ارتفاع الأسهم الأمريكية في يوم متقلب بعد تحذيرات مجلس الاحتياط من التضخم والبطالة    هدنة روسيا أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ    استشهاد 100 فلسطيني بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي في 24 ساعة    قاض أمريكي يمنع ترحيل مهاجرين إلى ليبيا دون منحهم فرصة للطعن القضائي    بسبب الوزن.. عماد النحاس يستبعد نجم الأهلي من قائمة الفريق أمام المصري    محمد ياسين يكتب: وعمل إيه فينا الترند!    ارتفاع 1060 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    وزارة التموين تكشف موعد التحول للدعم النقدي    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    السفارة المصرية بالتشيك تقيم حفل استقبال رسمي للبابا تواضروس    مستشار الرئيس الفلسطيني يرد على الخلاف بين محمود عباس وشيخ الأزهر    بعد سداد ديونها للبنك الدولي، قطر تمنح سوريا 29 مليون دولار شهريا لدعم رواتب الموظفين    الشرع يكشف عن إجراء مفاوضات غير مباشرة بين سوريا والاحتلال    بنك التنمية الجديد يدرس تمويل مشروعات في مصر    كوريا الشمالية تطلق صاروخًا باليستيًا قبالة ساحلها الشرقي    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    «مفاجأة كبرى للجماهير».. ميدو يعلن موعد حل أزمة القيد    «عتاب الحبابيب قاسي».. رسالة نارية من إكرامي ل الخطيب    قبل ضياع مستقبله، تطور يغير مجرى قضية واقعة اعتداء معلم على طفلة داخل مدرسة بالدقهلية    معتدل والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    نشرة حوادث القليوبية| شاب يشرع في قتل شقيقته بسبب السحر.. ونفوق 12 رأس ماشية في حريق    الدولار ب50.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 8-5-2025    دور العمارة الداخلية في تنشيط السياحة، رسالة ماجستير للباحثة هالة الزيات بكلية الفنون الجميلة    رسميًا.. انطلاق سيارات Lynk & Co لأول مرة في مصر - أسعار وتفاصيل    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    إعلام حكومة غزة: نرفض مخططات الاحتلال إنشاء مخيمات عزل قسري    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    «نصيحة أعادت زيزو إلى الزمالك».. ميدو يكشف تطورات أزمة نجم الأبيض    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    تفاصيل اعتداء معلم على تلميذه في مدرسة نبروه وتعليم الدقهلية يتخذ قرارات عاجلة    "أولياء الأمور" يشكون من جداول امتحانات الترم الثاني: تؤثر على نفسية الطلاب    بلاغ للنائب العام يتهم الفنانة جوري بكر بازدراء الأديان    بيولي ل في الجول: الإقصاء الآسيوي كان مؤلما.. وأتحمل مسؤولية ما حدث أمام الاتحاد    سحب 116 عينة من 42 محطة وقود للتأكد من عدم «غش البنزين»    تحرك جديد من المحامين بشأن أزمة الرسوم القضائية - تفاصيل    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    «فستانك الأبيض» تحتفظ بصدارة يوتيوب.. ومروان موسى يطيح ب«ويجز» بسبب «الرجل الذي فقد قلبه»    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    رسميًا خلال أيام.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (احسب قبضك)    قبل الإعلان الرسمي.. لجنة الاستئناف تكتفي باعتبار الأهلي مهزوم أمام الزمالك فقط (خاص)    خريطة العام الدراسى المقبل: يبدأ 20 سبتمبر وينتهي 11 يونيو 2026    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    بعد تداولها على مواقع التواصل، مصدر يرد على جدل قائمة مصروفات جامعة القاهرة الأهلية    أخبار × 24 ساعة.. التموين: شوادر لتوفير الخراف الحية واللحوم بدءا من 20 مايو    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختيارات المتضاربة
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 08 - 2012

أصعب ما تمر به البلاد الآن هو غياب التوافق بين القوى السياسية المختلفة حول نقطة البداية، واختلاف الرؤية حول معنى استكمال مهام الثورة بالنسبة لأكثر من فريق، يقابلهم فريق آخر لا يعنيه إلا استقرار أوضاعه الاجتماعية وتحسن ظروفه المعيشية.
والحقيقة نحن أمام خيارات متعددة جعلت البلاد فى حالة شلل شبه تام، وستجعل مهمة الحكومة والرئاسة فى المرحلة المقبلة صعبة للغاية، ولن يحلها اتهام الإخوان كل مخالفيهم فى الرأى بأنهم فلول، وأن هناك مؤامرة كونية وإقليمية ومحلية لإفشالهم دون أن يراجعوا الأسباب الكامنة فى مشروعهم وإدارتهم السياسية التى قد تؤدى إلى إفشال أول تجربة لهم فى حكم البلاد.
ومن المعروف أنه لنجاح أى تجربة تحول ديمقراطى لابد من أن يكون هناك توافق على حد أدنى من القيم والأفكار بين مختلف القوى السياسية، فمن غير المنطقى أن يدار التنافس بين القوى السياسية المختلفة على أرضية التخوين والتكفير ولائحة طويلة من الاتهامات المتكررة فى الدول الفاشلة، فلايزال هناك من يتحدث عن أن الشعب يجب أن يقف كله خلف مرسى، وهو أمر غريب عن أبسط قواعد الديمقراطية التى لا يؤيد فيها كل الناس رئيسهم، تماماً مثلما يطالب البعض بإسقاط الرئيس عبر مظاهرات و«مليونيات»، متناسين أننا أمام رئيس منتخب لم يمض على انتخابه شهر واحد.
لم يتعلم كلا الطرفين أبسط قواعد الممارسة الديمقراطية، فهناك رئيس يؤيده قطاع من الشعب المصرى، وليس كل الشعب، ويعارضه قطاع قد يكون أكبر، لكن آلية إسقاطه لن تكون بالمظاهرات الاحتجاجية إنما بخلق معارضة بديلة وضمانات حقيقية لتداول السلطة، وتكون المظاهرات مثل كل دول العالم وسيلة ضغط ورسالة احتجاج وتقويم لا إسقاط رئيس منتخب نختلف معه.
والحقيقة أن هذا النوع من الترصد المتبادل لا يبنى نظاماً ديمقراطياً لأن الإخوان أصبح لديهم خطاب إعلامى ينزههم عن أى خطأ ويعتبر مخالفيهم معادين للثورة ومتآمرين على الرئيس، وهو أمر سيخلق معارضة من النوع نفسه تتعامل بنفس الروح الإقصائية.
والمؤكد أن الحالة المصرية تشهد صراعاً بين جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسات الدولة، خاصة السلطتين القضائية والعسكرية، وأضيف لها مؤخراً جهاز الشرطة، واستخدمت فيها أسلحة كثيرة بعضها قانونى وكثير منها سياسى.
والمطلوب أولاً من كثير من القوى المدنية والليبرالية أن تكبر وتعتمد على نفسها وتترك «ماما وبابا» قليلا أى الجيش والقضاء وتعتبر أن نجاحها الوحيد فى بناء تيار كفء تنظيمياً ومقنع سياسياً لعموم المصريين، وتوقف هؤلاء الذين يحرضون الجيش بكل فجاجة على الرئيس المنتخب أو شتمه بصورة مهينة، متناسين أنه أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطى، وأن الخلاف معه ونقده أمر مشروع وليس سبه أو إهانته.
أما الإخوان فهم يقومون بتعبئة أنصارهم فى مواجهة المجلس العسكرى تارة والسلطة القضائية تارة أخرى تبعاً للحاجة والظروف، فقد تظاهر شبابها أمام مجلس الدولة وحاصروا المحكمة وضغطوا على القضاة وهتفوا لصالح البعض وضد البعض الآخر حسب المحكمة وحسب الحكم، فإن جاء لصالح الإخوان فالقضاء شامخ ونزيه وإذا جاء ضدهم فهو قضاء مسيَّس ومزور. فى المقابل بدا القضاء والجيش حريصين على الحفاظ على استقلاليتهما عن السلطة التنفيذية، وأن الأخير لا يعنيه كثيراً بقاء السلطة التشريعية فى يده أو فى يد غيره، إنما فقط امتيازات المؤسسة العسكرية واستقلال قرارها وترقياتها بعيداً عن يد الإخوان المسلمين ممثلة فى رئيس الجمهورية.
والمفارقة أن الجيش الذى أعطى لنفسه وضعاً فوق المراقبة والمحاسبة المدنية تشابه فى ذلك مع جماعة الإخوان المسلمين، التى لا تخضع ميزانيتها لرقابة الدولة بل لم تقنن من الأصل وضعها القانونى.
إن حالة الاختيارات المتضاربة، التى إذا سرنا فى أحدها سنجد أنه يتناقض مع آخر ويدخل فى مواجهة مفتوحة معه لن تضع مصر على بر الأمان، فإذا سار الإخوان مثلا فى مسار التدخل فى شؤون مؤسسات الدولة كما جرى مع وزارة الداخلية تحت مبرر تطهير المؤسسات والوزارات من قوى «الثورة المضادة» دون أى مبرر قانونى كما جرى فى تجارب كل الدول الشمولية، فإن النتيجة ستكون مزيداً من الانقسام المجتمعى، لأنه لا الرئيس ولا الإخوان نجحوا فى إقناع أغلب المصريين بأن هذه التغييرات تتم من أجل الصالح العام وليس الخاص، وأن الخوف من «أخونة الدولة» هو خوف حقيقى تؤكده شواهد كثيرة، وسيجعل هناك صعوبة فى تقبل كثير من اختيارات الإخوان، وهذا على عكس الصورة التى كان سيبدو عليها الإخوان فى حال إذا قاموا بتطبيع علاقتهم مع الدولة والمجتمع بتأسيس جماعة مرخصة قانوناً وتخضع حساباتها لرقابة مؤسسات الدولة التى مارسوا استعلاء مذهلاً عليها، وأيضاً أجلوا وصولهم إلى السلطة 4 سنوات يبنون فيها كوادرهم فى النور والعلن، ويتواصلون مع المجتمع باعتبارهم تياراً كبيراً ضمن تيارات أخرى، ويشكلون حكومة تكسب وزراءهم مهارة إدارة الدولة ومؤسساتها وليس فقط الجماعة ودهاليزها.
وللأسف اختار الإخوان الخيار المتعجل وحرقوا مراحل كثيرة كان يمكن أن تجعل وصولهم للسلطة أكثر هدوءا وقبولا، وتخرجنا من حالة الاختيارات المتضاربة التى جعلت الجميع واقفين فى أماكنهم وكلاً منهم متربصاً بالآخر.
إن حديث الإخوان عن المؤامرات لن يحل المشكلة، فهو تكرار لما قاله النظام السابق حين كان يتحدث عن الأجندات الخارجية ومؤامرات الجماعة المحظورة والقلة المندسة، ونسى أن المؤامرات تنجح بسبب ضعف الأداء والفشل الداخلى، وإذا لم يتجاوز الإخوان هذه الطريقة التى يتعاملون بها مع السلطة فإن الفشل سيكون مدوياً وسيدفع ثمنه الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.