اليوم.. يمر 58 عاماً على اندلاع ثورة يوليو، ومع ذلك لاتزال أسئلتها مستعصية: هل هى ثورة أم حركة أم انقلاب؟.. هل كانوا ضباطاً وأحراراً بحق أم مجرد كوادر سياسية واجتماعية أرادت أن تنتقم لنفسها وللشرائح التى تنتمى إليها؟ أين الإنجاز الحقيقى لهذه الثورة، وأين خطؤها؟.. ثم السؤال الأهم والأكثر إلحاحاً هذه الأيام: ما الذى بقى منها؟! قيل الكثير عن ثورة يوليو: أطنان من الكلام ومئات الكتب و«شهادات» لا تمييز فيها بين ضابط حر كان يجلس إلى جوار عبدالناصر، وبائع متجول ينادى على تين شوكى أمام مصنع يعلق على واجهته صورة «الزعيم».. قيل الكثير عن الثورة ومازال يقال، قيل إنها «غيرت» إلى الأسوأ ونشرت القبح فى حياة المصريين وأسست لفكرة الحاكم الفرد وجعلت من الديمقراطية كائناً لقيطاً ولم تعلم بورجوازيتها كيفية الحفاظ على إنجاز وكيفية الحفاظ على أنفسهم من أخطاء ثورتهم. قيل الكثير فى ثورة يوليو: علمتنا «ببلاش» وعالجتنا «ببلاش» ووفرت لنا قوتنا وهدمتنا ولم تسمح لقريب أو غريب أن يمسنا بسوء، فكان غناؤنا لها من القلب رغم تهاويمه وأكاذيبه ومبالغاته. قيل الكثير: 58 عاماً والناس يتحدثون عن ثورة يوليو حقاً وباطلاً.. ينتقدونها بوصفها شيطاناً رجيماً دمر البلد، ويهجمون على كل ما بقى منها بوصفه إرثاً لن يجلس على مقعدها، يقولون إنها «بناء فوقى» خانق و«بناء تحتى» لا يقدر بثمن، يقولون إنها حزمة أفكار متخلفة تظلل بنية تحتية لبلد ناهض وواعد ورائد.. نصدق مَنْ؟.. الله أعلم.