- كيف دفعت البيوت والمساجد ومحطات الكهرباء ثمن بربرية الاحتلال - قوس خزاعة شاهد على استشهاد 50 فدائيا دفاعا عن فلسطين جولة فى الوطن...بين الأمل والألم 14/8/2014 - الثامنة صباحًا خططنا للتجوال مع أحد الأصدقاء فى أراضينا الصامدة و المنكوبة، ركبنا الدراجة النارية من بيتنا فى القرارة متجهين شرقا إلى منطقة زنة أبو عاصى فى بنى سهيلا، أكوام من التراب وأثار جنازير الدبابات الإسرائيلية، سواتر ترابية لحماية الدبابات. إطلاق النار على جدران البيوت، هدمت العديد من المنازل وقصفت بيوت الله الآمنة، الدبابات كانت قريبة من الطريق المؤدى بين بنى سهيلا وعبسان الصغيرة، فقد أبو محمد المُغربى نجليه شهيدين. وصلنا إلى زنة أبو جامع فى بنى سهيلا، حجم الخراب يزداد تدريجيًا، مرابض الدبابات الإسرائيلية بادية للعيان، تجريف واسع للأراضى الزراعية، قصف للمساجد وهدم مآذنها، آبار المياه و خزاناتها ملقاة على الأرض بعد أن قصفت و فجرت، وصلنا إلى منطقة الفراحين شرق عبسان الكبيرة، مررنا بجانب السياج الحدودى الشرقي، مواقع جيش الاحتلال والرادارات الإسرائيلية تشاهدها العين المجردة. عدد كبير من مرابض الدبابات فى أراضى الفراحين، مساحات واسعة من الأراضى الزراعية مجرفة، الدبابات أطلقت الرصاص والقذائف مباشرة على البيوت المقابلة لها، مالت الدبابات على البيوت جانبى الطريق فهدمت جدرانها وتركت غرف نومها مكشوفة للمارة، لماذا يريد جيش الاحتلال أن يكشف ستر عوراتنا؟ من عادة أهل عبسان التجمع أمام بيوتهم فى الصباح الباكر وفى المساء، يرشفون أكواب الشاى بالنعناع وفناجين القهوة العربية ويدخنون النرجيلة، هم أهل عز ونغنغة، ويحبون أن يعزوا أنفسهم. لم نجدهم كما عرفناهم، اجتمعوا دون حديث أو سمر، التفوا حول سيارات مياه الشرب ليزودوا منازلهم بالمياه بعد أن دمرت آبارهم وخزنات مياههم، واخرين اهتموا بإصلاح خطوط المياه ليأمنوا وصول المياه الى بيوتهم المدمرة، واخرين يردمون الحفر الكبيرة التى خلفتها الدبابات امام منازلهم، شاهدنا القليل منهم يعتنى بأراضيه ومزروعاته، لم تترك لهم الدبابات كثيرا من زراعتهم، ضاع موسمهم وشقى عمرهم، دمرت بيوتهم واراضيهم وخربت البيوت الزراعية، موسم كله موت و خراب، العاشرة صباحًا خزاعة ترحب بكم فى الطريق إلى خزاعة، موقع شاسع تجمعت به الدبابات الإسرائيلية وأحاطته بسواتر عالية من التراب، البنايات مدمرة ومقصوفة على جنابى الطريق، خزاعة ترحب بكم، قوسا كان جميلا سقط مقصوفا على الجانب الأيمن من الطريق. هذا القوس كان شاهدا على استشهاد القائد أحمد مفرج أبو حميد وخمسون من رفاقه الشهداء، سقطوا فى احدى ليالى الدفاع عن خزاعة فى زمن الانتفاضة الثانية، تجاوزنا قوس الترحيب دون ترحيب، لا آثار لخزان المياه الغربي، الذى كان واحدا من علامات خزاعة المميزة، خزانها الشرقى مقصوفا وغير مدمر، ولكن المسجد بحواره قد تم تدميره، مبنى البلدية مدمر، مربعات واسعة من أحياء خزاعة تم تدميرها بالكامل، دمار عظيم، الطرق مجرفة، الخراب واسع و كثيف، الناس واجمة، أعداد من المواطنين ترجع إلى منازلها محملة بالتكتك وعربات الكارو، ترجع محملة مع عائلاتها وما حملته من اغطية و متاع عندما نزحت بالأمس الى غرب خانيونس خوفا من عدم تمديد التهدئة الثالثة، الحادية عشرة ضحى غادرنا خزاعة مرورنا بعبسان الكبيرة ومنطقة الفراحين متجهين نحو الطريق الدولى شرق القرارة، دخلت الدبابات الاسرائيلية من السياج الحدودى متجهة الى الغرب، قامت بهدم كل ما واجهها من مبانى و بيوت، داست اشجار الزيتون فى طريقها، دمرت مزارع البقدونس و حفرت الحفر الكبيرة، استقرت الدبابات على جانبى الطريق الدولى فى مرابض عميقة، وقعت معارك شرسة مع الدبابات الاسرائيلية كما يروى احد سكان المنطقة، اثار من بقايا جنازير الدبابات واغطيتها ما زالت شاهدة على ضراوة المعركة، تم سحب العديد من الدبابات المدمرة كما يروى أحد أفراد المنطقة، معالم الطريق الدولى تم محوها، المغول بقيادة هولاكو مروا من هنا!!! دخلت القوات الخاصة العاشرة مساء ليلة 18/7، اتخذت من مدرسة كامل الاغا موقعا لها كما قال احد السكان، دخلت الدبابات بعد ليلة من القصف الشديد لطائرات ال اف 16، وبعد ان قصفت المنطقة بالغاز والغبار الشديد، ملأ الغبار الابيض الدنيا، غبار شبيه ب"الغطيطة"، لا تسطيع ان ترى اصابعك من امامك!!! غبار ودخان يحرق الصدر ويضيق النفس و يمنع الرؤية، تقدمت الدبابات باتجاه منطقة الغوافير فى القرارة وصولا الى شارع رقم 2، واتجه عدد منها باتجاه زنة العواصى و زنة ابو جامع وصولا الى الطريق الواصل بين بنى سهيلا وعبسان الصغيرة، اصيبت الدراجة النارية التى نستخدمها بعطل بسيط، اضطررنا التوجه لبيت صديقنا فى دير البلح، آثار خفيفة من الدمار فى دير البلح وفى الطريق اليها، دير البلح كانت مستقرة خلال هذه الحرب كما كانت مستقرة فى الانتفاضتين لذلك يسميها الشباب "كفار شالوم" شربنا كأسا من الشاى و اكلنا عنقودا من العنب و ثمرات من شجرة الفسفورة لذيذة الطعم، استرحنا فى ظل المنزل على مسافة امتار من شاطئ دير البلح، الهواء عليل، واشجار النخيل الباسقة التى تشتهر بها دير البلح وتتدلى منها قطوف البلح القريبة الى النضوج من أمامنا، اصوات بعيدة من الزنانات وطائرات ال اف 16، تناولنا طعام الغداء فى احدى مطاعم دير البلح الشعبية، خبز و لبن و كباب، فى الطريق الى غزة مررنا بمصنع العودة لصناعة البسكويت شرق طريق صلاح الدين فى دير البلح، دمر المصنع وحرق، 30 مليون دولار من الخسائر هى التقديرات فى هذه الحرب الاقتصادية التى شنت ضد المدنيين الفلسطينيين ، مررنا بالمغازى والبريج فى وسط قطاع غزة دون أن نتجول فى مناطقها الشرقية التى تعرضت للحرب، كما لم نمر على النصيرات وجامع القسام المدمر فى مخيمها الشمالى الغربي، وصلنا الى شركة توليد كهرباء غزة، المحطة الوحيدة لتوليد الكهرباء فى قطاع غزة، قصفت طائرات ال اف 16 خزنات الوقود الثلاثة بصاروخ واحد، اشتعلت فيها النيران و توقفت المحطة، الدخان وراحة النفط المحترق وبقايا المحروقات تزكم الانوف، الثانية عشرة ظهرا وصلنا الشجاعية شرق غزة، بدأنا جولتنا فى تفقد اصدقائنا من آل عياد، 26 شهيدا سقطوا من هذه العائلة خلال هذه الحرب، 12 منهم فى مجزرة الشجاعية الاولى، وصف لنا دكتور نصر والمهندس جهاد مجزرة الشجاعية الثانية التى استشهد فيها 26 شهيدا وعشرات من الجرحى، 4 من الشهداء كان اخوة، و 7 من بينهم كانوا من عائلة واحدة، حزن والم شديدين أن تفقد العديد من ابنائك و اقاربك فى لحظة حرب مجنونة واحدة، صلينا الظهر فى احد مساجد الشجاعية، شربنا فنجان من القهوة وكوب من الخروب البارد، شكرا لآل عياد على ضيافتهم، واصلنا السير شرقا فى الشجاعية، الدمار على جوانب الطريق، وصلنا الى الطريق الشرقي، اثار جنازير الدبابات وتجريف و حفر الاراضى بادية للعيان، بيوت محروقة واخرى مقصوفة واخرى مدمرة، دمار رهيب، قصف من طائرات ال اف 16، قصف من الدبابات، حرق للمنازل والمنشئات والمؤسسات، مساحات واسعة من البيوت المهدمة، منظر الكآبة يؤكد ان الحرب قد مرت من هنا، اخذت فى طريقها عشرات من الاحباب والابناء، وتركت بدلا منهم الحزن والمأساة، حديث متواتر عن اشتباكات من نقطة الصفر مع دبابات العدو، دبابات دمرت وجنود قتلوا وبقايا المهمات والادوات الطبية المستخدمة فى الإسعافات الاولية تدل على العدد الكبير من الجرحى الذين سقطوا برصاص المقاومة الباسلة، اهالى الشجاعية مشغولين بتجهيز المياه لبيوتهم، هذا يصلح خط من المياه وذاك يحاول أن ينقذ بعض من حاجاته من تحت الركام العظيم، شركة الكهرباء تتصارع مع الزمن من اجل ارجاع النور لساعات قليلة للبيوت المهدمة والشوارع المظلمة والكئيبة، اهالى الشجاعية يتميزون بالشجاعة والصبر والصمود، تحية لأهلنا هناك! ال 1:30 ظهرا تابعت هاتفيا وصول تحويلة ابنى غسان للسفر من اجل العلاج والمراجعة، قمت بعمل الاجراءات اللازمة للتنسيق والحصول على الموافقة الامنية حتى يتمكن غسان من السفر يوم الاثنين القادم، العاملين فى ادارة العلاج بالخارج فى وزارة الصحة منهمكين فى انجاز كشوفات سفر جرحى الحرب للعلاج فى مستشفيات مصر والاردن وتركيا، شكرا لكل من ساهم فى بلسمة جراح ابناء شعبنا، استرحنا قليلا فى بيت احد الاصدقاء فى جباليا، تناولنا كأسا من الشاى والماء البارد اضغط هنا لمشاهدة الملف بالحجم الكامل الثانية و النصف ظهرا وصلنا مدينة بيت حانون من خلال بيت لاهيا، القصف على جوانب الطرق، المدينة الصناعية فى بيت حانون مدمرة، الحرائق أتت على عدد كثير من مصانعها، مصنع بيونير للمواد الغذائية، مصانع البلاستيك، مصانع لمواد البناء والبلاط، حظائر للأبقار، مخازن للمواد الغذائية، واصلنا السير شمالا، دخلنا مدينة بيت حانون فى اقصى شمال قطاع غزة، الطائرات قصفت ودمرت، والدبابات قصفت ودمرت، البيوت أحرقت، الجنود أطلقوا النار وقتلوا المدنيين وأصابوهم، كلية الزراعة دمرت، العديد من المساجد تم تدميرها، المدينة تم تخريبها، غرف النوم مفتوحة على الشوارع، كثير من البيوت كشفت عوراتها، اهالى بيت حانون مشغولين بأنفسهم وببيوتهم وخطوط المياه المدمرة، لماذا يريد هذا العدو كشف عوراتنا؟ لماذا يحاول أن يكشف ستر الله عنا؟ الدبابات الاسرائيلية مازالت منتشرة جنوب الخط الشرقى للهدنة الذى يفصل بيت حانون عن دولة الاحتلال، غادرنا بيت حانون و فى القلب غصة و وردة، صلينا العصر فى جباليا، مع عدد من اصدقائنا الصوفيين، دعونا الله سويا ان يلطف بعباده بلطفه الخفي، ويلطف بنا فيما جرت به المقادير، صلينا المغرب والعشاء، وانتظمنا فى حلقة للذكر، الايمان يملئ جانبا كبيرا من قلوبنا والحزن يملئ الجوانب الاخرى، تناولنا طعام العشاء، عدس أصفر وطبيخ رجلة بالبندورة، الاعتماد على الله هو مقصدنا ومآلنا، أملنا الوحيد ان ينجينا الله وينجى شعبنا من هذه الحرب اللعينة، سنصمد وننتصر، اوقفوا العدوان!!!! اوقفوا الحرب!!!!
سقوط القمر محمود درويش فى البال أغنية يا أخت ، عن بلدى ، نامي لأكتبها.. رأيت جسمك محمولا على الزرد و كان يرشح ألوانا فقلت لهم: جسمى هناك فسدّوا ساحة البلد كنا صغيرين، و الأشجار عالية و كنت أجمل من أمّي و من بلدي.. من أين جاؤوا؟ و كرم اللوز سيّجه أهلى و أهلك بالأشواك و الكبد!.. إنا نفكّر بالدنيا، على عجل، فلا نرى أحدا، يبكى على أحد، و كان جسمك مسبيا و كان فمي يلهو بقطرة شهد فوق وحل يدي!.. فى البال أغنية يا أخت عن بلدي، نامي.. لأحفرها و شما على جسدي..