جدل حول تطبيق قرار الغلق مبكرًا الحكومة: العمل 24 ساعة استهلاكًا لموارد الدولة الغرف التجارية: خسائر فادحة ستلحق بالتجار أصحاب المحال: الحكومة لم تتعظ من تجارب من سبقوها الكهرباء: الغلق مبكرًا يوفر 8% من الاستهلاك المواطنون: تحديد ساعات العمل يقيد الحريات.. وضرر للفترة المسائية رغم أن قرار غلق المحال التجارية مبكرًا، فى الثامنة مساءً، لايزال محل دراسة ولا يخرج عن كونه مجرد مطالبات لخفض استهلاك الطاقة ومواجهة أزمة الكهرباء، إلا أنه أثار ردود أفعال متباينة بين المواطنين وكذلك التجار خلال الأيام الماضية، حيث رفضه غالبية أصحاب المحلات لما فيه من إضرار لمصالحهم، بينما تحدث البعض عن كونه قرار صائب. ولكن لا تزال الجدوى الاقتصادية التى يمكن أن تتحقق من وراء القرار، وما هى الإيجابيات والسلبيات على موازنة الدولة، مثارًا للجدل، خاصة بعد أن رفض الرئيس عبدالفتاح السيسى مشروع الموازنة خلال حفل عسكرى الأسبوع الماضى. ترى حكومة المهندس إبراهيم محلب، أن عمل بعض المحال 24 ساعة هو استهلاكًا لموارد الدولة، فى حين يرى آخرون أن تحديد مواعيد غلق المحال التجارية سيؤثر سلبا على دخل أصحاب المحال والعاملين به. وتبحث حكومة محلب تنظيم مواعيد المحلات التجارية محل دراسة لإعادة الانضباط للشارع، بهدف إعادة الانضباط المرورى، والعمل على عدم عودة الباعة الجائلين بعد نقلهم إلى أسواقهم المؤقتة، بحسب تصريحات السفير حسام القاويش، المتحدث باسم مجلس الوزراء، قبل أيام. وقد أثارت هذه التصريحات جدلًا كبيرًا، خاصة أصحاب المحال الذين يرفضون أى تدخل فى مصدر رزقهم، حيث هاجم البعض مجرد التصريح بدراسة الموضوع، بينما وجد البعض ضرورة توخى السرعة فى إصدار قرار حاسم، حتى يعود انضباط الشارع المصرى ويرتقى المجتمع. ورغم رفض هذا القرار من قبل حكومة الدكتور هشام قنديل، والتى تم حينها تحديد مواعيد غلق المحال التجارية فى تمام الساعة العاشرة مساءً، حيث قوبل هذا القرار بالرفض والهجوم سواء إعلاميا أو جماهيريًا، الأمر الذى جعل الحكومة تتراجع عن تطبيقه، إلا أن حكومة محلب جاءت لتعيد فتح الباب مجددًا ودراسة القرار مرة أخرى، وإغلاق المحال فى الثامنة مساءً، وهو ما لم تنتقده وسائل الإعلام أو تهاجمه. وكان أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، قد حذر – قبل ما يقرب من عام - من أن القرار يكبد الاقتصاد المصرى أكثر من 25 مليار جنيه خسائر، نتيجة تزايد البطالة فى قطاع التجارة الداخلية بنسبة تتراوح بين 3% و4%، بالإضافة إلى تراجع المبيعات والسياحة، وذلك إذا تم التطبيق الساعة العاشرة مساءً، عقب قرار حكومة مرسى بعزمها إغلاق المحال مبكرًا، بينما أكد عدد من خبراء الاقتصاد حينها أن غلق المحال الساعة العاشرة مساءً يمكن أن يوفر من 3 إلى 5 مليارات جنيه سنويًا فى الطاقة الكهربائية، كما أنه سيقلل من استهلاك الوقود نحو مليار سنويًا وهى أرقام كبيرة يمكن أن تخفض من عجز الموازنة العامة للدولة. من جانبه قال الدكتور خالد حنفى، وزير التموين، إن قرار إغلاق المحلات التجارية مبكرًا، محل دراسة، لافتًا إلى أن القرار، فى حال تنفيذه، سيراعى ظروف كل محافظة أو منطقة. وكان الاتحاد العام للغرف التجارية، قد تقدم قبل عدة أشهر بطلب لتطبيق قرار الإغلاق المبكر على المحال، ترشيدًا لاستهلاك الطاقة، وتنظيم قطاع التجزئة وفقًا للمشروع القومى لتنمية التجارة الداخلية. فيما قال أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، إن تطبيق مثل هذه القوانين فى الوقت الحالى يكبد أصحاب المحال التجارية خسائر فادحة. وأضاف – فى تصريحات له - أنه على الحكومة التمهل فى تطبيق مثل هذه القوانين فى الوقت الراهن، حتى يتمكن أصحاب المحال التجارية من تعويض الخسائر، التى لحقت بها منذ اندلاع ثورة 25 يناير، موضحًا أنه فى حال تطبيق مثل هذه القوانين سيكون هناك فترة سماح للمحال التجارية تصل إلى ساعتين بعد الإغلاق. فيما دعا محمد نور فرحات، الفقيه الدستورى، إلى بدء حملة للمطالبة بإغلاق المحلات التجارية فى الثامنة مساء وفتحها فى التاسعة صباحا، مستثنيا الصيدليات ومحلات بيع الأغذية. وتابع فرحات، عبر تدوينة له عبر "فيس بوك": أن الفوائد من هذه الحملة هى تخفيض الضوضاء والفوضى فى العاصمة، وتحقيق سيولة فى المرور وتوفير الكهرباء، وتمكين المحليات من تنظيف العاصمة بالليل. أكد الدكتور محمد اليمانى، المتحدث الإعلامى لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أن القطاع يميل إلى تأييد قرار إغلاق المحال التجارية مبكرًا، باعتباره أحد الحلول لترشيد استهلاك الكهرباء، موضحًا أن الأنشطة التجارية فى مصر تستهلك حوالى 8% من إجمالى الطاقة المستهلكة أى ما يزيد عن 1800 ميجاوات، ويمكن لهذه النسبة أن تنخفض بشكل فعال حال تطبيق القرار. وكشف اليمانى فى تصريحاته ل"المشهد"، عن أهمية ترشيد الاستهلاك من قبل المواطنين أو أصحاب الشركات والمحال التجارية، وأنها سياسات القطاع للحد من أزمة انقطاع التيار التى يعانى منها المصريون خلال الفترة الماضية. وأوضح أن ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية ثقافة وسلوك تنتهجه جميع دول العالم كأحد دعائم التقدم والتنمية، مما يتطلب مزيدًا من برامج التوعية لترسيخ هذا المفهوم، وهذا ما يقوم به قطاع الكهرباء بالتنسيق مع وزارتى البترول والإعلام لإعداد حملة قومية لترشيد الاستهلاك والوقود للعمل بها الفترة المقبلة. بينما قال الدكتور ماهر فريد، خبير الطاقة، إن غلق المحال التجارية مبكرًا يؤدى إلى ترشيد استهلاك الكهرباء بالفعل، ويساهم فى حل أزمة تخفيف الأحمال ليلا خاصة مع دخول موسم الصيف وارتفاع درجات الحراة الذى يؤدى إلى زيادة الاستهلاك من قبل المواطنين، ويزيد العبء على الشبكة القومية. وأضاف فريد فى تصريحاته ل"المشهد"، أن الوزارة من الممكن أن تتخذ عددًا من الآليات الأخرى لتوفير الطاقة، خاصة أن غلق المحال مبكرا له عوائد سلبية على الاقتصاد المصرى والمواطن العادى. وأشار إلى أنه من الحلول التى يجب أن تطبقها الوزارة بديلا عن غلق المحال، فرض عقوبات على مهدرى الطاقة والباعة الجائلين، الذين يسرقون الكهرباء من أعمدة الإنارة التى تتعدى نسبة 15% من إجمالى الطاقة، وأن يتم إدارة منظومة الكهرباء بشكل علمى من خلال وسائل التحكم فى إدارة الكهرباء من خلال شاشات حديثة وعدادات، توضع فى كل الأحياء لقياس الأحمال لكل منطقة ومعرفة الزيادات. ترصد "المشهد" آراء عدد من البائعين وأصحاب المحلات وأيضًا المواطنين، حول دراسة القرار وإمكانية تطبيقه، وكذلك الجدوى الاقتصادية التى يمكن أن تتحقق من وراء القرار؟ وما هى الإيجابيات والسلبيات على موازنة الدولة؟. فى البداية، يقول مجدى أسامة، عامل فى محل أحذية، إنه رفض مبدأ تحديد مواعيد معينة لغلق المحال التجارية، موضحًا أن تحديد موعد معين سيؤثر على إيراد المحل، وبالتالى سيعود ذلك بالضرر على العاملين وعلى رواتبهم. أشار محمود طلعت، بائع بمحل ملابس، إلى أن الزبائن لا تتجه إلى الشراء إلا من الساعة الثامنة مساءً وحتى الواحدة صباحًا، خاصة قبيل الأعياد والمناسبات، مؤكدًا أنه بتحديد مواعيد معينة لغلق المحال سيقضى على أهم ساعات العمل. أضاف مدحت عزب صاحب مطعم، أنه الهدف الأساسى من توجهه إلى فتح محل هو عدم الارتباط بمواعيد عمل معينة، مشيرًا إلى أن هذا هو أساس العمل الحر، متسائلًا كيف تقيد الحكومة الأعمال الحرة؟، فهذا حتى لايليق مع اسمها. فيما اعترض وائل سامى، بائع بمحل أقمشة، على القرار، قائلًا: "نحن رؤساء جمهورية نفسنا، وليس لأحد علينا سلطان"، موضحًا أن الحكومة لم تتعظ من تجارب من سبقوها، حيث إنه فى فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسى، أعلنت الحكومة قرارها بغلق المحال التجارية الساعة العاشرة مساءً، وقد واجهت بذلك هجوم أصحاب المحال، متسائلًا هل تتخيل الحكومة أن الشعب سيتراجع عن موقفه؟. كما رفض دكتور عادل إيليا، صيدلى، إدراج الصيدليات تحت طائلة تقديم مواعيد غلق المحال التجارية، موضحًا أن الصيدليات ليست مشروعا هادفا للربح، ولكنه أيضًا يقدم خدمات طبية للمريض فى أى وقت. كما طالب وجيه ممدوح، صاحب محل أحذية، الحكومة بالتوجه أولًا بإغلاق أعمدة الإنارة المنتشرة على الطرق وفى الميادين، والتى تظل مضيئة طوال النهار، وبعد ذلك يهاجموا أصحاب المحال فى لقمة عيشهم. بينما وافق وليد عقل صاحب، محل آيس كريم، على تحديد موعد معين لإغلاق المحال، مشترطًا ألا يكون هذا الميعاد فى ساعات ذروة العمل، موضحًا أنه إذا تم تحديد ميعاد الغلق بالثانية عشر منتصف الليل فهذا سيكون مناسب لكل المحلات التجارية، لأن أغلبها لن يتعدى هذا الوقت. أشارت أية عبد العظيم، إحدى المواطنات، إلى أنه لابد من توجه الحكومة إلى حل مشكلة الباعة الجائلين أولا فهذه الأزمة تؤرق الكثير، مضيفة أن المحال التجارية هى ذات ملكية خاصة، ولذلك ليس للحكومة حق فى التدخل فى عملها، فإن تحديد ساعات العمل يعتبر تقييدًا للحريات ليس للمحال فقط بل لكل المصريين. وأضافت فاتن شوكت، موظفة، أنه على الحكومة أولًا أن تحل الأزمة التى سيتعرض لها الموظف، الذى يعانى من ضيق المعيشة فيتجه إلى العمل الحر بعد قضائه للعمل الحكومى، موضحة أنه بتحديد ساعات عمل المحال التجارية سيؤثر ذلك على العاملين بالفترة المسائية. وقالت مروة فهمى موظفة: إذا كان الهدف من القرار هو ترشيد الطاقة فإن الباعة الجائلين يسحبون وصلات كهرباء تتساوى مع إضاءة محل بالكامل، وتقديم مواعيد غلق المحال ليس هو الحل الوحيد لترشيد الطاقة. على جانب آخر، جاء رأى عاطف فؤاد، صاحب محل مجوهرات، متوافق مع تقدم مواعيد غلق المحال التجارية، منوهًا على أنه لابد أن يكون هناك استثناءات على بعض المحال مثل الصيدليات. كما أشار إلى أنه سيوافق على أى قرار تصدره الحكومة، قائلًا: "إننا لابد أن نقف بجانب حكومتنا لأنها تريد أن تصلح هذه البلد"، مضيفا أنه من يقول إن تقديم موعد غلق المحال سيؤثر على عملية البيع والشراء فهذا مجرد كلام، ولكن الحقيقة هى أن الزبون سيتعرف على المواعيد الجديدة ويتأقلم معها، منوها على أن تقليل ساعات العمل سيوفر الوقت لتوطيد الأواصر العائلية. من جانبه، قال أمين شرطة بإدارة المرور، رفض ذكر اسمه ل"المشهد"، إنه بتحديد وقت معين لغلق المحال التجارية سيساعد ذلك على تخفيف الزحام فى الشوارع، وتيسير الحركة المرورية فى الفترة المسائية فقط، مضيفًا أنه على الرغم من ذلك إلا أنه ربما يزيد الزحام فى فترات الذروة، موضحًا أن الناس فى ذلك الوقت لم تكن خارجة للعمل فقط بل ستخرج أيضا لشراء ما تحتاجه، مما سيزيد الضغط المرورى. اضغط هنا لمشاهدة الملف بالحجم الكامل