اليوم، 2355 مدرسة بسوهاج تستقبل مليون و255 ألف طالب وطالبة    بندقية من الحرب العالمية الأولى، تفاصيل جديدة مثيرة في قضية تشارلي كيرك    زحام أولياء الأمور في أول أيام الدراسة أمام مدارس الجيزة (فيديو)    من السبب باسم ياخور أم المنتج المختطف؟.. تصوير "سعادة المجنون" السوري في لبنان يثير الجدل    مي كمال: زواجي من أحمد مكي مش سري وإعلان طلاقي على السوشيال لأن الموضوع زاد عن حده    ترامب: نحن لا نحب الجريمة لكن الديمقراطيين يحبونها    مأساة ومشهد لا يوصف.. مدير مستشفى غزة يستقبل جثامين شقيقه وأقاربه أثناء تأدية عمله    عاجل- الاستعلامات: وجود القوات المصرية في سيناء يتم وفق معاهدة السلام.. ومصر ترفض توسيع الحرب على غزة    عاجل- التليجراف: بريطانيا تستعد لإعلان الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين اليوم    مصدر من الزمالك ل في الجول: غياب بانزا عن المباريات لقرار فني من فيريرا    رسميا.. الأهلي يطالب اتحاد الكورة بالتحقيق مع طارق مجدي حكم الفيديو في مباراة سيراميكا بعد الأخطاء المعتمدة ضد الفريق    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الأحد 21-9-2025    طقس الأحد.. أجواء حارة نهارًا ومعتدلة ليلًا مع فرص أمطار خفيفة    «الداخلية» تكشف حقيقة ادعاء «صيني» بشأن طلب رشوة منه في مطار القاهرة | فيديو    استقرار أسعار الحديد في مصر مع ترقب تعديل جديد خلال سبتمبر    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 21-9-2025 مع بداية التعاملات الصباحية    أصالة تحيي ثاني فقرات اليوم الوطني السعودي ب مراسي وسط احتفاء من جمهورها (صور)    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب.. تعرف على طريقة أداء صلاة الكسوف    ردًا على تسعيرة كرسي البرلمان: حزب حماة الوطن يوضح معايير اختيار المرشح    مصرع شخص وإصابة آخر بطلق ناري خلال مشاجرة في دلجا بالمنيا    ذروته اليوم ولن يمر ب مصر.. تفاصيل كسوف الشمس 2025 وأماكن رؤيته    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    شيكابالا: الزمالك الأقرب للفوز في القمة أمام الأهلي    بعد مباراة سيراميكا.. وليد صلاح الدين يصدم تريزيجيه بهذا القرار.. سيف زاهر يكشف    أسعار الفاكهة في مطروح اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    مستشفى رأس الحكمة بمطروح يجرى جراحة ناجحة لشاب يعانى من كسور متعددة في الوجه والفك العلوي    يتسبب في فساد الطعام وروائح كريهة.. خطوات إزالة الثلج المتراكم من الفريزر    برواتب تصل 16 ألف جنيه.. طريقة التقديم على وظائف وزارة الشباب والرياضة 2025    البرلمان العربي: انتخاب السعودية لمجلس محافظي الطاقة الذرية مكسب عربي    وزير خارجية السعودية: القضية الفلسطينية على رأس أولويات المملكة في المحافل الدولية    استعدادًا للمونديال.. خماسية ودية لشباب مصر في سان لويس قبل «تجربة كاليدونيا»    النيابة العامة تكرم أعضاءها وموظفيها المتميزين على مستوى الجمهورية| صور    وزير السياحة عن واقعة المتحف المصري: لو بررنا سرقة الأسورة بسبب المرتب والظروف سنكون في غابة    خطوات استخراج بدل تالف لرخصة القيادة عبر موقع المرور    "بعد ثنائيته في الرياض".. رونالدو يسجل رقما تاريخيا مع النصر في الدوري السعودي    نتائج مباريات أمس السبت    مصدر يكشف موقف إمام عاشور من مباراة الأهلي أمام حرس الحدود    أسامة الدليل: حماس وإسرائيل متفقان على تهجير الفلسطينيين.. ومصر ترفض انتهاك سيادتها    شملت جميع الأنواع، بشرى سارة عن أسعار الزيت اليوم في الأسواق    بيان من هيئة الاستعلامات للرد على تواجد القوات المسلحة في سيناء    بعد 9 سنوات من المنع.. صورة افتراضية تجمع حفيد الرئيس مرسي بوالده المعتقل    برأهم قاض امريكي.. الانقلاب يسحب الجنسية من آل السماك لتظاهرهم أمام سفارة مصر بنيويورك!    ندوة «بورسعيد والسياحة» تدعو لإنتاج أعمال فنية عن المدينة الباسلة    مظهر شاهين: أتمنى إلقاء أول خطبة في مسجد عادل إمام الجديد (تفاصيل)    أسعار الأدوات المدرسية فى أسيوط اليوم الأحد    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    بيلا حديد تعاني من داء لايم.. أسباب وأعراض مرض يبدأ بلدغة حشرة ويتطور إلى آلام مستمرة بالجسم    وزير الشؤون النيابية يستعرض حصاد الأنشطة والتواصل السياسي    تفاصيل لقاء اللواء محمد إبراهيم الدويرى ب"جلسة سرية" على القاهرة الإخبارية    محمد طعيمة ل"ستوديو إكسترا": شخصيتي في "حكاية الوكيل" مركبة تنتمي للميلودراما    مستشار الرئيس للصحة: زيادة متوقعة في نزلات البرد مع بداية الدراسة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من سفر المنفى: مُباراة كُرويّة توحّد إسبانيا

تصادف وصولى إلى إسبانيا، لزيارة حفيدى (آدم) مع يوم الأحد 11/7/2010، يوم إقامة المُباراة النهائية لكأس العالم فى كُرة القدم، فى جنوب أفريقيا.
بدأت المُباراة مع المُسافرين من الإسبان وهم يتجادلون، من مطار «استانبول»، حيث بدأت الرحلة، واستمر الجدل لأربع ساعات، إلى أن وصلنا إلى مطار «إشبيلية»، قلب الأندلس، حيث تعيش أسرة أصهار ابنى أمير. ومرة أخرى من المطار إلى الفندق، كان حديث سائق التاكسى عن المُباراة، التى كانت على وشك أن تبدأ خلال نصف ساعة، وهى المُدة التى تستغرقها المسافة عادة، إلا أننا وصلنا فى اثنتى عشرة دقيقة.. فقد كان الطريق يكاد يكون مهجوراً... وحينما سألت زوجتى السائق عن ذلك، ردّ باندهاش: ألا تعلمين أن اليوم هو «دى داى D.Day» - وهو التعبير الأوروبى لأهم معارك الحرب العالمية الثانية، على شواطئ نورماندى الفرنسية، بين قوات الحُلفاء بقيادة الجنرال أيزنهاور، والقوات الألمانية؟!
وعند وصولنا إلى الفندق، وجدنا ساحته الأمامية مُكتظة بالشباب والكهول من الجنسين، أمام شاشة تليفزيونية عملاقة، تنقل المُباراة بين إسبانيا وهولندا من جنوب أفريقيا... ولاحظت زوجتى على الفور أوجه الشبه بين المتفرجين الإسبان، والمتفرجين المصريين من حيث حرارة التعليقات، وإذكاء النصائح للاعبين الإسبان، على بُعد آلاف الأميال!
ومع انتهاء الوقت الرسمى للمُباراة بالتعادل، تنفس كثير من المُشاهدين الإسبان الصعداء.. اعتقاداً منهم بأنه إذا حُسمت المُباراة بالضربات الترجيحية، فإنهم سيفوزون. ولذلك كانت دهشتهم وفرحتهم، حينما سجّل أحد لاعبيهم (إنييستا) هدف الفوز خلال الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافى، وانفجرت ساحة الفندق برعود صوتية لأهازيج أغنية «تحيا إسبانيا» (viva la Espina)... وكانت الساعة قد قاربت منتصف الليل... قبل أن ينتبه موظف الاستقبال فى فندق أدريانو، إلى أننا فى الانتظار... فقد كان بدوره، مُستغرقاً فى مُشاهدة المُباراة، وفى الغناء! ولم نرغب نحن أن نُفسد عليه بهجته.
وأخيراً حينما صعدنا إلى غرفتنا فى الدور الرابع... ظلت أصوات الغناء تصلنا عالية، وحينما خرجنا إلى الشرفة المُطلة على ميدان أدريانو، رأينا مُظاهرات تتوافد على الميدان من كل الشوارع الجانبية المؤدية إليه، وهى تحمل الأعلام الإسبانية ذات الألوان الذهبية، وبالتاج الملكى الأحمر فى وسطها، والشريط الأسود فى أسفلها.. وكانت المدينة مُضاءة بألوان العلم نفسها.. واعتقدنا أن هذه المُظاهرات وتلك الأهازيج الجماعية ستهدأ تدريجياً خلال ساعة، أو ساعتين على الأكثر من انتهاء المُباراة، ولكن ذلك لم يحدث.
لقد ظلت المُظاهرات والأهازيج مُستمرة طوال الأربع وعشرين ساعة التالية، لم نهنأ فيها بالنوم، ولكنا سعدنا لبهجة شعب بأكمله. فقد كانت هذه هى المرة الأولى على الإطلاق، التى تفوز فيها إسبانيا بكأس العالم، رغم أنها تضم العديد من الأندية الشهيرة فى هذه الرياضة، منها نادى برشلونة، الذى فتح فرعاً له فى مصر منذ عدة سنوات، لتدريب الأشبال، منهم حفيدى الأكبر، سيف الله نبيل إبراهيم!
ولأننا لم نستطع النوم فى تلك الليلة فقد أدرنا مفتاح التليفزيون.. فإذا بكل المحطات الإسبانية والأوروبية تتابع نفس المُظاهرات من مُختلف المدن الإسبانية، وتنقل مُقابلات ميدانية مع اللاعبين الإسبان الذين كانوا لايزالون فى جنوب أفريقيا، ثم من مُدنهم المُختلفة فى إسبانيا نفسها.
وكان لافتاً عدد المُقابلات التليفزيونية من مدينة «برشلونة» ومن إقليم «كتالونيا» وإقليم «الأندلس» فى وسط إسبانيا، و«إقليم الباسك»، فى شمال غرب إسبانيا.. فقد كان سبعة من اللاعبين الأساسيين، أى أكثر من نصف عدد الفريق، هم أصلاً من ذلك الإقليم. وأهمية تلك المُلاحظة هى أن ذلك الإقليم يشهد منذ أكثر من عقدين من الزمان حركة انفصالية مُسلحة، تسمى إيتا (Etaa) تطالب باستقلاله عن بقية إسبانيا، وبإحياء لغتهم الأصلية (الكتالانية)، المُختلفة فى كلماتها وقواعدها عن الإسبانية...
إلا أنه فى تلك الليلة وفى اليومين التاليين من مُتابعتى لما تبثه وسائل الإعلام، فإن الجميع كان يُردد نفس العبارتين: «Viva la Espina» (تحيا إسبانيا) و«soy Espanola» «أنا إسبانى».. واختفت، على الأقل إلى حين، أى نعرات محلية أو انفصالية. فإلى جانب الباسك فى كتالونيا، هناك حركة مُشابهة بين أهل «قشتالة»، وأهل «الأندلس»، وهما بدورهما أسهما بلاعبين من أعضاء الفريق الإسبانى، الذى فاز على هولندا. ومرة أخرى، ردّد أهل «قشتالة» وأهل «الأندلس» نفس الشىء، أى «أنهم إسبان، وأنهم فخورن بإسبانيتهم».
ولم يفت على «السيد لويس ماريا ساباتيرو»، رئيس وزراء إسبانيا «عن الحزب الاشتراكى»، الذى قال بعد انتهاء المُباراة مُباشرة:
«إن الأداء المُبهر للفريق الإسبانى، بكل تنوعاته، هو نموذج يُحتذى لكل أبناء إسبانيا، ولإسبانيا التى نريدها فى القرن الحادى والعشرين».
وهكذا نجح فريق كروى «من أحد عشر لاعباً» فى التوحيد الوجدانى لخمسين مليوناً من أبناء الشعب الإسبانى. ونجحت الرياضة فى إنجاز ما تعذر على السياسيين إنجازه، منذ الحرب الأهلية الإسبانية، فى ثلاثينيات القرن العشرين أى قبل سبعين عاماً.
فمنذ ذلك الوقت ولعدة عقود تالية، انقسم الإسبان إلى «جمهوريين يساريين»، و«ملكيين يمينيين»، ودارت بين الفريقين حرب ضروس، انتصر فيها اليمين، بقيادة الجنرال فرانكو. ورغم مرور سبعة عقود، فإن جراح تلك الحروب مازالت حية، يتناقلها الأحفاد عن الأبناء عن الآباء عن الجدود. ولكن فى ذلك اليوم، الأحد، الحادى عشر من يوليو 2010، بدت إسبانيا كلها على قلب شخص واحد، وكما لم تكن قد انقسمت أبداً بين يساريين ويمينيين، أو بين قشتاليين وباسك وأندلسيين وإسبان.
وتذكرت فى تلك «اللحظة الإسبانية» النادرة، لحظة مصرية مُماثلة، فى وقت مُبكر من هذا العام، حينما كان فريق كُرة القدم المصرى يتنافس على بطولة كأس الأمم الأفريقية... وشاهدت المُباراة النهائية وقتها فى أحد مقاهى العاصمة الأمريكية «واشنطن»، وهو «مقهى القدس»، الذى يملكه فسلطينى، يُحب مصر والمصريين حباً جماً...
وأعد لهم فى تلك المُناسبة شاشة عملاقة.. ومأكولات ومشروبات مصرية... ورغم أن صعيد مصر كان قد شهد مذبحة طائفية مؤلمة، فى اليوم السابع من يناير، وهو عيد الميلاد القبطى، حينما فتح أحد المُتطرفين المسلمين النار على المُصلين الأقباط، لحظة خروجهم من الكنيسة، بعد أداء قداس عيد الميلاد المجيد، فأصاب عشرات منهم، بين قتلى وجرحى.
ورغم أن الأحزان كانت لاتزال عميقة، خاصة بين أقباط المهجر، فإن هؤلاء، وفدوا إلى مقهى القدس، جماعات ووحداناً، لمُشاهدة مُباراة مصر وغانا، فى نهائى كأس الأمم الأفريقية، وهم الذين كانوا الأكثر حماساً وتشجيعاً للفريق المصرى، وهم الذين قادوا ترديد النشيد الوطنى: «بلادى بلادى لك حُبى وفؤادى..»،
وكتبت حينها مقالاً بعنوان: «أقباط ومسلمون يتوحدون من أجل مصر» «المصرى اليوم: 6/2/2010». ومثلما أحس جميع الإسبان فى لحظة فوز فريق بلادهم بالفخر بإسبانيتهم، شعر المصريون أقباطاً ومسلمين بالتوحد والفخر، وتجاوزوا ولو للحظات، ما كان يُفرقهم أو يُحزنهم على أحوال أخرى فى وطنهم.. إنها الرياضة مرة أخرى.. فتباً للطائفية وللسياسة.. ولتحى الرياضة دائماً.. وإلى الأبد!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.