لقد انتهت الانتخابات التشريعية بسلاسة و افرزت صناديق الانتخاب فوز اربعة احزاب و انبثق عن ذلك برلمان جديد في طور التشكل يضم 217 عضوا. و حلّ 23 نوفمبر 2014 و بعد شهرتقريبامن الانتخابات النيابية جاء موعد الانتخابات الرئاسية، هذا الموعد المتجدد مع التاريخ ، اذبعد مرحلة عصيبة مرّت بها تونس على امتداد ثلاث سنوات ن ظلّ فيها رئيس الدولة مؤقتا بعد ان انتخب من قبل مجلس النواب، اما اليوم، فالمرحلة جديدة و الرهان صعب، مرحلة ينتخب فيها رئيس الدولة مباشرة من قبل الشعب انتخابات تقدّم اليها سبعة و عشرون مترشحا من جهات مختلفة و من شرائح غير متجانسة و من اتجاهات فكرية متعددة، سبعة وعشرون مترشحا الا خمسة، خمسة استقالوا في الشوط الاخير لأسباب غامضة ستكشف الايام حقيقتها لاحقا. ان البرامج المقدمة من قبل المتنافسين على الرئاسة تكاد تكون واحدة، وهي تحقيق الامن للبلاد باجتثاث الارهاب، تطوير الاقتصاد و مقاومة البطالة . ان محتوى هذه المشاريع في مجمله محترم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ستنجز هذه المشاريع على ارض الواقع ام تبقى مجرد شعارات لاستمالة الناخب و كسب صوته؟ ان الشعب التونسي واع بدقة المرحلة و المراهنة الصعبة. فعلى من سيراهن التونسيون من هؤلاء المترشحين . ان عملية الاختيار لاشك صعبة و تتطلب اجتهادا و تفكيرا و دراسة صحيحة لتاريخ المترشحين السياسيو النضالي لقدراتهم العملية و لمقارابتهم الفكرية. ان الشعب التونسي لاشك و انه يطمح ان ينتخب رئيسا يوحد الشعب التونسي و لا يفرق بينه و ذلك بإرساء تنمية عادلة و مستدامة تقطع مع الفوارق البارزة بين الجهات، بين الشمال و الجنوب ، و بين الشرق و الغرب، رئيس يوفر الامن و الامان للوطن و المواطن و ذلك بوضع حدّ للإرهاب و دحره خارج الحدود تمامالأنه دون القضاء على الارهاب لا يتسنى بدء مشروع تنموي جديد، رئيس يضمنو يدعم الامن القومي لأنه هو عصب القيادة و الحياة في البلاد ، رئيس يؤسس لعهد جديد يدعم الديمقراطية من خلال اصلاح منظومة العلاقات مع كل الدول و العمل على تطويرها و توازنها، رئيس ذو ارادة و نية حسنة و على قدر كبير من الكفاءة و النزاهة و الرؤيا الثاقبة ، رئيس يتحمل المسؤولية و لا يتهرب منها و مستعد لتحقيق اهداف الثورة ، رئيس قادر على ان يخلص شعبه من ماض تعيس و كئيب و بعث امل جديد و رسم السعادة على وجوه المواطنين، رئيس يستطيع تحقيق مقاربة تشاركية تضمن المصلحة لأبناء شعبه... هذا هو امل التونسيين و التونسيات فهل يكون الخيار على قدر الاختيار؟ و هل ستفرز صناديق الاقتراع رئيسا مستقلا و محايدا يضمن التوازن بين السلط و يساهم في بناء الديمقراطية الناشئة و الوليدة ام ستفرز منطق الاستقطاب الثنائي و يبدأ منطق التشكيك في نزاهة الانتخابات . ان النتائج اظهرت تقدم مترشح نداء تونس بنسبة 39.46% ، يليه رئيس الجمهورية المؤقت و الحالي بنسبة 33.43 %في حين استأثر بقية المترشحين بنسب ضعيفة ومتقاربة. ان هذه النتائج افرزت وجوب مرور المترشحين الاول و الثاني الى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2014. فهل سيفوز السيد باجي قائد السبسي المحامي، تلميذ بورقيبة، السياسي و الديبلوماسي المحنّك و ذو الخبرة الطويلة في الميدان، ام سيقتلع الفوز السيد المنصف المرزوقي، الطبيب و الحقوقي الذي لطالما ناضل من اجل حرية و حقوق الانسان و الذي آثر العيش بالمنفى على القبول بسياسات النظام السابق. المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية