استمعت لصديق يحكى عن خطيبته فقد قال لها سوف أمر من أسفل منزلكم وعندما تسمعين صوت الصفارة فعليك بالنزول فسعدت المخطوبة – المتابعة للمسلسلات الرمضانية التى تعج بالفلل الراقيه والسيارات الفارهه - وقالت له: إنت اشتريت عربية ،فرد الشاب المسكين الذى ارتفعت حرارته لتفوق الأربعين : لاأنا اشتريت صفارة !! فتعجبت من المتناقضات التى نراها فى مسلسلاتنا الرمضانية وإعلاناتنا التليفزيونية فكم الفلل والقصور التى نراها فى مسلسلات رمضان تؤكد لك أن مصر لاتعرف الفقراء وسرعان ماتخرج لفاصل إعلانى لترى مؤسسات الخير تطالبك بالتبرعات وحسنة قليلة تمنع بلاوى كتيرة يامشاهدأفندى ، وستدهش عندما ترى إعلان الجوع ينتهى ليحتل مكانه إعلان السكن فى شاليه العين السخنة ، أما إذا تحدثت عن مضمون الدراما فحدث و"أنت محرج" فلا ضير أن يتقبل المجتمع قيمًا كانت مرفوضة قبل أن تحملها الرسالة الإعلامية، أو يرفض أخرى كانت سائدة ومقبولة مستبدلًا بها قيمًا جديدة فالعرى والخلاعة لم تعد من مقتضيات العيب فى مصر ، لقد تصادف أن رأيت مشهد فى مسلسل رمضانى أثناء السحور فإذا بالممثلة ترتدى – بصراحة لاأعلم إن كانت ترتدى أو شبه ترتدى – مايستر عورتها يعنى "لابسه ملبساش م الآخر" فسألت ابن خالتى هو المسلسل "دا بييجى" فى النهار ! فضحك مقهقها وكأنه يقول "انت هتعمل فيها هندى " وقرأت عن أحد الأصدقاء حاكيا مشاهدته لأحد المسلسلات قائلا : "صوت من الجيران اثنين من السيدات يتحدثون واحدة تقول للأخرى جوزى تعبان اليومين دول, وحالته النفسية سيئة , فضحكت الثانية , وقالت لها : ياوليه انتى عاملة زي اللي بياكل وينكر ما انا لسه شايفاكي خارجة من الحمام كنتى بتستحمي بعد ما كنتوا في الأوضة وممثلة أخرى تكشف عن أرجلها , وتزيل الشعر الزائد في قدمها أمام الشاشات ,, وكأن شيئا لم يكن. لن اجهدك عزيزى "الصائم نص نص " حتى لاأضيع صيامك وتتخيل المشاهد فى ذهنك فالفضائيات بكل ما تحمله لنشر الخير والشر في آنٍ واحد، يمكن تطويعها حسب التوجهات ، (ولكلِّ وجهةٌ هو موليِّها) ولقد أنجب عصر المعلوماتية العمل على مداعبة خيال المشاهد، وشد الانتباه لمشاهد معينة يصوغ فيها فكر العامة والخاصة، وتوجيهها لمصلحة المستثمروالمنتج ، و تخفي في ثناياها- اعلان أو مسلسل - دسًا غير منضبط يحاكي الشهوات، ويوقظ النزوات، ويدمر الأسرة المسلمة، بخبث إعلامي ليس من السهل اكتشافه، فهي تستهدف نظرة مزدوجة، ظاهرها الترفيه وترويج السلعة، وباطنها الاستحواذ على الجيوب، والتفسُّخ الأخلاقي، والميل بالأسرة إلى هاوية الملذات، والشهوات والبعد القيمي، وتصدير النماذج الغربية، واكتساب مساوئها فأقوى وسيلة لضرب المجتمعات هي تدمير أقوى أسلحتها (الشباب)، وإفساد بذورها (الأطفال)، ثم عزل الأجيال عن بعضها، وخلق التناقض فيما بينها؛ لتظل في حالة تصادم مستمر وتنافر دائم. بعد هذه الكلمات تذكرت قصة سيدات الحمام عندما كن يتحممن فى حمام النسوة ، وفجأة شبت النار في أرجاءه ، فاندفعت بعضهن لخارج الحمام بشكل عفوي دون ستر أجسادهن طلباً للنجاة، أما الباقيات فلم يخرجن لأنهن لم يجدن ملابسهن خشية الفضيحة والحشمة ، وبالتالي متن داخل الحمام فقيل "اللى اختشوا ماتوا " فتأكدت من صحة هذه المقولة فى هذه الأيام ففعلا " اللى اختشوا ماتوا "