اعتدت صغيرا سماع (الدنيا بتمطر) ولأننى فى الصعيد فلم اسمعها كثيرا فالمطر قليل والحر كثير ،وعندما كبرت والتحقت بالجيش فى الاسكندريه وجدت لفظ مختلف (الدنيا بتشتى) لكن تردد على أذنى مرارا ، فيوميا تهطل الامطار ،ومابين الصعيد والاسكندريه اختلفت الألفاظ لكن تشابهت نقاط المياه فوق الرؤس ، لقد دعانى هذا اليوم ببرده القارس الى البحث لمعرفة الشتاء فترجلت فى الشارع ونقاط الأمطار تتساقط على رأسى لأكتشف أن الشتاء ذكر فى القرآن صراحة مرة واحدة في قوله تعالى : ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) وابتلت قدماى فى الوحل فعلمت ان سيدنا عبدالله بن مسعود عندما كان يحل الشتاء كان يقول (مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام) ثم أخذت نفسى وفتحت فمى فوجدت البخار يخرج منه لأتيقن أن الشتاء قد يكون عذاب مثل النار فأمعنت النظرفى قول الرسول صلى الله عليه وسلم( اشتكت النار إلى ربها فقالت : يارب أكل بعضي بعضًا فأذن لي بنفسين ، نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر ، وأشد ما تجدون من الزمهرير ) متفق عليه ، والمراد بالزمهرير شدة البرد فإن شدة برد الدنيا يذكر بشدة نار جهنم. وهذا مايوجب الخوف والاستعاذة منها ، فأهل الإيمان يدفعهم حر جهنم ، إلى الاستعاذة منها ، ويذكرهم بالجنة التي يصف الله عزوجل أهلها فيقول ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيرا )ً قال قتادة : علم الله أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم آذاهما جميعاً فيدفعهم هذا الى النصب والى التهجد فكل ما في الدنيا يذكرهم بالآخرة ثم عدت مثلما خرجت ارتعد من شدة البرد لأجد الكلمات تتجسد فى مضمون واحد وهو ماقاله الحبيب صلى الله عليه وسلم ((الشِّتاء ربيعُ المؤمِن))، وزاد البيهقيُّ وغيرُه: ((طال ليلُه فقامَه، وقصُر نهارُه فصامَه)) فسألت نفسى وأطرافى ترتعد كيف يكون الشتاء ربيعا فعلمت أن المؤمن يرتَع في بساتين الطاعات، ويسْرَح في ميادينِ العبادات، ويُنزِّه قلبَه في رِياض الأعمال الميسَّرة، فإذا ما نزَل الغيثُ والأمطار أقَرَّ بفضْلِ الله ونعمته، ودعَا ((ثِنتان ما تُرَدَّان: الدعاء عن النِّداء وتحتَ المطَر)) اللهم ألف بين قلوبنا واحقن دماءنا واحفظ مصرنا واجبر كسرنا واحسن خلاصنا واجعلنا أخوة متحابين لاضالين ولامضلين . المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية