الشئون النيابية تنشر ضوابط التصويت الصحيح في انتخابات مجلس النواب    بدء التصويت بالداخل في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2025    لليوم العاشر.. التموين تواصل صرف مقررات نوفمبر حتى 8 مساء    ننشر الجديد في أسعار الذهب اليوم في مصر| عيار 21 وصل لكام؟؟    الإحصاء: ارتفاع أسعار قسم الرعاية الصحية بنسبة 27.7% خلال عام    125 مليون دولار صادرات الصناعات الغذائية إلى السوق الكويتي    31 قتيلا وإصابة العشرات فى أعمال عنف داخل سجن بالإكوادور    إعلام عبري: ويتكوف وكوشنر يجتمعان مع نتنياهو اليوم لبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة    وزير الخارجية يطالب نظيره المالي ببذل أقصى الجهود للعمل على إطلاق سراح المصريين الثلاثة المختطفين    سان جيرمان يتصدر ترتيب الدوري الفرنسي بعد الجولة ال 12    بعد تتويج الأهلي بالسوبر.. توروب يسافر إلى الدنمارك لقضاء إجازة    حركة المرور اليوم، سيولة بالدائرى ومحور 26 يوليو وزحام بشارعى الهرم وفيصل    «الأرصاد»: طقس اليوم خريفي مائل للبرودة.. والعظمى بالقاهرة 28 درجة    مازن المتجول: أجزاء فيلم «ولاد رزق» مثل أبنائي.. ولا يوجد تأكيد لجزء رابع    اللجان الانتخابية بدائرة الهرم والعمرانية تستعد لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب 2025    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    أسعار البيض اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    التعليم تحدد مواعيد امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل والدرجات المخصصة .. اعرف التفاصيل    «العمل» تواصل اختبارات المتقدمين للفرص في مجال البناء بالبوسنة والهرسك    6 ملايين مشاهدة لأغنية "سيبتلي قلبي" ل أنغام على يوتيوب (فيديو)    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    «محدش كان يعرفك وعملنالك سعر».. قناة الزمالك تفتح النار على زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    تقرير - هل يتراجع المد اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين في هولندا بخسائر فيلدرز؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزء الثاني من مقال د.نادر فرجاني| العملاء باستثناء قطر أخلص الحلفاء (3 من 4)
نشر في المشهد يوم 10 - 11 - 2014

الجزء الثاني من مقال "الفرار من الكوليرا إلى الطاعون (1 ):
استبدال "الأخونة" ب "العسكرة" يثير التخوف من عودة خطيئة تأليه الفرعون
ثغرات دستورية فادحة سيكون لها أثر مدمر على الحياة السياسية
"مش قادر" لا تسري على مرتبات الجيش والشرطة والقضاء
طنطنة إعلامية للتغطية على عدم وجود مشروع نهضة يحقق غايات الثورة
استدعاء وجود مؤامرة خارجية للتغطية على الفشل وتورط عسكري في "قتال ميليشيات"
عملاء المشروع الصهيوني في المنطقة باستثناء قطر أخلص حلفاء السلطة الراهنة
الرئيس فشل في الوفاء بتعهده الوحيد المتمثل في "توفير الأمن" فكرس قبضة أمنية غليظة
شركات الأمن الخاصة "ميليشيات شبه نظامية" وتفشيها يثير المخاوف من السير على خطى "بلاك ووتر"
المنشور في العدد الجديد من المشهد
المنشور في العدد الجديد من المشهد
(6)
يبقى ثلاثة معالم رئيسية ليكتمل رصد التماثل بين تجربتي اليمين المتأسلم و المؤسسة العسكرية- في ولايتها الثانية- في حكم مصر.
الأول هو الاستحواذ على جميع مفاصل السلطة والاقتصاد، وفي حالة المؤسسة العسكرية من خلال رئاسات سابقة أو حالية للمؤسسة العسكرية تخلع البزة العسكرية لتبوأ منصب يفترض أنه مدني، تأسيا بالرئيس الحاكم، ومنح الميزات الاستثنائية لرجال المؤسسة العسكرية، الحاليين والسابقين.
فتناقلت الأخبار عودة رئيس سابق للمخابرات، والمرشح الرئاسي المحتمل سابقا، لحلبة السياسة من خلال تكوين حزب يتنافس في الانتخابات التشريعية بما يؤهله لرئاسة البرلمان الجديد، حتى تضمن المؤسسة العسكرية التحكم في سلطتي التشريع والتنفيذ سويا، خصوصا وأن الدستور الساري يرتب سلطات مهمة للبرلمان في مواجهة رئيس الدولة. ولا مانع بالطبع أن يقوم وجه مدني مخضرم من عصر مبارك بدور القابلة في استيلاد هذا التشكيل السياسي الذي يمكن أن يكون مهيئا لإعادة تأهيل شخوص عصر محمد حسني مبارك. ولكن قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي أصدره الرئيس المؤقت في لحظات حكمه الأخيرة ، ويخصص الغالبية الساحقة من مقاعد المجلس للترشح الفردي، سيفضي على الأغلب إلى برلمان ممزق يتعذر أن يتفق على وزارة مقترحة، خاصة في ظل تفاقم المظالم التي تسببت في اندلاع الثورة الشعبية في المقام الأول، وتصاعدها بحدة، خاصة بالنسبة لتيار اليمين المتأسلم بعد يوليو 2013. وقد يتسبب هذا التعذر في أزمة تكون مبرر وجه التماثل الأخير الذي سنعرض له فيما بعد.
ومن الثغرات الفادحة التي تركها الرئيس المؤقت عدلي منصور في قانون الانتخابات البرلمانية نفسه، واقدر أن سيكون لها أثر مدمر على الحياة السياسية في مصر، قصر عقوبة التمويل الأجنبي للمرشح على مجرد الغرامة المالية، ما يمكن أن يفتح الباب واسعا لعبث المال السياسي القادم من الخارج بالانتخابات البرلمانية القادمة ويضيف مدخلا خطيرا من تلاعب المصالح الخارجية في الإقليم والعالم بالبرلمان القادم وبمقدرات السياسة في مصر. وينذر باشتداد أزمة سياسية قادمة تتمركز على الخُلف بين الرئيس والبرلمان قد تمهد السبيل للمعلم الأخير في التماثل بين التجربتين في الحكم، الإخوانية والعسكرية.
****
وفي شاهد دال على بدء تشكيل الارستقراطية العسكرية المشار إليها على قمة أجهزة الدولة، فقد شاع أن رئيس الوزراء المؤقت الذي ابقي عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرر تغيير وزير النقل الذي ما كان ليكون في الوزارة أصلا لتاريخه الكارثي في المنصب، ونقلت الأنباء أنه يفاضل بين ثلاثة مرشحين، جميعهم لواءات في الجيش. ولا يستبعد أن يُكلف عسكري برئاسة الوزارة الجديدة بعد الانتخابات البرلمانية، فتكتمل سيطرة المؤسسة العسكرية على السلطتين التنفيذية والتشريعية. بالظبط كما كان في عهد اليمين المتأسلم.
وبينما أفصح الرئيس السيسي لجميع فئات الشعب علنا أنه "غير قادر على منحهم ما يريدون ليس لعدم رغبته، ولكن لأنه "مش قادر" فقد رُفعت معاشات العسكريين المتقاعدين وحدهم. وجرى رفع مرتبات ومكافآت الجيش والشرطة والقضاة مرارا. يبدو واضحأ إذن أن هذه الفئات الثلاث مستثناة من عدم قدرة الرئيس على تلبية المطالب التي يسميها فئوية، لأنها ببساطة أعمدة سلطة حكمه القمعية. إذن ما لا يُلبي يرجع إلى عدم رغبته وليس عدم قدرته. لاحظ ربط المنح بمشيئة الرئيس الشخصية، رغبة وقرارا. إذن "العسكرة" حلت محل "الأخونة" وفي ظل حكم فردي مٌشخصن أثار تخوف كثيرين من عودة خطيئة تأليه الفرعون من جديد.
ومعلم آخر مهم هو إدعاء كل من التنظيمين، الجماعة والمؤسسة العسكرية، بأنه غني في الكفاءات القادرة في جميع المجالات. ثم يتبين بعد وصولهم للحكم أن التنظيمين، وحواشيهما، كلاهما فقير في الكفاءات، ولا يتورع عن وضع شخوص لا يرقون للمكانة المطلوبة في مناصب مسئولية كبرى، بل ولا يتورعون حتى عن النصب والاحتيال. فتعيين بعض من صغار الموظفين بلا علم ولا خبرة كوزراء انتشر في الحالة الأولى. وفي الحالة الثانية وصلت المهزلة حد أن أسبغت رتبة اللواء في الجيش على نصاب مدان بالاحتيال وزعموا، مع ضجة إعلانية وإعلامية صاخبة، في حضور الرئيس، المرشح وقتها، أنه اخترع جهازا لاكتشاف وعلاج جميع الأمراض المستعصية، ثم انتهى الأمر بالتغطية على الفضيحة.
وليس أدل من خلو التنظيمين من الكفاءات وغياب قدرتهما على اجتذاب الكفاءات الرصينة، قدر استمرار الأزمات في جميع مجالات الحياة، وتهافتهما سويا على شخوص نظام الحكم التسلطي الفاسد الذي قامت الثورة الشعبية لإسقاطه. كمال الجنزوري مثال صارخ في العهدين، وتشكيل وزارة السيسي أساسا من خزانة مجلس سياسات جمال مبارك مثال آخر. ووقت الكتابة نقلت الأنباء أن الثمانيني كمال الجنزوري يُستّف انتخابات البرلمان القادم لضمان عدم معارضة حكم الرئيس القادم من المؤسسة العسكرية، والمحزن حقا أن بعض ممن كانوا يعدون من معسكر الثورة الشعبية، وسقطوا عند استوزارهم في المرحلة الانتقالية الثانية، كانوا يؤيدون الرجل في مسعاه لتكوين قائمة انتخابية تحظى بالدعم الرسمي.
ويرتبط بهذه السوأة أن اتضح أن كلا التنظيمين لا يمتلك مشروعا جادا للنهضة كفيل بنيل غايات الثورة الشعبية. وتماثل التنظيمان في التغطية على هذا النقص الفادح بالطنطنة الإعلامية والإعلانية، ومضافا إليها تلاعب جهاز التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة في الحالة الثانية.
وجه تماثل آخر مهم هو استدعاء وجود مؤامرة خارجية للتنصل من المسئولية عن الفشل، وهذه من الوصمات المعتادة في أنظمة الحكم التسلطي الفاشلة، خاصة قرب سقوطها أو، على الأصح، إسقاطها. وكان التذرع بالمؤامرة الخارجية على حكمهم، وإن إدعوا أن المؤامرة تحاك لمصر وشعبها، يشتد كلما تفاقم الفشل غير المبرر، والسخط الشعبي عليه، بدلا من التقدم لتحمل المسئولية واتخاذ القرارات والإجراءات الكفيلة بتلافي أسباب القصور المتركزة في أجهزة الحكم وأدائها المزري. الأمثلة الأهم تشمل قلة توافر مواد الوقود، في حالة اليمين المتأسلم، وتكرار الجرائم الإرهابية الفادحة لاسيما تجاه قوات الجيش والشرطة، والتي كانت تنتهي دوما بخسائر فاحة لقوات الشرطة والجيش لا تقابلها خسائر في الطرف المعتدي، في حالة الحكم العسكري، الذي كان مبرر استدعاؤه وتأييده الأساس هو حفظ الأمن ومحاربة الإرهاب.
(7)
ومن نتائج سوء الحكم التسلطي في الحالتين أن رأينا مخطط تدمير جيش شعب مصر، الذي إتهم تيار اليمين المتأسلم بالتدبير له، وتحاكم قياداتهم عليه، يعود في ثوب جديد؛ حيث نرى فلول الهمجية المسماة "داعش" تقاتل، وتُقاتل، بأسلحة وذخائر امريكية.
فقد ذكرت صحف أن تنظيم "داعش"يستخدم أسلحة وذخيرة من الولايات المتحدة الأمريكية استولى عليها من الجيش السوري الحر، أو أسقطت خطأ، من طائرات غربية، في مناطق يسيطر عليها التنظيم. ونقلت الصحف أن التنظيم الإرهابي يستخدم أسلحة خفيفة وذخائر أمريكية الصنع في الحرب في العراق وسوريا، وأن أسلحة مضادة للدبابات وقعت أيضا في يد التنظيم.وأوضحت التقارير إن قوات "داعش" استولت على كميات كبيرة من الأسلحة الصغيرة أمريكة الصنع وأنها تستخدمها الآن في أرض المعارك.وعرضت صورا تعود إلى سبتمبر 2014 لأسلحة أمريكية عثر عليها في معاقل "داعش" وتتضمن سلاحي " إم-16 "و" إكس إم 15" المصنّعين في الولايات المتحدة.
فإن كان من أخطر التهم التي وجّهت لحكم اليمين المتأسلم أنه ضلع في مؤامرة لتدمير جيش شعب مصر بإنهاكه في الاحتراب الأهلي على غرار ما جرى في سوريا، فإن المؤامرة قد عادت من جديد في ثوب توريط جيش شعب مصر في قتال ميليشيات خلقها التحالف الأمريكي الصهيوني وعملاؤه في المنطقة العربية لقلب الحكم الاستبدادي في سوريا. لكن هذه المرة يجري المخطط بمشاركة فعالة من قيادات المؤسسة العسكرية ممثلة في وزير الدفاع السابق، كما أعلن الرئيس الحاكم أثناء زيارته الأخيرة لنيويورك.
إن بعض العملاء للمشروع الصهيوني في المنطقة العربية هم الآن أخلص حلفاء السلطة الراهنة في مصر، باستثناء قطر التي يسعى الرئيس لإعادة المياه معها إلى مجاريها. وقد سلحّوا، مع العميل الآخر تركيا، في فترة مضت الجيش السوري الحر وميليشيات "النصرة" التي تحورت إلى "داعش" بالأسلحة والذخائر أمريكية الصنع والمصدر، التي قد ينزلق جيش شعب مصر لمحاربتها بأسلحة أمريكية االمصدر أيضا. من المعونة الأمريكية التي يعضون عليها بالنواجز.
إن إتهام نائب الرئيس الأمريكي لهذه الدول مؤخرا بهذه الجرائم في نظري أصدق من إعتذاره التالي، ربما أخطأ في ذكر الإمارات وكان الأحرى به ذكر قطر، ولكنها كلها إمارات خليجية صغيرة واللبس وارد. الاعتذار في نظري جاء لدواع دبلوماسية، فأنت كدولة كبرى،لا تريد إحراج عملاءك في المنطقة علنا، إلا عندما يحين وقت التخلص منهم.
في المنظور الاستراتيجي، واضح أن أي رئيس أمريكي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، لا يمكن أن يغادر المنصب إلا وقد شن حربا ضخمة، لاسيما في مسرح عملياتهم المفضل: "الشرق الأوسط". وإن لم يفعل فسيقضي تحالف المؤسسة العسكرية وصناعة الأسلحة على مستقبله أو حياته (جون كينيدي؟) أو على الأقل على المستقبل السياسي لحزبه. الفارق الوحيد بين جورج بوش الصغير وباراك أوباما- الذي سوقّوه لنا كرجل سلام من أصول إفريقية وإسلامية نبيلة- أن الأول بدأ الحروب، على أفغانستان والعراق، في بداية ولايته، بينما الثاني يجتهد في شن الحرب، التي قال، وبحق، أنها يمكن ان تتحول إلى حرب عالمية، قبل ان يغادر البيت الأبيض.
ولنا أن نتساءل: هل قيادة المؤسسة العسكرية الحاكمة الآن على دراية بهذا المنزلق الخطير الذي يُلحق جيش شعب مصر بجيشي العراق وسوريا بأسلوب مغاير، أم أنهم مهووسون بالحصول على "الأباتشي" والمعونة العسكرية الأمريكية بصرف النظر عن العواقب على الوطن، وعلى المنطقة العربية أجمع.
والأخطر أن هناك بعد ستة شهور من حكم المؤسسة العسكرية دلائل على تأجيج هذا الحكم لنيران الاحتراب الأهلي
فالحكومة (الرئيس ووزارته) التي فشلت ذريعا في حفظ الأمن أوكلت بعض المهمة لرأس المال، وقيادات الجيش والشرطة السابقة، للتربح منه، على حساب الشعب.
لعل الوعد الرئاسي الأهم إن لم يكن الوحيد، الذي قطعه وزير الدفاع السابق على نفسه منذ تولى زمام الأمور في 3 يولية 2013، كان هو التعهد بحفظ الأمن ومكافحة الإرهاب. فقد طلب من الشعب تكليفا وأمرا بذلك، وأعطاه الشعب التكليف بسخاء.
لكن خبرة الشهور الخمس عشرة الماضية والتي ظهرت بأجلى صورة في المشهد عند بوابات الجامعات المصرية وداخلها منذ بداية العام الدراسي الحالي يشهد على فشل الرئيس ووزارته في الوفاء بهذا التعهد الوحيد. ولنا أن نتساءل عن عقاب الرجل العسكري الذي يفشل في تنفيذ أمر مباشر من قائده الأعلى والأعظم، شعب مصر؟
والسبب الأساس للفشل في نظري هو أن الرئيس، كما ينتظر من رجل عسكري لم يعرف إلا المؤسسة العسكرية منذ الصبا الباكر، قد كرّس منطق القبضة الأمنية الغليظة معتمدا على البطش الشرطي والقانوني من خلال قضاء موال ومتواطئ وترسانة من القوانين والإجراءات الجائرة. فالأمن الذكي أمر غريب عن العقلية العسكرية التقليدية. ولكننا نعلم جميعا أن أسلوب البطش الأمني والقانوني لم يفلح أبدا في حفظ الأمن أو منع الجرائم الإرهابية الدنيئة، بل إن عتاة الإرهابيين تربّوا في السجون التي عانوا الابتلاء بها معتقدين بأنهم سُجنوا وعذّبوا ظلما، وهذا فعلا حال بعضهم على الأقل، إن لم يكن غالبية المسجونين الآن.
وأظن أن أبلغ دليل على انعدام قدرة الدولة على إتاحة الأمن للمواطن والوطن هو تفشي شركات الأمن والحراسة الخاصة. حتى صارت وكأنها دولة داخل الدولة أو ميليشيات شبه نظامية يملكها ويتحكم فى عالمها الخفى قيادات سابقة فى الجيش والشرطة، مهمتهم الحماية مقابل ثمن. وقد تحولت شركات الحراسة الخاصة، لا سيما بعد الثورة، إلى ما يشبه دولة مستقلة، تعمل وفق قوانين خاصة، تكفل حماية من يدفعون المال مقابل الحصول على الخدمة. ففى مصر الآن مئات من شركات الحراسة الخاصة، 50 منها فقط حاصلة على تراخيص عمل، وتم تسليح بعضها بعد الثورة. وكل ذلك من دون وجود إطار تشريعى قوى وواضح يحدد عمل هذه الشركات، التى لابد، فى ظل غياب رقابة صارمة عليها، أن تقع في الفوضى، إن لم يكن الانحراف.
(8)
ولنأخذ مثالا الشركة التي عهدت لها الحكومة بتأمين الجامعات المصرية هذا العام الدراسي، فقد نقلت لنا الصحف أن شركة "فالكون" تسلمت الجامعات لتأمينها ببوابات فولاذية قبل 48 ساعة من بدء الدراسة. واستهلتها بتركيب 12 بوابة بالحرم الرئيسى، إلى جانب تركيب أجهزة خاصة بتفتيش الحقائب، والسيارات قبل دخولها الحرم الجامعى.كما قررت الجامعات عمل "كارنيهات" جديدة للطلاب من خلال ماكينة سلمتها فالكون للجامعات، بحيث يتم عمل كارنيهات "ممغنطة" تظهر من خلالها صورة الطالب أثناء تمريرها على جهاز تابع للشركة فور دخول الطالب الجامعة.وسيرتدي العاملون بها سترات واقية للرصاص.
والمعلومات المتاحة عن هذه الشركة قليلة، فكل هذه الشركات تعمل وراء ستار من السرية والكتمان. يتردد أنها تأسست عام 2006، وتمكنت منذ التأسيس عبر تحالفها مع رجال أعمال مبارك وأجهزة الشرطة والجيش من تحقيق نسب نمو قياسية حتى أصبحت إحدى كبريات الشركات التي تقدم خدمات أمنية متكاملة؛ حيث إنها تقوم بتغطية 28 محافظة عبر 13 فرعًا في جميع أنحاء مصر.وعام 2008، وقعت مجموعة شركات “النالي” الإماراتية اتفاقية مع الشركة الدولية للأمن والخدمات فالكون جروب لتأسيس شركة مشتركة تعمل في مجال الخدمات الأمنية، وساهمت فالكون بنسبة 60% في الشركة الجديدة، فيما تبلغ حصة الجانب الإماراتي ال 40% الباقية.
وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن الشركة حققت أرباحًا طائلة من الانفلات الأمني المفتعل أثناء وبعد الثورة المصرية، وذلك بالتعاقد مع الحكومات المتعاقبة ورجال أعمال لتأمين المنشآت العامة والشركات وفيلات رجال الأعمال والحكومة
الشركة ستتقاضى عشرة ملايين جنيه، في الشهر، لتأمين بوابات 15 جامعة. وهي أول شركة مصرية تحصل على ترخيص بحمل بنادق الرصاص الخرطوش وتحصلت عليها قبل أسابيع من التعاقد لتأمين حملة وزير الدفاع السابق الرئاسية.
وقد نفي رجل الأعمال نجيب ساويرس أن يكون له علاقة بشركة الأمن "فالكون" نفيا دبلوماسيا.والأرجح أن صلته بتمويلها تمر عبر مشاركته في رأس مال البنك العربي الإفريقي الذي يعد من اكبر المساهمين فيه.
وجدير بالذكر أن الشركة نفسها كانت تؤمن حملة وزير الدفاع السابق الرئاسية. حيث كانت الكلاب البوليسية تنتشر حول مقر الحملة كما تنتشر كاميرات المراقبة وتحيط سيارات “جيب خاصة” بمحيط المقر تحمل لافتات " ابتعد مائة متر على الأقل" ويحيط به حراس يمنعون تصوير المقر من الخارج.كما أن الشركة نفسها هي التي كانت أيضا تؤمن أحمد شفيق خلال انتخابات الرئاسة عام 2012
المعلومات النادرة المتاحة تؤكد أن الشركة يديرها رجال جيش وشرطة ومخابرات سابقين. مثلا، رئيس مجلس إدارة الشركة "المعلن"، قيل أنه كان يرأس قطاع الأمن باتحاد الإذاعة والتليفزيون وكان وكيلاً للمخابرات العامة. كما أن أغلب أفراد الشركة هم أفراد جيش وشرطة ومخابرات متقاعدين أو مكلفين سرياً بالإلتحاق بالشركة عن طريق تزكيات ووساطات حيث أن الالتحاق بالعمل بتلك الشركة ليس بالسهل بل يحتاج إلى وساطات من نوع خاص.
والمفاجأة غير السارة هي أنه من حق شركات الأمن الخاصة في مصر – مثل شركة فالكون– أن تمتلك أسلحة وأجهزة لاسلكية وسترات واقية من الرصاص.
كما كشفت مصادر عن وجود شراكة بين تلك الشركة و شركة أخرى هىG4s التى يمتلكها "خبير إستراتيجى" كان لواء في الجيش سابقا ويعد أحد أهم المدافعين بقوة عن المؤسسة العسكرية.
المعروف إذن، من وراء ستر الكتمان، أن شركات الأمن الخاصة يملكها ويديرها قيادات سابقة في الشرطة والجيش، خاصة أجهزة المخابرات.
فمن ياترى المحظوظ الذي يملك شركة "فالكون"؟ لا أستغرب إن كان بعض من علية القوم في المؤسسة العسكرية.
منطق الميليشيات
نهاية، إن كان أشد ما أخذناه على سلطة اليمين المتأسلم في الحكم، وخارجه، هو أنها على استعداد لتكوين ميليشيات عنيفة ومسلحة من اتباعها وانصارها وتوظيفهالأغراض سياسية دنيئة لا تقدر على إتيانها بسلطات الدولة التي تمتلك، فها هو حكم المؤسسة العسكرية يكرر الخطيئة فقط بصورة أدنأ. فهم الآن يكرسون ميليشيات مسلحة لا يحركها إلا مصالح رأس المال الساعي لجني أعلى أرباح في اقصر وقت، والمنضوي تحت سلطان المؤسسة العسكرية الحاكمة. وهم في هذا يعيدون أحط أساليب الإدارة الأمريكية في "خصخصة الحرب" بتكليف شركات خاصة، يملكها ويديرها أفراد سابقون في القوات المسلحة الأمريكية، لتقوم بالمهمات الأقذر التي لا يمكن القيام بها في إطار النظم والإجراءات الرسمية أو التي لا تود الحكومة أن تُلصق بها رسميا. وفي السمعة الإجرامية الحقيرة لشركات مثل "بلاك ووتر" في الحروب الأمريكية في العراق وغيرها، أصدق دليل على بشاعة الجرائم التي ارتكبها الأمريكان من خلال شركات الأمن الخاصة التي تطلقها السلطة الحاكمة من عقالها في مصر الآن.
المقال كاملا في المشهد الأسبوعي .. اليوم لدى الباعة
جزء من الصفحة الأولى
جزء من الصفحة الأولى
الفرار من الكوليرا إلى الطاعون (1)
http://almashhad.net/Articles/896697.aspx
الفرار من الكوليرا إلى الطاعون (2)
http://almashhad.net/Articles/897887.aspx
فيديو .. الجزيرة تناقش الجزء الأول من المقال العاصفة
http://almashhad.net/Articles/897901.aspx


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.