■ كان مشهد خروج محمد حسام، رئيس لجنة الحكام، لآخر مرة من مبنى اتحاد كرة القدم بالجبلاية حزيناً وقاسياً ومؤلماً.. ليس للخروج فى حد ذاته.. فلا محمد حسام هو أول أو آخر رئيس للجنة الحكام.. سبقه كثيرون وسيلحقه كثيرون أيضا.. لكن حسام كان حزيناً لأنه كان واثقاً أن القادة فى الجبلاية يعرفونه جيداً وليسوا فى حاجة لأن يطعنوه فى ظهره ليترك مكانه ويمضى فى حال سبيله.. كان يكفى جدا أن يقولوا له إن وقته انتهى ومضى زمانه.. وكان حسام سيستجيب بهدوء وشموخ ورقى.. لا هم ولا هو كانوا فى حاجة لتلك المسرحية البليدة والسخيفة التى تم تأليفها وإخراجها على عجل بشأن خمسة وعشرين حكماً وقعوا على مذكرة تطالب بإبعاد محمد حسام عن اللجنة لأنه رجل ظالم وفاشل.. صحيح أنه تبين فيما بعد وقوع جرائم التزوير والتلفيق بعد تأكيد أكثر من حكم أنه لم يوقع على تلك المذكرة رغم اسمه الموجود فيها.. لكن حسام كان قد خرج مكسوراً بالفعل وأبداً لن يعود.. وبات المشهد كله فى الجبلاية أقرب إلى بيت مصرى يعيش حالة وفاة.. واجتمع الأبناء وقبل أن يقوموا بتشييع جثمان أبيهم إلى مثواه الأخير.. انشغلوا بتقسيم الميراث.. الذى يريد البيت أو الأثاث أو السيارة أو المال أو المتعلقات الشخصية.. ومن المؤكد أن اثنين من الورثة أرادا لجنة الحكام.. فهى لجنة فى العلن مجرد لجنة لتعيين الحكام قبل كل مباراة.. لكنها فى الخفاء.. وبالتحديد فى الدرجة الثانية والثالثة والرابعة.. منجم للذهب والهدايا والمال والديوك الرومى والساعات.. ميراث حقيقى وغال ورائع يستحق النزاع والشجار.. لكن لم يكن هناك أى داع للنصب أو التزوير. ■ أحب السياسيين الكبار حين تحيلهم كرة القدم إلى مجرد مشجعين متعصبين وتلقائيين.. ففى قمة الثمانية الكبار فى «فانكوفر» وعقب مباراة إنجلتراوألمانيا التى فاز بها الألمان بأربعة أهداف موجعة ومهينة للإنجليز.. التقى عقب المباراة ثلاثة من الكبار ووقفوا معاً لمدة دقيقة قبل مواصلة الاجتماعات والنقاشات السياسية.. المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإنجليزى ديفيد كاميرون ورئيس الوزراء التركى الطيب أردوجان.. ميركل قالت دون أن تنظر لبراون.. إنها هزيمة ثقيلة ولكننى أتمنى أن يغفر لنا الإنجليز كل هذه القسوة.. وكاميرون قال دون أن يلتفت لميركل.. لولا غباء الفيفا وظلم الحكم وعدم احتسابه هدف لامبارد الصحيح كنا سنلقن الألمان درساً ليعرفوا حجمهم الحقيقى.. وفى النهاية ضحك أردوجان ساخرا من الاثنين قائلا إن صانع الفوز الحقيقى للألمان على الإنجليز هو التركى مسعود أوزال.. وواضح جداً أن أردوجان كان على حق.. فنحن نعيش فى عالم الكبار.. هم وحدهم الذين نحفل بانتصاراتهم أو دموعهم.. أما الصغار فلا أحد يحس بهم أو بأوجاعهم أو حتى أفراحهم.. ألم البسيط دائما ننساه ولا نتذكر إلا مواجع أصحاب السلطة أو الشهرة أو المال.. فرحة الكبير نشاركه إياها حتى لو لم تكن تخصنا أو تعنينا فى أى شىء. ■ قال أشرف صبحى.. رئيس لجنة العلاقات العامة والتسويق بنادى الزمالك.. إن منصب حسن حمدى كمسؤول عن الإعلانات فى مؤسسة الأهرام، إلى جانب رئاسته للنادى الأهلى، يؤثر على نادى الزمالك ويمنع وجود رعاة حقيقيين للنادى الكبير مقارنة بالنادى الأهلى.. كلام ممكن أن تسمعه.. فتصدقه إعجاباً واقتناعاً.. بينما لو عاودت التفكير فيه بهدوء.. ستكتشف أنه كلام غير صحيح على الإطلاق.. فحسن حمدى ليس بمثل هذه القوة الخرافية ليمنع أى شركة أو أى أحد من رعاية الزمالك واستثمار شعبيته وانتصاراته إعلانياً.. ولكننا أحيانا نحب أن نبالغ فى قوة خصومنا وأعدائنا وبشكل مغالى فيه جداً وذلك ضماناً بألا يحاسبنا أحد إن أخفقنا أو خسرنا أمام هؤلاء الأقوياء والكبار.. وألا يجد ناد بحجم الزمالك «شعبيته وتاريخه ومكانته وقيمته» رعاة كافيين وأموالاً هائلة تأتى من استثمار كل ذلك بشكل صحيح وحقيقى.. فحسن حمدى بالتأكيد ليس هو السبب أو المانع.. حسن حمدى لم ولن يمنع الزمالك من إطلاق قناته الفضائية.. لم ولن يمنع بدء احتفالات الزمالك بمئويته.. لم ولن يمنع التعاقد مع أى شركة كبرى «مصرية أو عالمية» من التعاقد مع نادى الزمالك من أجل «فانلته» ورعايته ومن أجل ملايين يعشقون الزمالك ويعيشون معه قصة حب جميلة وحقيقية واستثنائية. ■ لا شياطين ولا ملائكة.. ولكن لاعبو كرة قدم.. صادقون أحيانا وكاذبون أحيانا أخرى.. وحارس المرمى الألمانى مانويل نوير.. حكى بعد انتهاء مباراة ألمانياوإنجلترا عن الهدف الإنجليزى الشهير الذى ألغاه الحكم قائلا إنه رأى الكرة تتجاوز خط المرمى وارتبك لثانية فقرر أن يخدع حكم المباراة.. ونجح بالفعل.. ولم يحتسب الحكم هذا الهدف.. وبعد انتهاء المباراة.. نام الشيطان المخادع داخل مانويل نوير واستيقظ الملاك الصادق والبرىء.. فاعترف مانويل بأن الهدف الإنجليزى الملغى كان صحيحاً.. كثيرون منا هكذا.. تستيقظ ضمائرنا دائما حين لا تتعارض مع مصالحنا.. الحق نراه حسب مكاننا وحساباتنا وظروفنا.. وحق الأمس ممكن جداً أن يكون باطل الغد.. فالأراء لم تعد فقط هى التى تتغير.. حتى الحقوق والمبادئ والقواعد باتت كلها قابلة للتغيير. ■ لم يطلب منى حسن شحاتة أبداً عدم الانضمام للأهلى.. هكذا قال جدو فى تعليقه على بعض الكتابات التى أشارت إلى أن المدير الفنى لمنتخب مصر حاول إقناع جدو بعدم التوقيع للأهلى.. جدو قال أيضا أن حسن شحاتة لم يقل له أى شىء إلا أن يتجنب المشكلات والأزمات التى قد تؤثر على مستواه وتركيزه.. والمشكلة الآن ليست فى حسن شحاتة ونصيحته الرائعة بالفعل سواء لجدو أو لأى لاعب آخر فى صفوف منتخب مصر.. ولا فى الأهلى الذى لم يخطئ فى أى شىء حين تعاقد مع لاعب رأى أن الفريق يحتاج إليه.. إنما هى فى جدو نفسه.. الذى قبض سابقاً أموالاً من الزمالك ليلعب له ووقتها تغنى بعشق الزمالك.. ثم عاد وتفاوض مع الأهلى وبدأ يطيل الحديث عن غرام العمر الماضى كله بالأهلى.. هى ليست أزمة جدو فقط.. وإنما أزمة لاعبين كثيرين جدا اختلطت عليهم الأمور وتلاشت فى عيونهم الفوارق بين ملاعب الكرة وشاشات السينما، فتخيلوا أنه لا يمكن الانتقال لأى ناد إلا بعد قصة حب فيها كل ما فى الحب من حسرة ولوعة وانتظار وغرام.. مع أن قواعد الاحتراف تسمح لأى لاعب بالانتقال للأهلى أو الزمالك دون أى هوى عاصف أو أى غرام قديم ومجنون. ■ إنهم أغبياء كل الذين تحدثوا عن هدف أرجنتينى غير صحيح فى مرمى المكسيك احتسبه الحكم ولم يشيروا إلى كم العنف الذى طارد به المكسيكيون ميسى فى كل مكان فى الملعب.. هكذا تحدث مارادونا مدرب الأرجنتين معلقاً على الضجة المثارة حول هدف غير صحيح لبلاده.. مارادونا قال إن الحكمة كانت تلزم الجميع بالفرجة على جمال الكرة وهى بين ساقى ميسى، لأن هذا هو الأمر الوحيد الذى يستحق وليس أى شىء آخر.. وما قاله مارادونا هو ما يقوله مشاهير كثيرون جدا فى العالم وفى مصر طول الوقت.. الذين يريدون أن ننظر لهم فقط بإعجاب وانبهار دون أن يكون من حقناً أبداً أن نسأل عن حقوق وعدالة ومساواة بين الجميع.. مارادونا الغاضب من العالم لأنه نسى رشاقة وموهبة ميسى وانشغل بهدف غير صحيح تم احتسابه.. هو أى فنان أو سياسى أو صحفى مصرى حين يخطئ لا يريدنا أن نحاسبه أو نحاكمه أو حتى نعاتبه.. نكتفى فقط بحبنا وانبهارنا وامتناننا لموهبته وتألقه ولمعانه. ■ الرجل اليابانى الحقيقى.. حين يرتكب خطأ جسيماً.. يفضل الاعتذار ثم الانتحار حتى لا يبقى دائماً أسيراً لنظرات العار التى ستلاحقه فى كل مكان.. وتاكيشى أوكادا لم يخطئ ولن ينتحر.. صحيح أنه خرج بالمنتخب اليابانى الذى كان يديره فنيا من الدور الثانى للمونديال، رغم أنه سبق وأعلن أنه سيكرر إنجاز كوريا الجنوبية فى المونديال قبل الماضى ببلوغ المربع الذهبى.. لكنه شرح بعد العودة إلى طوكيو أنه كان يقول ذلك فقط من أجل لاعبيه.. قال أوكادا إنه لو قال للاعبيه قبل السفر إلى جنوب أفريقيا إنهم ذاهبون لمجرد تقديم عروض سيئة.. كانوا سيخرجون من الدور الأول.. لكنه طالبهم باسم الشعب اليابانى بالمربع الذهبى، رغم أنه أول من عرف أنها مهمة مستحيلة.. ولكنها شخصية أوكادا التى بدأ العالم كله يكتشفها.. ابن الثالثة والخمسين من العمر الذى يضع النظارات طول الوقت فوق عينيه ولا يضحك أبدا.. والذى سبق له أن قاد منتخب بلاده فى مونديال 1998 ولم يفز بأى مباراة ولم يسجل سوى هدف واحد.. ولم يكن ليعود لنفس المنصب مرة أخرى بسبب جلطة دماغ أبعدت المدير الفنى فاضطر الاتحاد اليابانى للاستعانة بأوكادا فى اللحظة الأخيرة.. ونجح أوكادا.. يضحك هو ويقول.. على الأقل أصبح الناس فى بلادى يحفظون شكلى.. أما فيليب تروسيه الذى قاد اليابان فى مونديال 2002 الذى استضافته ولم ينجح.. فقد أصبح الوحيد فى العالم الذى يسخر من أوكادا ويتهمه بالضعف والعجز وأنه مختل وعاجز عن القيادة والحساب.. ولم يلتفت أحد لاتهامات تروسيه.. واكتشف أوكادا.. ونحن معه.. المعنى الحقيقى للنجاح.. وهو عدم اضطرارك لان تدافع عن نفسك إن اتهمك أو حاربك أى أحد.. وإنما ستجد الكثيرين جداً الذين يدافعون عنك دون أن تطلب منهم ذلك أو تدفع لهم أو تأمرهم.. وبمعادلة أوكادا.. نستطيع أن نحصى فى بلادنا كم رجلاً يمكن أن يتسابق الناس للدفاع عنهم.. وكم رجلا لا أحد على استعداد لأن يدافع عنهم إلا إذا قبض الثمن؟! ■ لست قاضياً ولن أصدر أى حكم بشأن النزاع الحاد بين إدارة الإنتاج الحربى وبين المدير الفنى السابق للنادى طارق يحيى.. فالإدارة تتهم طارق يحيى بخداعها وأنه وقع عقدا مع النادى ينص أحد بنوده على أنه فى حالة رغبة أى طرف فى فسخ التعاقد عليه إبلاغ الطرف الثانى قبل شهرين حتى يستطيع ترتيب أوضاعه مع شرط جزائى قيمته مائتا ألف جنيه.. وقال مسؤولو الإنتاج إن طارق وعد الوزير سيد مشعل بالبقاء مع النادى فى آخر مباراة للفريق الموسم الماضى أمام الأهلى.. ثم فوجئ الجميع به فى لقاء تليفزيونى يؤكد أنها مباراته الأخيرة.. ولا أعرف الحقيقة الكاملة.. ولا أدين طارق يحيى ولا أتضامن مع الإنتاج.. ولكننى سعيد بإصرار إدارة الإنتاج الحربى على ملاحقة طارق يحيى قضائياً.. لا لسبب إلا أن تبدأ الأندية.. ويبدأ المدربون أيضاً.. فى تحرير عقود تحترم كل الحقوق.. وتختفى تماماً ظواهر مزعجة مثل مدربى التراحيل الذين يتنقلون من ناد لآخر حاملين حقيبة ثياب وكرة قدم وبضعة أقلام عليها شعار الفيفا وأوراق بيضاء.. نريد عقوداً حقيقية ملزمة للجميع وقاسية على الجميع أيضاً.. كفانا التعامل مع الكرة على أنها مجرد لعبة.. ومع الاحتراف على أنه مجرد سبوبة. ■ المكالمات التليفونية والرسائل الصوتية عبر التليفونات المحمولة.. لها قطعاً وظائف أخرى غير تبادل المعلومات والسؤال عن الصحة والحال والمواعيد.. ففى مصر رأينا بعض هذه المكالمات تقضى على نجاحات رائعة وكبيرة.. أما فى إنجلترا.. فقد كانت واحدة من هذه المكالمات هى نهاية النجم الإنجليزى الكبير آشلى كول.. فعقب الخروج من المونديال والغضب العارم الذى اجتاح إنجلترا كلها عقب الخسارة الثقيلة أمام ألمانيا.. ارسل كول رسالة عبر تليفونه المحمول إلى أصدقائه فى لندن يقول فيها.. أكره إنجلترا وشعبها اللعين.. ولا أعرف.. ولا آشلى كول نفسه يعرف.. كيف انتقلت الرسالة إلى الصفحة الأولى من جريدة الصن.. ليصبح النجم مغضوباً عليه من الجميع. ■ لأننى أخطأت فى حق الكرة الفرنسية.. أستقيل من منصبى كرئيس لاتحاد الكرة الفرنسى.. هكذا قال جان بيير إسكاليتيه لكنه قال ما هو أهم.. قال إنه يستقيل لأنه يشعر أنه أخطأ وأساء للفرنسيين بالفعل.. وهو ليس خائفاً من غضب الرئيس ساركوزى.. وليس ليهرب من مواجهة البرلمان الفرنسى.. فهو ليس مخطئاً فى أى شىء.. ليس مذنباً والحكومة كلها برئيسها بعد رئيس جمهوريتها.. ووزيرة رياضتها.. ورئيس برلمانها.. وكل صحافتها.. لن يثبتوا ارتكابه لجريمة واحدة.. لكنه يجمع حاجياته ويرحل لأنه رأى الحزن فى عيون ملايين الفرنسيين بعد الخروج المهين من كأس العالم.. إسكاليتيه قدم درساً ليس جديداً على الأوروبيين.. لكننا نحتاجه فى مصر بشدة.. نحتاج لمن يعتذر وينسحب من مكانه ويقوم من فوق مقعده لمجرد احترامه للناس واحساسه الداخلى بأنه أخطأ فى حقهم، وليس لأحكام قضائية أو تعليمات عليا أو تهديدات مفاجئة بفتح ملفات مخفية وسرية. [email protected]