رغم تراجع المساحات المزروعة من المحاصيل الزيتية خلال الفترة الماضية، نتيجة تراجع عائدها الاقتصادي وإحجام المزارعون عن زراعتها، إلا أن هناك اتجاه من الدولة نحو رفع كفاءة تلك المحاصيل والتشجيع على زراعتها من جديد. وتعاني مصر حالة من النقص الشديد في إنتاج المحاصيل الزيتية بنسبة تصل ل95.8% - وفق أحدث الإحصائيات - الأمر الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك نظرًا للنمو السكاني المتزايد، واستيراد معظم احتياجاتنا من زيت الطعام، وهو الأمر الذي يزيد من ارتفاع فاتورة الاستيراد العام. فيما كشف عدد من خبراء الزراعة، عن سبل التغلب علي الفجوة الزيتية خلال الفترة المقبلة، مؤكدين أن الاتجاه نحو زراعة أشجار زيت الزيتون سيعمل على توفير عائدًا إضافيًا للمزارع إضافة إلى زيادة الناتج القومي. أكدوا أن وضع سياسة سعرية ثابتة يشترك فيها الجهات المعنية، يوضع فيها حد أدني كضمان لسعر تسلم المحصول من المزارع، سيحفز المزارع على التوسع في زراعة هذه المحاصيل، فضلاً عن التوعية بأهمية ترشيد الاستهلاك الفردي في الزيت، وتغير النمط الغذائي الاستهلاكي للفرد المصري، وإعادة تنفيذ الحملات القومية من اجهزة وزارة الزراعة الفنية لتشجيع المزارعين علي زراعة المحاصيل الزيتية. نسبة الفجوة من جانبه، قال الدكتور عبدالمنعم البنا رئيس مركز البحوث الزراعية، إن إنتاج المحاصيل الزيتية تراجع مؤخرًا حيث تتراوح نسبة الفجوة فيها بين 96 إلى 97%، مؤكدًا أن مركز البحوث يسعى في كل الاتجاهات لتعديل المنظومة الزراعية ورفع كفاءة المحاصيل الزيتية وهو اتجاه الدولة خلال المرحلة المقبلة. أضاف البنا - في تصريحاته ل"المشهد" - أن هناك استراتيجية 2020-2030 والتي تضم مجموعة من البرامج والخطط لإعادة الخريطة الزراعية، لافتًا إلى معدلات النمو السكاني والتي تصل إلى 1.2% سنويًا كانت سببًا في اتساع تلك الفجوة. أوضح أنه لابد من التفكير في إعادة الخريطة الزراعية في مصر نتيجة تغير المناخ. خطط المكافحة قال الدكتور مرتضى عيسى مدير معهد بحوث وقاية النباتات بمركز البحوث الزراعية، إن الاتجاه حاليًا في فترة التنمية الراهنة هو تقليل الفجوة في نقص المحاصيل الزيتية وهو ما لن يتحقق إلا عبر الزيادة الرأسية والزيادة الأفقية، مضيفًا أن المعهد لديه المقدرة الكافية لتغطية جميع الحاصلات الوزراعية في كافة أنحاء الجمهورية من حيث خطط المكافحة ومن حيث التعاون مع الجهات التنفيذية القائمة بهذه الأعمال في مديريات الأعمال الزراعية. تابع، عيسى ل"المشهد": أن دور المعهد التعاون مع المعاهد الأخرى أو الجهات التنفيذية المعنية بإنتاج الحاصلات الزراعية المختلفة من حيث مكافحة ومقاومة الآفات الحشرية والحيوانية التي تصيب هذه الحاصلات الزراعية، كما يقوم المعهد بوضع الخطط المكافحة للمحاصيل الاستراتيجية كالقطن والقمح والذرة ومحاصيل الفاكهة وكذلك المحاصيل البستانية، فكل محصول قد يتعرض لإحدى الآفات خلال مراحل نموه المختلفة والمعهد يقوم بوضع الخطط اللازمة لذلك حفاظًا على المحصول. أضاف: أنه مما لا شك فيه إن إصابة أي محصول بآفات ميكروبية أو آفات حشرية، قد تسبب نسبة خسارة في المحصول من 25 إلى 30% ولكن هناك معادلة اقتصادية باستخدام أسلوب مكافحة لعمل توزان بين نسبة الخسارة وتكلفة المكافحة وهذه الأمر مدروس في عملية المكافحة. تحسين الجودة قال الدكتور عادل جرجس وكيل معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية للإنتاج، ل"المشهد"، إن هناك نسبة عجز مرتفعة في المحاصيل الزيتية، حيث إنها تعتبر ثاني سلعة استيرادية بعد القمح، موضحًا أن دور المعهد أن نساعد على تقليل تلك الفجوة عن طريق تقليل نسبة الفاقد أثناء عمليات التصنيع مع تحسين الجودة وفي نفس الوقت مراعاة إدخال المواصفات العالمية بحيث أن كل مصنع وكل شركة لا يطبق المواصفات فقط لا غير ولكن يحصل على شهادة الإيزو فنحن بنأهل المصانع للحصول عليها. أضاف: أن المعهد منوط به ضمن مهامه وتكليفاته تطوير وتحسين إنتاج تصنيع المواد الغذائية في مصر والتعاون مع الدول العربية لذلك المعهد يضم 8 أقسام بينهم قسم بحوث تكنولوجيا الزيوت والدهون ومنتجاته، مؤكدًا أن المعهد عمل طفرة في إنتاجية زيت الزيتون. زيت الزيتون أكد أن هناك مشروع منذ عدة سنوات عبارة عن تحسين إنتاجية الزيت عن طريق العمل على المزارع الصغيرة ومن خلال وزارة الزراعة، حيث تم توفير لكل مجموعة من المستثمرين معصرة، وكان دورنا نقل المكون التكنولوجي وبالتالي زيت الزيتون الآن حصل فيه اكتفاء ذاتي بعد أن كنا نستورده حتى عام 2005 وحاليًا هناك طفرة في إنتاجه. تابع جرجس: أنه بعد عام 2005 بدأنا نعمل على التصدير، وهناك مشروعين الأول وصلنا حتى عام 2012 لزراعة 5 مليون شجرة والمرحلة الثانية خلال الفترة من عام 2012 إلى عام 2020، حيث من المقرر أن نصل إلى 100 مليون شجرة زيت زيتون وهو ما سيكون له عائد على الإنتاج وعائد على التصدير. أضاف أن المحاصيل الزيتية تكلفتها مرتفعة وليس لها عائد اقتصادي، فبالتالي اقترح وجود مشروع قومي للزيتون وهو بالفعل قائم ولكن لابد من الاتجاه بشكل أكبر إلى زيت الزيتون بحيث إن المحاصيل الزيتية إذا لم يستطيع المزارع الاتجاه لها نتيجة انخفاض عائدها الاقتصادي مقارنة بالمحاصيل الأخرى، فعليه بالاتجاه إلى زيت الزيتون خاصة أن تصدير واحد طن من زيت الزيتون يعادل استيراد 4 طن من الزيوت النباتية الأخرى مثل عباد الشمس وفول الصويا. وطالب بشجرة زيت زيتون لكل مواطن كما فعلت ماليزيا، مؤكدًا أن التوسع في زيت الزيتون هو الأفضل في الوقت الحالي أفضل من المشاريع الأخرى للمحاصيل الزيتية، فيجب على الدولة أن تدعم المحاصيل الزيتية الأول كما فعل الاتحاد الأوروبي، كما لابد من الاتجاه إلى التوسع في الصحراء عن طريق زراعة الزيتون وهو ما سيكون لها فائدة في منع التصحر وتوفير فرص عمل للشباب. مشاكل وحلول قال الدكتور محمد الخولي وكيل معهد بحوث الهندسة الزراعية، ل"المشهد"، إن عمليات تداول المحاصيل الزراعية تعد الخطوة الأساسية لتوسيع المساحة المزروعة، موضحًا أن المشكلة الأساسية التي تواجه المحاصيل الزيتية هي عمليات التجفيف والتخزين، وهذه الطرق تم تطبيقها مثل الكانولا وكذلك رجيع الأرز والذي بدأ تصديره مع شركات القطاع الخاص. بينما قالت الدكتورة سمر أحمد منير رئيس قسم بحوث المحاصيل الزيتية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، إنه يمكن أن نحقق اكتفاء ذاتي من المحاصيل الزيتية، لو عملنا بعض الحلول التي تساعد على عمل الاكتفاء الذاتي من تلك الحاصيل، مثل دعم المزارع وشراء المحصول منه، وتحديد حد أدنى له من قبل الدولة كما يحدث في المحاصيل الاستراتيجية خاصة زهرة الشمس والكانولا وفول الصويا حيث إن المزارع لا يجد من يبيع له المحصول، لذا لابد من تحديد سعر يحقق له هامش ربح يجعله يقبل على زراعته مرة أخرى. طالبت بالتوسع في زراعة المحاصيل الزيتية بالأراضي الجديدة، حيث أن تلك المحاصيل لا تحتاج إلى توافر مائي أو احتياجات سمدية عالية. أضافت - في تصريحاتها ل"المشهد" - أنه يمكن زراعة محاصيل نسبة الزيت عالية فيها، مؤكدة أن المحاصيل الزيتية مقارنة بالمحاصيل الأخرى بالنسبة لتكلفة الفدان منها لها عائد اقتصادي ولكن أزمتها تكمن في عدم توافر الجهة التي تحصل على المحصول منهم، فالمصانع تقوم بالاستيراد من الخارج. دراسات وأبحاث فيما قال الدكتور شعبان عبد ربه رئيس قسم بحوث الحشرات القشرية والبق الدقيقى ووحدة أبحاث الذباب الأبيض، إن المحاصيل الزيتية مثل الزيتون والسمسم ودوار الشمس والقطن تصاب بالعديد من الآفات الحشرية يوجد برامج لمكافحتها، كما يوجد دراسات بحثية يقوم بها باحثو القسم سوف يتم الانتهاء منها قريبًا حول تلك الآفات نتيجة أهميتها الاقتصادية. أضاف الدكتور محمد على عبد العزيز الباحث بقسم بحوث الحشرات القشرية، أنه جارى إجراء بحوث على حشرة Phenacoccus solenopsis التى تصيب العديد من المحاصيل منها المحاصيل الزيتية.