قبل عشرين عامًا قرأت قصيدة للشاعرالكبير مريد البرغوثي عن " حلوة جنّنتنا بذيل الحصان ". جننتنى القصيدة ، فهاتفت ( في شجاعة نادرة ) الدكتورة رضوى عاشور زوج الشاعر طالبًا منها نسخة من ديوان " رنة الإبرة " الذى يضم قصيدتي الحبيبة ، طبعًا قدمت اعتذارى لأن الديوان ليس موجودًا بمكتبات القاهرة . كأننى والله قد رأيت ابتسامتها وهى تحدد لى وقت الزيارة في بيتها بوسط البلد . أرسل الله لي الصديق أشرف عبد الشافي فتسلحت بصحبته . دخلنا إلي بيت كبيت علاء الديب وصافي ناز كاظم حيث تعرّش النظافة والمحبة والسكينة . قدمتْ لنا نوعًا من الفطائر لم نكن قد تذوقناه من قبل ، مال أشرف علىّ هامسًا :" هتطلع أنت بالديوان فسيبني أدوس في الفطير دا " كأنها قد سمعت همس أشرف ، فقد جلبت المزيد من الفطائر قدمتها لنا ضاحكة :" دى فطاير مكسيكية اتعلمت أعملها من وقت ما كنت بحضرّ الدكتوراه في أمريكا ". شرّق بنا الكلام وغرّب ،وكنت في الحقيقة مشغولًا بالحصول على نسخة الديوان أكثر من انشغالي بمجريات الحديث ، لاحظتْ هى ذلك فقامت وجاءت بنسخة فاخرة من الأعمال الكاملة لزوجها الحبيب وشاعرى الكبير مريد البرغوثي ، قفز قلبى من الفرح وأنا أحتضن النسخة الفاخرة ، حك أشرف ذقنه تعبيرًا عن أحاسيس الحسد والغيرة وهمس :" أهو اسمى كلت فطير مكسيكسى ". كنتُ أتعجل الانصراف لأنفرد بالنسخة الفاخرة ( هذه من عاداتى السخيفة ) ، قبيل انصرافنا بلحظة ، تلقت الدكتورة رضوى اتصالًا من ناقد ، انقلبت السيدة الحنون الرقيقة إلى نمرة متوحشة ، وصبت على رأس الناقد وقلبه وضميره أبشع اللعنات . كنتُ وأشرف مرتبكين أمام لهاث غضب السيدة الرقيقة التى قذفت بسماعة التليفون ثم نظرتْ إلينا قائلة :" البنى آدم دا لازم تعرفوه كويس وأوعوا تصدقوا كلمة من كلامه ، الأخ أديته إمبارح كتاب ليا ، طبعًا لا يمكن بالعقل كدا يكون قرأه ، أتفاجيء النهاردة الضهرية بالبيه طالع على إذاعة الشرق الأوسط وهو بيختار كتابي بوصفه أحسن كتاب في السنة ، قرأه أمتى النصاب الحرامي دا ؟ ناقد ايه دا ، دا حرامي الغسيل أشرف منه ميت مرة ، هو فاكر إنه بكدا هيرضينى ؟ هو شايفنى عيلة تافهة للدرجة دى ، أخس على دى ناس معندهاش قيم ولا مبادئ ولا ضمير " رحمك الله يا رضوى يا أيتها الحنون التى لا تساوم على مبدأ ونفعنا بحنانك وحسمك وفنك وعلمك آمين . المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية