حكايات من بيت النبوة: السيدة رقية.. من ابن «أبي لهب» إلى «ذي النورين»

بعد زواج زينب الكبرى، بنت الرسول من أبوالعاص بن الربيع، بوقت قصير، استقبل البيت المحمدى وفداً من آل عبدالمطلب يلتمسون مصاهرة ابن عمهم، الأمين، وقد خافوا أن يسبقهم إليه شاب كريم كفء.
كانت الشقيقتان، رقية وأم كلثوم، ملازمتان للرسول، فقالت أم كلثوم، وقد عرفت بفطنتها: حان دورك يا رقية. وقبل أن تهم رقية بجواب، أقبلت فاطمة ترد على ما سمعت وهى تكلم أم كلثوم: بل حان دوركما معاً.
قال أبوطالب للرسول: يابن أخى، قد زوجت زينب أبا العاص، وإنه لنعم الصهر، غير أن بنى عمك يرون لهم عليك مثل ما لابن أخت خديجة، وليسا دونه شرفاً ونسباً. فقال محمد: صدقت يا عم. فاستطرد الشيخ: وقد جئناك نخطب ابنتينا رقية وأم كلثوم، وما أراك تضن بهما على ابنى عمك. فقال محمد، معاذ الله، القرابة والرحم، هلا أمهلتنى يا عم حتى أتحدث فى هذا مع ابنتى؟
أسرعت فاطمة تخبر أختيها، ووجمت الأختان، فقد كان الأمر مفاجأة غير متوقعة. الخاطبان كانا عتبة وعتيبة ابنا العم «عبدالعزى»، وقد أشفقت خديجة على ابنتيها، كما أنها لم تكن تسترح ل«أم جميل بنت حرب بن أمية» زوجة عبدالعزى، وأم ولديه الخاطبين، لما فيها من صلف وطيش وكبر.
تم الزواج فى هدوء، مشوب بالقلق، ومضت أيام وليال كثر، فيها خرج الرسول إلى غار حراء، وما أن تلقى الوحى وبدأ دعوته، حتى حال الإسلام بين ابنتيه رقية وأم كلثوم وبين زوجيهما، وأعيدتا إلى بيت أميهما، من بيت أبى لهب، وكان الطلاق خلاصاً للعروسين من أم جميل أولا. كان على الرسول أن يعوض ابنتيه، لكن الله تعالى أبدلهما خير من ابنى أم جميل، إذ سرعان ما تقدم عثمان بن عفان طالباً شرف مصاهرة النبى، فزوجه رقية، وبعد وفاتها، بادر محمد بخطبة عثمان لأم كلثوم، ليصبح «ذى النورين».