عشاق فيروز يحتشدون اليوم فى بيروت.. ومساع حكومية وعربية لحل الخلاف مع الرحبانية

يحتشد اليوم عند الثالثة والنصف عصرا على أدراج المتحف الوطنى فى بيروت محبو السيدة فيروز، من مواطنين وفنانين ومثقفين لبنانيين وعرب، صامتين مرتدين اللون الأصفر مستمعين إلى صوتها يصدح عبر مكبرات الصوت، فى رسالة تضامنية ترفض أى قرار قضائى يمنع «سفيرة لبنان إلى النجوم» من الغناء.
وعلمت «المصرى اليوم» أن وساطات رسمية انطلقت من لبنان وسوريا ودول عربية أخرى، فى محاولة لمعالجة الخلاف. وكشف وزير الثقافة اللبنانى سليم وردة، فى تصريحات خاصة ل «المصرى اليوم»، عن مسعى يقوم به لوضع حد للخلاف الرحبانى وارتداداته، انطلاقا من عدم وجود مصلحة للطرفين فيما يجرى وصونا للإرث الرحبانى الوطنى الذى لا يجوز أن يمسه أى سوء، حسب قوله.
فى داخل بيت فيروز ثمة من ينظر بتقدير إلى الحملة التضامنية المنطلقة فى لبنان والأقطار العربية، نافيا أن تكون هذه التحركات تتم بتحريك داخلى يهدف إلى التأثير فى قرار القضاء. مصدر مقرب من فيروز قال ل «المصرى اليوم» إن فيروز والمحيطين بها «يفضلون الصمت اليوم، وعدم الانجرار إلى سجالات فى وسائل الإعلام لم تكن يوما جزءا من تراث السيدة الكبيرة التى بقيت بعيدة فى سيرتها عن هذه العادات السائدة فى الوسط الفنى».
وأضاف: «تنظر فيروز بتقدير كبير إلى العاطفة الشعبية اللبنانية والعربية التى تغمرها، وتؤكد لها أن ما صنعته فى حياتها الفنية هو ملك للناس ولا يحق لأحد حجبه وتدرك جيدا أن صوتها ملكهم وتتأثر من قولهم إن دفاعهم عن صوت فيروز إنما هو دفاع عن جزء أساسى من سيرتهم الشخصية ومن تاريخهم وتراثهم».
ويقول المصدر: «نحن لا نخرق القانون بل ندعو إلى الاحتكام إليه، وجلّ ما فى الأمر يعبر عن محاولة تحويرية قانونية من الطرف الآخر تستهدف شخص فيروز لكن الموجة الشعبية الكبيرة المدافعة عنها ستثبت للجميع أنها أكبر من قرار يمنعها عن الغناء وأنه سيصعب على أحد كبت الصوت الملائكى لا اليوم ولا غدا ولا بعد 100 سنة».
على الجانب الآخر، تبدو أجواء ورثة الراحل منصور الرحبانى مستاءة بعض الشىء مما يقولون إنه «تشويه مستمر للحقائق فى الإعلام»، ما اضطر الإخوة الثلاثة إلى إصدار بيان توضيحى مطول منذ أيام يشرح الحيثيات القانونية للقضية. وفى اتصال مع «المصرى اليوم» تساءل مصدر مقرب من العائلة: «من ذا الذى يمنع فيروز من الغناء؟»، واعتبر أن «ما ينشر ويقال وينبش يعبر عن تحوير مقصود فى أغلب الأحيان، فأحد لم يمنع فيروز من الغناء حتى يهب المزايدون ويطلقوا هذه الحملة من الإساءات ضدنا والتى لن نسكت عليها».
ويضيف المصدر: «طالبنا بحقوقنا المعنوية أولا وأخيرا من الأعمال التى صنعها الأخوان الرحبانى والتى تنوى فيروز تأديتها وفى هذا نحن نتحرك ضمن القوانين اللبنانية والعالمية والأخلاقية والشرعية». ويقول: «نحن احتكمنا إلى القضاء بعد طول محاولات لحل المسألة لكن الطرف الآخر أمعن فى عدم الاعتراف بهذه الحقوق ما دفعنا إلى التفتيش عن الوسائل المشروعة لأخذ حقنا وحماية إرث والدنا الذى ثمة من يحاول تهميش دوره فى المسيرة الرحبانية العظيمة».
الكاتبة كلوديا مارشيليان، إحدى المحركين الأساسيين للحملة التضامنية مع فيروز التى انطلقت منذ أيام، تقول: «لا يهمنى الحديث عن أحكام قضائية والدخول فى تفاصيل عقود وموجبات، فالقضية باتت أكبر من ذلك بكثير، لأنها تمس رمزاً وطنياً كبيراً كانت له تأثيراته الوطنية والاجتماعية فى أجيال كثيرة» مضيفة: «ممنوع المس بهذا الرمز الوطنى المتصل بالإرث الثقافى والفنى والوطنى».
 من جهته، يأسف الناقد والكاتب عبيدو باشا المواكب عن قرب للتجربة الرحبانية لمشهد السجالات الحاصل، قائلا ل «المصرى اليوم»: «أنا لا أفهم لماذا تم تكبير الأمور فى الإعلام إلى هذه الدرجة ولماذا يزج الإعلام نفسه فى خلاف عائلى؟ أنا متأكد أنه لا أحد قادراً على حله إلا الرحابنة أنفسهم بعيدا عن المزايدين».
ووصف عبيدو من هبوا لإطلاق الحملات التضامنية مع فيروز و«صوروا أنفسهم مدافعين شرسين عنها بأصحاب البطولات الفارغة التى يقوم بها من يبحث عن حمل القضايا الإعلامية الرنانة من الكتاب والصحفيين والفنانين». وأضاف أن «كل من يقحم نفسه فى هذا الخلاف خاسر، لا بل إنى أرى أن القضية برمتها وعلى الجانبين خاسرة ولا نكهة ولا لون لها».
وتساءل مستنكرا: «من منع فيروز من الغناء؟.. لنسلم أن المعطى القانونى يمنع فيروز من تأدية الأعمال التى شارك منصور فى صنعها، فهل هذا يعنى أن المنع يطال الأعمال الخاصة بعاصى وزياد؟».
واعتبر أن «عنوان القضية الرنان المسمى (منع فيروز من الغناء) هو خاطئ لأنه لا يعبر عن حقيقة وإنما عن شعارات أدمنا فى الوطن العربى ابتداعها بسبب الفراغ والغريزة الشعبوية التى تعيش على الهبات».