كالعادة دون أي تعلم للدروس ، دائما ما تؤدي الحسابات الخاطئة لإسرائيل وحلفائها .. إلي نتائج عكسية. المشكلة تنبع من إنطلاقهم، من فرضية ثبت تكرار فشلها في المواجهات السابقة مع حزب الله والمقاومة الفلسطينية، وهي أن تفوقها التسليحي الكاسح يضمن لها القضاء علي خصمها، أو علي الأقل كسر إرادته لفرض شروطها عليه. المبادرة المصرية التي إنطلقت من هذه الفرضية، لاقت إنتقادات إعلامية غربية أوجزها الصحفي "يورجين شترياك" للدويتشه فيله، أن السيسي بسبب حساباته الداخلية ليس وسيطا محايدا، بعد شيطنته للإخوان ثم حماس، لدرجة مطالبة مذيعين مصريين له بمشاركة إسرائيل في قصف غزة للإطاحة بحماس، ما أضر بشدة بمصداقية مصر كوسيط في هذا الصراع، بينما أشارت صحيفة "لوبنيون" الفرنسية لتواصل التعاون العسكري المصري الإسرائيلي، وأن السيسي أصبح حليفا لإسرائيل منذ عزل مرسي. ديفيد هيرست ذهب في صحيفة "هيفنتجتون بوست" الأمريكية، إلي أن العدوان جاء بمباركة "تحالف غير مقدس" يضم إسرائيل وأمريكا ومصر والسعودية لكسر إرادة حماس، وإنتقد موقف وزير الخارجية المصري الذي حمل حماس (وليس إسرائيل) مسئولية موت الفلسطينيين لرفضها المبادرة. وأكد أن العدوان جاء بمرسوم ملكي سعودي، وهذا التفويض الملكي بمثابة سر معلن في إسرائيل، ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق "شاؤول موفاز" نفسه أكد في القناة العاشرة الإسرائيلية أن "السعودية والإمارات لهم دور في السعي لنزع سلاح حماس"، مؤكدا "أن أموال السعودية والإمارات المخصصة لإعادة بناء غزة ، ستستخدم فقط بعد نزع أنياب حماس". نتنياهو تحدث عن المبادرة بإعتبارها مجرد فخ لحماس، فقال لصحيفة "يديعوت أحرونوت": „لقد وافقنا على المقترح المصري لإعطاء فرصة لنزع سلاح قطاع غزة، من القذائف والصواريخ والأنفاق عبر السبل الدبلوماسية"، وأضاف : „أما إذا لم تقبل حماس بها، فإن إسرائيل ستتمتع بشرعية دولية كبيرة لتوسيع العملية العسكرية،" ! بالمقابل لاقت المبادرة المصرية رفضا فلسطينيا شاملا موحدا من حماس والجهاد والجبهة الشعبية، ثم "مروان البرغوثي"بتبني مطالب حماس وبعده محمود عباس نفسه ، وتأكيد المتحدث بإسم فتح "أسامه القواسمي" علي توحد فتح وحماس في الإنتصار العسكري وكسر الحصار، خاتما بقوله: „إسرائيل هي دولة إحتلال إرهابية نازية“. هناك توافق عالمي علي الفشل الإسرائيلي العسكري والسياسي والإعلامي، عبرت عنه "ذا إندبندنت" بملف للمظاهرات العالمية الرافضة بعنوان "العالم يقول لإسرائيل كفي"، وبالإهتمام العالمي بإنهيار ممثل الأونروا في غزة "كريس جونيس" باكيا علي قتل مئات المدنيين والأطفال في مقرات الأممالمتحدة". صحيفة "ذا ديلي بيست" الأمريكية أكدت علي الإنتصار الكبير لحماس، بعد تطوير قوتها الصاورخية من مدي 25 كم، إلي فوق 90 كم، بما مكنها من إستهداف كل مناطق إسرائيل، بما فيها تل أبيب بل ومفاعل ديمونه النووي. وبعنوان "كيف إنتصرت حماس قبل أن تنتهي الحرب" نشرت "فورين أفيرز" تحليلا لليهودي "آريئيل إيلان روث" المديرالتنفيذي لمعهد إسرائيل في واشنطن، خلص فيه إلي إن دولة الاحتلال تعرضت لهزيمة استراتيجية ساحقة أمام حماس التي حطمت الوهم بعد أن جعلتها تدفع ثمنا باهظا للإحتلال، ورفعت أسهم القضية الفلسطينية عالميا، وأكدت علي الحقيقة بأن الفلسطينيين مضطهدون وأن الإسرائيليين هم المعتدون، ما سيؤدي لضغوط عالمية لعزل إسرائيل سياسيا ومقاطعتها إقتصاديا.