رغم تساوى كفة الفريقين بشكل كبير فى المستوى العام والمهارات الفردية وجمال الأداء، تبدو المواجهة مع المنتخب الهولندى فى النهائى اليوم هى الأنسب للمنتخب الإسبانى من وجوه عدة. ظلت هولندا مستعمرة إسبانية على مدار نحو 200 عاماً، ومازال التأثر الإسبانى واضحاً فيها من خلال الفن المعمارى، وفنون أخرى، أما فى شأن كرة القدم، فيقدم البلدان كرة جذابة وهجومية، ويشعر كثير من المحايدين فى أنحاء العالم بالسعادة، لأن النهائى سيجمع بين هذين المنتخبين. وعلقت إذاعة «ماركا» على ذلك بالقول إن «منتخبى إسبانياوهولندا دائماً ما يقدمان كرة قدم جيدة.. إنها أنباء طيبة لكأس العالم وللعبة بشكل عام أن يلتقى الفريقان فى المباراة النهائية». ومنذ سبعينيات القرن العشرين تركت هولندا تأثيراً هائلاً على كرة القدم الإسبانية، بدأ ذلك بوصول المدرب الهولندى رينوس ميشيلز إلى برشلونة عام 1971، حيث تعاقد نادى برشلونة الإسبانى مع ميشيلز مخترع أسلوب «الكرة الشاملة»، بعدما قاد هذا المدرب فريق أياكس الشاب إلى الفوز بلقب كأس أوروبا للأندية الأبطال. كانت مهمة ميشيلز فى «كامب نو»، معقل فريق برشلونة، هى الدمج بين بريق ومهارة الكرة الإسبانية، والثقة والنظام والأداء البدنى القوى للكرة الهولندية. وفى عام 1973، أقنع نادى برشلونة النجم الهولندى الشهير، قائد أياكس نجم المنتخب الهولندى للعبة، بالانضمام لصفوف الفريق. وفى عام 1974، وبعد خسارته مع المنتخب الهولندى فى نهائى كأس العالم 1974 أمام ألمانياالغربية، انضم النجم الهولندى يوهان نيسكنز لخط وسط برشلونة ليدعم صفوف الفريق. وأدرك ميشيلز أنه أنشأ بذلك «مستعمرة هولندية» فى «كامب نو». وقاد كرويف فريق برشلونة للفوز بلقب وحيد فى الدورى الإسبانى ولقب وحيد فى كأس إسبانيا على مدار السنوات الخمس التى قضاها فى الفريق. وعاد كرويف إلى برشلونة عام 1988 مديرا فنيا للفريق، وتعتبر تلك العودة لحظة حاسمة فى تاريخ النادى الكتالونى. وعلقت صحيفة «سبورت» الكتالونية الرياضية فى مارس الماضى على تعيين كرويف رئيسا فخريا لنادى برشلونة بالقول «منح كرويف برشلونة هوية خاصة ومميزة له من خلال أسلوب لعب واضح». كان «فريق الأحلام» الذى شكله كرويف أوائل تسعينيات القرن الماضى من أفضل الفرق فى تاريخ النادى الكتالونى، حيث قاد هذا الفريق من خط الدفاع اللاعب الهولندى رونالد كومان. وفاز الفريق لنادى برشلونة بلقب الدورى الإسبانى فى أربعة مواسم متتالية بالإضافة للقب وحيد فى كأس الأندية الأوروبية الأبطال (دورى أبطال أوروبا حاليا) ليكون الأول لبرشلونة عبر تاريخه. أقيل «كرويف» بشكل مفاجئ وفظ عام 1996 لأسباب مثيرة للجدل، منها شعور بعض مسؤولى النادى بأنه صار صاحب سلطة كبيرة داخل النادى. ولكن الإقالة لم تكن نهاية التأثير الهولندى على «كامب نو»، ففى عام 1997، تعاقد النادى مع المدرب الهولندى لويس فان جال، الذى بدأ فى جلب معظم اللاعبين الذى فاز معهم بلقب دورى الأبطال الأوروبى عام 1995 عندما كان مديرا فنيا لأياكس الهولندى. حقق «فان جال» نجاحا سريعا مع الفريق، ولكنه لم ينل شعبية طاغية لدى أنصار الفريق، وربما كان ذلك لصرامته الشديدة فى التعامل مع اللاعبين، وربما لأنه جلب تسعة لاعبين هولنديين إلى صفوف الفريق ليأخذ معظمهم مكان اللاعبين الشبان المنتمين لإقليم كتالونيا نفسه. وبعد ستة شهور من إقالة فان جال عام 2003 (كانت الإقالة الأولى فى عام 2000)، أسند النادى مهمة تدريب الفريق إلى مواطنه فرانك ريكارد. قاد ريكارد الفريق للفوز بلقبين فى الدورى الإسبانى وكذلك للقب وحيد فى دورى أبطال أوروبا.