إن لم أجد حلماً لأحلمهُ سأطلقُ طلقتى وأموت مثل ذبابةٍ زرقاءَ فى هذا الظلامْ (محمود درويش) فى مقالى السابق عن «سفينة مريم»، قلت إن الرسالة وصلت، برغم أن السفينة لم تغادر ميناء طرابلس اللبنانى، وبعد أيام وصلتنى عدة إشارات بأن مبادرة الناشطات حققت هدفها، وأزهرت فى قلوب كثيرات، فقد تلقيت عدة رسائل تليفونية والكترونية بينها رسالة من طالبة مصرية حالمة من جنوب مصر الثرى بناسه الطيبين، الطالبة الحالمة أطلقت على نفسها فى البداية اسم «سما»، وفى الاسم ما يكفى للإشارة إلى رومانسيتها وتطلعها للسمو بعيدا عن الأرض، وبعد ردى عليها حدثتنى عن الكثير من الألم والأمل، وكشفت لى عن اسمها وهمومها وأحلامها وأحلام جيلها.. وأنقل لكم نص رسالة «سما» الأولى التى وصلتنى عبر البريد الإلكترونى: «أستاذة مى.. تأثرت كثيرا بمقالك الأخير المعنون (رسالة مريم) واكثر ما أعجبنى أننى ألاحظ أن معظم ما تكتبينه موجود فينا، ويمس حياتنا، فأنا الآن مثلا أعيش فترة اضطراب لأننى لم أحقق ما كنت أحلم بتحقيقه، وللحق أحلامى كبيرة، وأشعر أنه مهما طال العمر فلست واثقة أن تتحقق، فأنا أحلم بأن أزور فلسطين والعراق.. وأعمل فى الإذاعة والصحف، وتنشر قصصى التى أكتبها منذ زمن وأطويها فى أدراج مكتبى.. أحلم بالمشاركة فى الأعمال التطوعية والمشاركة فى معسكرات ومهرجانات للشباب.. أتبنى فكرة وأزرع شجرة وإساعد الناس.. عايزة أغير الكون، لكن للأسف الكون هو الذى غيرنى، ووجدت نفسى أعيش عالماً من الخيال لأن الواقع شىء آخر بعيد عن أحلامى، وهذا هو سبب الأزمة التى أعيشها، فقد انسحبت من الواقع المفروض على، لعلنى أجد فى الخيال شفاء، وبالفعل نجحت فى تكوين عالم خيالى خاص بى أجمل من الواقع، عالمى الخاص الناس فيه تحب بعض وتخاف على بعض وتساعد بعض، وزرت فلسطين والعراق كتير جدا، وأصبحت صحفية كبيرة وكاتبة قصص مشهورة وعندى برنامج فى الإذاعة وآخر فى التليفزيون، وبالأمس قدمت حلقة جميلة من برنامجى (بلدنا)..!! وعندما استيقظت من حلمى لم أجد ضيوفى فى البرنامج، فقط وجدت نفسى ماسكة ورقة وقلم وبكتب الأسئلة التى سأطرحها فى البرنامج.. تفتكرى يا أستاذة مى هل أستطيع يوما أن أحقق أحلامى أم سأكتفى بعالمى الافتراضى». كان سؤال «سما» هو نهاية الرسالة الالكترونية، لكننى واثقة أنه سيكون بداية رسالتها فى الحياة، فنحن عندما نسأل عن الأحلام، تسأل عنا الأحلام، وعندما نطرح الأسئلة تأتينا الإجابات الآن أو بعد حين، حسب جهدنا وسعينا وإخلاصنا، لذلك أقول ل«سما»، والقارئة العزيزة «ريهام» من آداب القاهرة، ولكل سما وريهام: احلموا، وتأكدوا أن الحلم الصحيح قادر على تغيير الواقع، وهناك مقولة إغريقية قديمة تقول «إذا أردت شيئا– أى شىء– بصدق، فإن العالم كله يتحالف من أجل أن يساعدك على تحقيقه، لذلك أقول لكل صديقة، اجعلى أحلامك أمامك وليست خلفك، أو كما نغنى مع محمد منير دون أن نفهم الكثير من معانى الأغنية الجميلة «حطى اللى خلفك قدامك تلقى البلد عامرة الليلة.. الليلة يا سمرة»، يا صديقتى لا تجعلى سخافات الحياة وضجيجها يسلبك أجمل ما يتميز به الإنسان عن غيره من المخلوقات: «الخيال والحلم»، فكل الإبداعات والابتكارات كانت «حلما فخاطرا فاحتمالا، ثم أصبحت حقيقة لا خيالا».. حلمنا هو رسالتنا فى الحياة والصورة التى نقدم بها أنفسنا للعالم، فاحلموا بلا خجل وحتما سيأتى الغد الجميل طائعا إلى مدن أحلامكم.