة. فلماذا لا يتم اختزال زمن المباراة إلى أربعين دقيقة على شوطين مع استخدام (ستوب ووتش)؟ إننا بعدها لن نرى تلك الصور الهزلية للاعب (يستموت) بسبب إصابة وهمية، أو حارس يجرى لاستعادة الكرة على طريقة سعيد صالح فى مدرسة المشاغبين «ياه.. السكة طويلة بشكل»!