ذكرت العربية نت (2014/11/30) "إن محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، والمسماة إعلاميا باسم محكمة القرن، قضت بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية تجاه الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في قضية قتل المتظاهرين، ارتسمت علامات الدهشة على وجه الجميع، وتساءلوا: على أي اتهامات كان يحاكم مبارك؟ ثم اتسعت علامات الدهشة أكثر بعد قرار القاضي بسقوط الاتهامات الأخري. ".هكذا أسدل الستار علي مهزلة القرن ، و إنتهت آخر فصول ثورة يناير و و اليوم يجب يتغير تاريخ مصر إلي يوم 24 يناير 2011، وقد صف العديد من النقاد ذلك بأنه المسمار الأخير في نعش “الثورة” التي أطاحت بمبارك من السلطة في فبراير 2011. “إن ثورة يناير قد انتهت. لقد قضوا عليها”، وفقًا لما قاله والد أحد النشطاء الذين قتلوا خلال ثورة يناير لصحيفة نيويورك تايمز دعونا نقول لقد خرج كثير من المصريين لهدفين أساسيين ، هما: إنهاء حكم مبارك الذي استمر مدة 30 عامًا، ومنع خلافة ابنه جمال.. وبالتأكيد، كان لدى محركي الثورة من الشباب الذين دعوا إلي انتفاضة ميدان التحرير وجهة نظر مختلفة جدًا، حيث إنهم كانوا يريدون ثورة حقيقية تطيح تمامًا بالنظام السابق، وكان الخطأ الأكبر في ترك ميدان التحرير بعد سقوط مبارك. نظام مبارك، لم يتكون فقط من رجل واحد وعائلته، ولكنه شمل مجموعة كاملة من مؤسسات الدولة القمعية التي بقيت راسخة في مكانها. وحتى في الأشهر التي تلت الإطاحة بمبارك، احتج بعض النشطاء مرارًا وتكرارًا ضد المجلس العسكري الذي خلفه، ولكن، ومع كل جولة جديدة من التعبئة، وجد النشطاء أعدادهم تتقلص، حيث ركز الإسلاميون على الحملات الانتخابية، في حين أراد الوسطيون توقف كل النشاطات الاحتجاجية فورًا. وفي الأشهر الأولى بعد الإطاحة بمبارك، كان لا يزال لدى هؤلاء النشطاء صرخة واحدة تمكنهم من جذب أعداد كبيرة من الناس إلى ميدان التحرير، وهذه الصرخة هي: “حاكموا مبارك ورفاقه”. وعلى الرغم من أن الكثير من المصريين لم يروا أن هناك فائدة تذكر في محاكمة مبارك، لم يكن هناك احتمال بأن يعود إلى السلطة، إلا أنهم لم يعترضوا على المطالب بمحاكمته. وابتداءً من أواخر شهر مارس عام 2011، نظم نشطاء الثورة مظاهرات تطالب باعتقال مبارك. وخوفًا من أنه قد يصبح هدفًا لانتفاضة أخرى، امتثل الجيش واعتقل مبارك في 13 أبريل. وحقيقة أن اتهام مبارك كان سياسيًا، ساهمت بلا شك في إسقاط التهم الموجهة إليه بتدبيرمحكم. فقد حصلت جريدة "العربي الجديد" على وثيقة رسمية صادرة من الاستخبارات العامة المصرية، تؤكد إتلاف أدلة تدين الرئيس المخلوع، حسني مبارك، ووزير داخليته، حبيب العادلي، و6 من كبار مساعديه، بقصد تبرئتهم في قضية قتل المتظاهرين، إبان ثورة 25 يناير 2011، وإتلاف التسجيلات في الفترة نفسها والنطاق الزمني فقط، والتي حددت المحكمة أن تكون محل التحقيقات. http://www.alaraby.co.uk/politics/1cb2f2d1-e482-4116-b0c2-093def081b09 ورغم ذلك، وبعد أن بدأت محاكمة مبارك، كان النشطاء قد أصبحوا غير قادرين إلا نادرًا على تعبئة الجماهير. وفي الوقت نفسه، قمع المجلس العسكري على نحو متزايد المظاهرات الجارية مستخدمًا القوة الوحشية. و قتل العشرات في العام التالي للإطاحة بمبارك، وجرح آلاف آخرون. وعندما حظر النظام الحالي على نحو فعال التظاهرات الحاشدة في العام الماضي، قامت قاعدته الكبيرة من محبي “الاستقرار” بالإشادة بهذه الخطوة وبعد الإطاحة بأول رئيس منتخب لمصر في يوليو 2013، والصعود اللاحق في آخر العام لعسكري سابق ليصبح رئيسًا للجمهورية، جاءت نهاية قضية مبارك الجنائية لتبدو وكأنها طبقة السكر فوق كعكة الثورة المضادة في مصر. ولكن، إن التساؤل الأشد وقعاً وألماً هو: لماذا ثار شباب مصر إن لم يكن ثمة من جرم – حسب رأي القضاء - لأركان النظام المصري يحاكمون عليه بعد الثورة؟ ولعل النتيجة الطبيعية لهذه المحاكمة أن يحاكم الثوار على قيامهم بالثورة، لأنها أدّت إلى إسقاط حاكم "بريء"! إن هذه السخرية السياسية جديرة بأن تفتح الباب لتحليل فكري لواقع "نصف الثورة المصرية"، خصوصا أن وسائل الإعلام قد انشغلت بالتحليل القانوني والتعليق السياسي عن التشخيص الفكري لمآلات الثورة. لقد أخفقت القيادات الميدانية والحركية في مصر في تحديد معادلة التغيير بأنها فكرة ظاهرة تستند إلى قوة ناصرة، وهي حقيقة تاريخية تشهد لها نماذج بناء الدول عبر التاريخ، حيث ظل قيام الدول على أنقاض سابقاتها مستندا إلى تأمين قوة غالبة تحتضن نشأتها، وتحميها من الارتداد عليها داخليا، أو من القضاء عليها عبر العدوان والغزو والاحتلال. وبالتالي فشلت تلك القيادات في تطبيق تلك المعادلة السياسية (والتاريخية) ميدانيا، فغابت عن الثورة المحددات الأساسية التي تفضي إلى تغيير جذري يخلع النظام (بأبعاده المعنوية والمادية) من جذوره، وهي محددات تتمثل في: (1) تفجُّر كفاح سياسي لا يتوقف حتى يتم إسقاط كل رموز النظام وأجهزته وتطهير مؤسسات الدولة من حرّاسه والمنتفعين منه. (2) وضوحٌ فكريٌّ يؤثر في المجتمع فيتمخض عنه وعي عام حول طبيعة النظام الذي يجب أن يطبق بعد الثورة، وهو نظام لا يمكن أن يقبل بالأسس الفكرية التي نشأ عليها النظام الساقط، ولا أن يشارك رموزه في صياغته أو بلورته. (3) وجود شخصيات تملك القوة النافذة إلي المجتمع سواء من أهل القوة أو من السياسين المخلصين . (4) يعقب ذلك محاكمات ثورية تطيح بكل روؤس النظام الساقط و تتطهير كل أجهزة الدولة منه , و ذلك لضمان تحويل دفة الدولة نحو فترة ثورية تعيشها الدولة الوليدة حتي يتم التخلص من الإرث القديم و قيام دولة تتمتع بالحرية و النهضة . ولذلك فإن ما حصل في مصر هو نصف ثورة قبلت بتبديل الطرابيش مع الحفاظ على الرؤوس وما تحمل من خَبَث فكري وخُبث سياسي، وزاغت أبصار القائمين عليها بطلاء الجدران بألوان الدهان، فتغافلت عن الشيطان، الذي بقي خلفها يسرح ويمرح. المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية