صحيح.. صدق المصريون عندما يقولون «آه يا زمن»، قول ينطبق تمام الانطباق على هبوط المحلة والمنصورة، وعلى الظلم الذى يقع على الأندية الشعبية، فهى الأندية التى خلقت ما يسمى باتحاد كرة القدم. حيث كانت الأندية الجماهيرية هى كل شىء. هى التى ولدت من رحم الجماهير وبالقروش التى تبرعوا بها، ولادة فقيرة من آباء فقراء. كبر رجال اتحاد الكرة ولم تكبر هذه الأندية، فهى كانت ومازالت «الحائط المائل»، أضاءت أيديها بالشموع لرجال الاتحاد، وكان الرد «ولو»، ضربت باستمرار تعظيم سلام ولم يرد الاتحاد التحية، ضُربت بالأقلام على الخد الأيمن، وبكل سرور أدارت الخد الأيسر. نامت على الجنب الذى يريح الاتحاد وليس الذى يريحها. يقفون «زنهار» عندما يطلبهم الاتحاد للانتخابات ثم يتركونهم واقفين عندما تنتهى مهمتهم. حضرات القراء.. طيب كان فيها إيه لو اتحاد الكرة أخد حركة جدعنة وقرر عدم هبوط هذه الأندية، يا سيدى قرار خطأ وسط آلاف القرارات الخاطئة.. القرار فيه فوائد للجميع من أول اتحاد الكرة إلى الحزب الوطنى للحكومة. اتحاد الكرة كان سيكسب رضا الأندية الشعبية فى جميع الدرجات، وهى لديها كل الأصوات، وسيزيل مؤقتاً الصورة السيئة التى ارتسمت فى عقول المصريين عنه، وسيوسع قاعدة مشاركة الأندية الشعبية التى مصيرها إلى زوال. سيكتب له أن بقراره هذا حافظ على وجود الأندية الشعبية فى الكرة المصرية، سترضى عنه الحكومة وسيرضى الحزب الوطنى فى عام الانتخابات الحالى. فآلاف آلاف الأصوات فى الدلتا كانت ستصوت لمرشحى الحزب الوطنى.. ملايين من أبناء الدلتا يهتفون بالروح بالدم نفديك يا حكومة، ونفديك يا وطنى «الحزب». حضرات القراء.. كيف لا يأكل رجال الاتحاد قلبهم وهم يرون هذه الأندية الشعبية تسقط وتتهاوى واحداً وراء الآخر. قد يخرجون علينا ويقولون ما باليد حيلة، فاللوائح تحكم، إيه.. طيب أين هذه اللوائح من «المادة 18» ومن قرارات أخرى تمت بالمخالفة للوائح. إذن فلنعقد مقارنة بالأندية الصاعدة مع المحلة والمنصورة. الأخيران لديهما جماهير متحمسة وكبيرة ولا حصر لها، هذا أمر والأمر الآخر والأهم، هو وجود ملعب مناسب فى المنصورة ومضاء على أعلى مستوى، وشرحه ملعب نادى المحلة، بينما أندية دجلة والمقاصة وسموحة ومعها الجونة لا يوجد لديهم ملاعب ولهذا يبحثون عن الملاعب التى تستضيفهم الموسم المقبل، ويكفى أن ملعب الفيوم الذى اختاره نادى المقاصة لا يصلح، ولن يوافق الأمن على اللعب به، أما عن جماهيرهم فأنا آسف «بلاش إحراج». عزيزى القارئ. الواضح أن اتحاد الكرة يدير كرة قدم غير التى نعرفها، كرة البلاى استيشن التى يتسلى بها اللاعبون ليلة المباراة، كرة لا مشاعر فيها، كرة لا عواطف فيها، كرة ليس فيها بشر ولكنها صورة بشر دون روح أو قلب، اللعب من خارج الملعب وليس من داخله، فاللاعب لا يجرى من نفسه ولكنه يجرى بسبب ضغطه على الزرار. هذا ليس هو المفهوم الإنسانى لكرة القدم، ولا العلاقات الاجتماعية بين جميع أفراد المنظومة لاعبين وحكاماً وإدارة أندية وإدارة اتحاد. المثير أن اتحاد الكرة أمير ومهاود ومطاوع ومسالم أيام الانتخابات يعنى حمامة، يمامة، زرافة، وقتها، وفى غير هذه الأوقات أسد غدنفر، نمر مفترس، فيل يدهس كل من يقابله. طيب إيه المطلوب. مطلوب فعل لا رد فعل مستكين، مطلوب غضب مهذب من مشجعى الناديين، مطلوب حملة إعلامية قوية لطرح قضية الأندية الشعبية ومصيرها.. مطلوب نواب يتحركون، أعضاء محليات غاضبون. مطلوب ومطلوب ومطلوب، ولكن يتبقى السؤال: من يضع الجرس فى رقبة البقرة؟ أنا عارف.. طيب حضراتكم عارفين. مشاعر ■ الكاتب والمفكر الكبير أنيس منصور.. بسببه دخلت بإرادتى الحرة قسم الفلسفة بآداب القاهرة.. ولروعة كتاباته تمنيت أن أكون كاتباً مشهوراً مثله. وأحببته عندما كتب مقالاً رائعاً وأنا محافظ للإسماعيلية عنوانه «الإسماعيلية آخر المدن النظيفة فى مصر»، وغضبت منه عندما كتب عنى وأنا وزير للشباب أننى الرجل غير المناسب فى المكان غير المناسب.. وغضبت أكثر عندما قال إن الزميل مجدى الجلاد قال إن السادات خائن، خاصة أنه يعلم أن الرجل لم يقل ذلك. ولهذا زعلت منه لأنه لم يعتذر لمجدى الجلاد بسبب تحميله كلمات لم يقلها. يبدو أن المفكر الكبير يريد أن يخسر كثيراً من محبيه بإرادته الحرة. ■ الدكتور كمال درويش.. لا أصدق ما أقرؤه عن قيامه برفع قضية للمطالبة بحقه فى رئاسة اتحاد الكرة.. المحزن أن يفعل الرجل ذلك وهو اسم كبير فى الرياضة المصرية كعميد سابق لكلية التربية الرياضية، وكرئيس سابق لنادى الزمالك. محاولات وإلحاح الدكتور درويش تعنى أن الرجل يبحث عن أى منصب رياضى بكل السبل وبأى طريقة وهو لا يليق لا بشخصه ولا بتاريخه الرياضى. ■ مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين.. لأننى أعتز بمعرفته وبصداقته وبقيمته كصحفى كبير احترم نفسه ومهنته، حزنت لما يجرى معه من بعض الإخوة الصحفيين أعضاء مجلس إدارة النقابة.. لا.. ليس هكذا تحترم الرموز.. عزيزى مكرم.. آن للمحارب أن يستريح.. هو قرارك وليس قرار أحد غيرك. ■ نادر شوقى وكيل اللاعبين.. يقنعنى عندما يتحدث أحترمه فى احترافيته فى التعاون مع لاعبيه ومع الأندية الأجنبية.. بصراحة هو كوم وكثير من الوكلاء الآخرين كوم آخر. ■ الإعلامى الكبير عمرو الليثى.. كل شىء جميل فى برنامجه «واحد من الناس».. حماسه للبسطاء والفقراء، قناعته بالقضايا التى يعرضها.. فقط السلبية الوحيدة هى كتابة ردود السادة المحافظين تحت عنوان استجابة فورية. للأسف هذه الاستجابة شو إعلامى من المسؤولين، خاصة أن البرنامج لا يتابع التنفيذ. ■ المهندس أحمد عابدين، محافظ كفر الشيخ.. لا أزعم أننى متابع جيد لعمله بالمحافظة.. فقط أتابعه إعلامياً.. لا أنسى عنفه مع إعلامية فى أحد البرامج التليفزيونية.. ولم أصدق ما قاله فى لقاء مع الشباب عندما انفعل على أحد الشباب قائلاً: «انت كاذب وأنتم شباب فرافير»، وأضاف: «ونحن شعب من الفرافير».. بصراحة عنف وكلام يجب ألا يقال من محافظ قديم.. ربما أراد إحياء ذكرى الأديب الكبير يوسف إدريس كاتب مسرحية «الفرافير». بدون مشاعر .. هل يكره المصريون الديمقراطية.. أم أنهم يخافون منها؟ الراصدون للعمل السياسى فى الخارج وفى الداخل يرون أن العملية الديمقراطية هى فى قلب وعقل السياسيين من رجال السلطة ومن قيادات الأحزاب السياسية. فى الوقت نفسه يؤكدون أنها على الهامش بالنسبة لأغلبية المصريين، ويقولون إن هناك أسباباً كثيرة لعزوف المصريين عن الاهتمام بالعملية الديمقراطية، منها اهتماماتهم بالجرى وراء لقمة العيش، وأنهم لا يريدون إغضاب الحكومة، وأنها تهدد الاستقرار فى البلد، وأن الحياة التى يعيشونها الآن لن تتغير فى وجود الديمقراطية وفى عدم وجودها، وأن وجودها قد يكون انقلاباً ضد الحكومة. المراقبون يتعجبون من لهفة شعوب العالم على تحقيق الديمقراطية، ومن تعالى بعض الدول الديمقراطية القديمة عليها بالقول إنها عجوز عمرها أكثر من مائة وخمسين عاماً وأنها كبرت وشاخت ولابد من وجود بديل لها يطور المجتمع الإنسانى كله. حضرات القراء.. تطبيع الديمقراطية فى أى بلد فى العالم هو عملية صعبة ومعقدة وتحتاج زمناً طويلاً.. ففى إنجلترا ستة قرون مرت حتى تحققت منذ الماجنا كارتا حتى صدور وثيقة الإصلاح. فى أمريكا تحققت بعد عدة قرون. وإذا كان هذا جائزاً فى هذه البلاد فهو غير جائز فى مصر فالديمقراطية فى مصر كانت موجودة منذ بداية التسعينيات من القرن الماضى أيام الملكية أى أنها كانت موجودة منذ سبعة أو ثمانية قرون، حقيقى قد توقفت منذ الثورة فى الخمسينيات وعادت فى السبعينيات عندما وافق الرئيس السادات على إنشاء الأحزاب السياسية. عزيزى القارئ.. الديمقراطية تطورت على مر السنين، كانت ديمقراطية كلاسيكية قال عنها الرئيس الأمريكى «إبراهام لنكولن» إنها حكم الشعب نفسه بنفسه، ثم جاءت الديمقراطية الحديثة التى تمحورت حول المبادئ التالية: - الفصل بين السلطات - حقوق الإنسان - الفصل بين الدين والدولة - القضاء المستقل - الصحافة المستقلة - حرية الإعلام - حرية الاجتماع - حرية الرأى - عدالة توزيع الثروة - احترام مبادئ الانتخابات الديمقراطية. الإشكالية هى أن مفاهيم الديمقراطية هذه يفهمها السياسيون ولا يفهمها أغلبية الشعب، بمعنى أن العاملين فى الحياة السياسية يفهمونها بطريقة والأغلبية الصامتة تفهمها بطريقة أخرى أو لا تفهمها على الإطلاق، وربما كان ذلك هو السبب الرئيسى فى عدم إقبال المصريين على الاهتمام بالعملية الديمقراطية، فهذه المبادئ مع عظمتها إلا أنها لا تشد أذن أى مواطن يغرق فى مشاكله الحياتية. حضرات القراء.. وإذا كان يقال إن معظم دول العالم لا يهمها وجود الديمقراطية لأنها تحتوى فكرة المعارضة التى لاتحبها. المعارضة عليها أن تتحدث بلغة أخرى أسهل وأقصر وأوضح تصل لقلوب الشعب أكثر من عقولهم، عليها أن تفهم أنه لا أحد فى العالم الآن يحضر الندوات والمؤتمرات السياسية، لأنه لا يثق فى السياسيين ولا ما يقال فى هذه الندوات. فالمواطن قد يهمه الإجابة عن سؤال محورى ماذا سأستفيد من هذه الديمقراطية؟ ماذا سيعود على وعلى أسرتى منها؟ هو لا يهتم بمبدأ الفصل بين السلطات، وأن البرلمان أضعف من الحكومة، وهو لا يركز على حكاية استقلال القضاء فهى قضية لا تهمه، فكل هذه المفاهيم فى رأيه هى ترف لا يستطيع أن يقترب منه. حضرات القراء.. المواطن قد يسعد عندما يحدثونه عن المساواة بين الجميع، وأنه يجب إلغاء الوساطة وقد تعجبه حكاية التوزيع العادل للثروة خاصة عندما يقال له إنها تعنى عدم وجود طبقة مستفيدة وأن الاستفادة للجميع. المواطن يجب أن يرى نفسه محترماً فى كل مكان يذهب إليه، يحترم داخل أقسام الشرطة وعند دخوله المستشفى وعندما يذهب إلى دواوين الحكومة، هو يعجب بما تقوله المعارضة من أن الإصلاح الاقتصادى للحكومة عبارة عن أرقام مضروبة، وأنها غير موجودة على أرض الواقع فلا ضبط للأسعار ولا توافر للسلع ولا وجود لفرص حقيقية للعمل. قد يقتنع المواطن بالديمقراطية عندما يرى الانتخابات حرة ونظيفة، وأن صوته لن يزور، وأن صوته يعنى الكثير للعملية الديمقراطية. قد يتحمس المواطن عندما يشعر أنه يشارك فى صنع القرار السياسى، فلا تفرض عليه قوانين دون مناقشتها ودون معرفة رأيه، خصوصاً تلك التى تمس مستقبله ومستقبل أسرته. عزيزى القارئ.. الواقع السياسى يقول إن هناك تباطؤاً فى الإصلاح الديمقراطى كما هو فى الإصلاح الاقتصادى. قد أسمح لنفسى بأن أقترح ضرورة وجود وزير للإصلاح الديمقراطى، وقبل أن تهاجم الفكرة وتقول هل نحن ناقصين وزراء أو تسأل ماذا سيقدم، كفاية علينا وزراء الإصلاح الاقتصادى. وقبل أن أوضح اختصاصات هذا الوزير، أقول هذا الوزير موجود فى دول مختلفة منها كندا وهى كما نعلم دولة متقدمة وديمقراطية جداً، وأيضاً أقول إن الشعوب قد تصبر عشر أو خمس عشرة سنة لو تأكدت أن الديمقراطية ستصبح حقيقة واقعة بعد هذه الفترة.