لهذه الدولة «رئيس»، يحكم البلاد ويباشر صلاحياته، ويقلق الشعب كله والمجتمع الدولى إذا غاب عن الصورة ليوم واحد. صحيح أن الرئيس «حسنى مبارك» لم يعلن ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة القادمة، وأن ملف «التوريث» يفرض نفسه على المشهد السياسى، لكن هذا لا يعنى بدء الحملة الانتخابية لتأييد أمين لجنة السياسات «جمال مبارك»!! ليس من باب «اللياقة» فحسب، بل لإظهار تماسك الحزب الوطنى، والتفافه حول «مرشح» واحد. ما يجوز لأحزاب المعارضة والمستقلين يعد سلوكا معيبا إذا صدر عن الحزب الحاكم، ففيه افتئات على وجود «الرئيس». المعارضة التى التفت حول الدكتور «محمد البرادعى» تتحرك وسط الجماهير لتغيير مواد الدستور المانعة للترشح، وفى مقدمتها المادة 76، بينما الحزب الوطنى يتمترس خلف تلك المادة، متحصنا بها ضد المنافسة فلماذا بدأ التحرك لدعم «جمال مبارك 2011»؟ أليس فى حملة الدعم تلك إحراج لمؤسسة الرئاسة؟ ثم من العبقرى الذى اخترعها، لتبدأ «حرب الملصقات» لمنشورات الدعاية.. والدعاية المضادة؟ من السخف أن تعود مصر للأربعينيات، لتصبح الملصقات هى أداة التغيير السياسى، ومن العار أن تعتقل أجهزة الأمن الشباب لتوزيعهم ملصقات تدعو للمطالب السبعة للتغيير! هل أصبحت الانتخابات الرئاسية بهذه «التفاهة»؟ هل أصبح مرشح الرئاسة يكتسب شرعيته من مواقع الإنترنت، وجروبات التأييد على موقع «الفيس بوك»؟ لو كانت تلك هى المقاييس فالدكتور «البرادعى» يفوز باكتساح. آخر تصريح لأمين السياسات فى لقائه مع شباب الجامعات فى معسكر «إعداد القادة»، يؤكد رفع الشمع الأحمر عن ملف التوريث، حيث قال: (أنا لم أرشح نفسى، وحاليا اهتمام الحزب هو انتخابات مجلس الشعب). لكن هذا لا ينفى أن حركة السيد «جمال مبارك» تتجاوز دور أمانة السياسات، وطاقة الأعضاء مجتمعين!. فهو يقوم بدور «أكبر» من صلاحيات رئيس أمانة فى الحزب الوطنى، إنه يتفقد المحافظات والقرى الفقيرة، ورجال الحكومة يبدون صغارا فى موكبه. كما أنه يتحدث فى كل ما يتعلق بمصر من شأن داخلى أو خارجى، وهذا بالطبع لا يتاح لغيره من أمناء اللجان بالحزب. وتبدو الصورة محيرة وملتبسة، فأى متابع سياسى لا يعرف هل يصنف السيد «جمال مبارك» بصفته «نجل الرئيس»، أم «الوريث» أم أحد القيادات الحزبية؟ لقد أصبح الوضع مربكا لدرجة أن تحديد «موقفه»، أو إعلان مرشح الحزب الوطنى أصبح مطلبا شعبيا، تماما مثل المطالب السبعة للتغيير. أنا شخصيا ضد توريث الحكم، وضد إجراء الانتخابات الرئاسية فى ظل المادتين 76 و77 من الدستور. لكننى أكثر تشاؤما من أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير، لدىَّ يقين ما بأن الإصلاح السياسى «خدعة»، وأن الانتخابات ستتم تحت طوارئ المادة 76، ولن يتغير شىء إلا اسم مرشح الحزب الحاكم. لو كان «الرئيس» يأتى من التأييد الشعبى على «الفيس بوك» وملصقات الشوارع لربما تغير الوضع!