بزيارة واحدة لمنطقة منشية ناصر، المتاخمة لقلعة صلاح الدين والقاهرة الإسلامية بكل آثارها؛ جامع السلطان حسن، مسجد الحسين ، مسجد عمرو بن العاص، ... الخ.، والقاهرة القبطية بكنيستها المعلقة، وكنيسة القديسة بربارة وكنيسة القديس أبو سرجة .. إلخ. بالإضافة إلى واحد من أهم وأقدم المعابد اليهودية في مصر "كنيس بن عزرا" الواقع عند نهاية الكنائس القبطية في منطقة مصر القديمة. بالقرب من كل آثار وإرث القاهرة من الأديان، تقع منطقة منشية ناصر، التي، بزيارة واحدة لها، ستعرف، بما لا يدع مجالا للشك، أن الأطفال يمثلون السواد الأعظم من العاملين بالورش الحرفية المنتشرة فيها ... يمضي هؤلاء الأطفال نهارًا كاملا بين ضجيج الماكينات والعدد والآلات .. وحينما يحل الليل وتبدأ الورش المنتشرة هنا وهناك فى إغلاق أبوابها، يبدأ هؤلاء الأطفال ممارسة حقهم الطبيعى فى اللعب واللهو مع أقرانهم، محاولين أن يتناسوا كل ما ألم بهم طوال يوم العمل الشاق وسط الضجيج الصاخب. (جدير بالذكر أن العديد من الدراسات أثبتت أن تعرض الشخص للضوضاء والضجيج لمدة طويلة تضعف مقاومته النفسية، وتدفعه إلى الاكتئاب والتحول وفقدان الاهتمام بالآخرين، وتشير قياسات وزارة البيئة في مصر أن مستويات الضوضاء بالقاهرة تتجاوز 80 ديسبل (وحدة قياس الضوضاء) بينما المعايير العالمية تشير إلى ضرورة ألا تتجاوز تلك المستويات 45 ديسبل.) ولكن ماذا يفعل هؤلاء الأطفال للهروب من الضجيج والضوضاء ... يلتقون سويا وقد ملأ كلا منهم جيوبه ببعض الجنيهات القليلة التى يقتطعها من أجره اليومى بعد أن يكون قد أعطى أسرته الجزء الأكبر منه. ....... اللهو مكلف ، خاصة أن منطقة منشية ناصر لا يوجد بها العديد من الأماكن التى تناسب لهو الأطفال فى هذا الوقت المتأخر من الليل .. لا يجدون حدائق عامة .. يفكرون فى الذهاب إلى السينما، ولكن الوقت يكون قد فاتهم، ولن تعينهم جنيهاتهم القليلة على مثل هذه النوعيات من الفسح واللهو، فيكون البديل الأسهل هو المخدرات. بعض الأطفال يستطيعون شراء البانجو والحشيش، وبعضهم لا يمتلك هذه القدرة، ولكنه يستطيع مناصفة مع اثنين أو ثلاثة من أقرانه أن يشترى زجاجة كوديفان (دواء للسعال) أو حبوبًا مخدرة رخيصة الثمن، أو حتى شراء زجاجة كلة (مادة لاصقة للأحذية) لاستنشاقها مناصفة. *** إذن هل عرفتم كيف يقضي هؤلاء الأطفال ليلهم؟؟ *** يمضى العدد الأكبر من هؤلاء الأطفال، الجزء الصغير المتبقى من ليلهم، فى أحد الشوارع المظلمة، بعيدا عن ضوضاء المدينة وفي حضن إرثها وآثارها، وبفعل المخدرات التي يتعاطونها يستطيعون أن يبحروا في فضاءات وعوالم أكثر رحابة من تلك العوالم المزدحمة بآثار إسلامية ومسيحية ويهودية. فضاءات مهما ضاقت مساحة البراح فيها فإنها لن تكون أبدا أكثر ضيقا من بيوتهم الفقيرة التى غالبا ما لن ينعمون فيها بأوقات جميلة. ... هل من وسيلة لإتاحة الفرصة لهؤلاء الأطفال أن يمارسوا حقهم في اللعب واللهو في أروقة تلك المساجد والكنائس والمعابد؟ ... [email protected] المشهد ..لاسقف للحرية المشهد ..لاسقف للحرية المشهد ..لاسقف للحرية المشهد ..لاسقف للحرية