اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز"البريطانية اليوم، الأربعاء، أن الانتخابات البرلمانية المقرر أن تشهدها الجزائر غدا، الخميس، تأتي في إطار مساعي الحكومة الجزائرية الراهنة للتخلص من أشباح الماضي المتمثلة في فوز الاسلاميين وتفادي رياح التغيير العربي. وذكرت الصحيفة - في تعليق أوردته على موقعها على شبكة الانترنت-أنه في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الجزائرية لاجراء الانتخابات البرلمانية تتواصل الاحتجاجات. وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من أن الجزائر تعاني مثل كثير من بلدان العالم العربي ومنطقة شمال إفريقيا ارتفاع نسب البطالة بين الشباب واستفحال الفساد وقمع القوات الأمنية غير أن دوائر السلطة الجزائرية تمكنت حتى الآن من تجنب ذات المصير الذي لاقته كثير من الانظمة في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا. وأشارت الصحيفة إلى ما قاله الخبراء والمحللون في هذا الصدد بأن الحكومة الجزائرية تمكنت من تطويع مواردها "لشراء السلام الاجتماعي ورضا الرأي العام الجزائري" وذلك من خلال رفع رواتب العاملين بالقطاع الحكومي وطرح برامج إقراض. وذكرت "فاينانشيال تايمز" أن قوات الأمن الجزائرية، وعلى عكس كثير من الدول العربية، مدربة بشكل أفضل على التعامل مع التظاهرات السلمية والاحتجاجات. ولفتت إلى أن الحصانة التي تتمتع بها الجزائر من الوقوع في العاصفة التي أطاحت بمعظم أنظمة المنطقة لها جذور تعود إلى تاريخ البلاد المعاصر.. مشيرة إلى أن الجزائر كان لديها نسختها الخاصة من بدايات الربيع العربي أواخر ثمانينات القرن الماضي والتي أسفرت عن نتائج كارثية لا يزال شبحها يطارد الجزائريين حتى الآن. وأشارت الصحيفة إلى أنه في عام 1988، أطلقت قوات الأمن الجزائرية النار على تظاهرات خرجت احتجاجا على غلاء الأسعار وغياب الحريات المدنية مما تسبب في حالة من الغضب الشعبي أدت في نهاية المطاف إلى إنهاء فترة ولاية واحدة لجبهة التحرير الوطني أعقبها إجراء انتخابات شهدت فوز الاسلاميين ما اضطر الجيش إلى الغاء نتائج الجولة الأولى من الانتخابات وقمع الاسلاميين ليشعل بذلك فتيل حرب أهلية استمرت طويلا وراح ضحيتها الاف المواطنين، ودائما ما يشار اليها "بالحقبة السوداء". ورأت الصحيفة أن الانتخابات البرلمانية الجزائرية المقرر أن تجري غدا تعد أحدث الحلقات في سلسلة الاصلاحات السياسية التي تتبناها الحكومة بهدف امتصاص غضب الرأي العام الجزائري.