بعد أنباء عن مطالب إماراتية بتحجيم دوره السياسى - خبير إسلامى: يعانى العزلة من قبل الإسلاميين - "خليفة": لا يمكن بناء مستقبلنا على "تغريدة" - تنظيم ممارسة الخطابة سيف مُسلط على رقاب القيادات - الدولة تُحجم دورهم الدعوى وتلوح بحظرهم وفقًا للدستور - محاولات من داخل الحزب للسيطرة على "النواب" - السلفيون يتحدون ب 30 قياديًا على المنابر حالة من الترقب سادت الشارع المصرى، حول مستقبل حزب "النور" السلفى، بعد فوز قائد الجيش السابق المشير عبد الفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية باكتساح على منافسه القطب الناصرى حمدين صباحى بنسبة قاربت نحو 24 مليون صوت انتخابى، فى حين حصل منافسه على نحو المليون صوت. مستقبل حزب "النور" الذى اتخذ مواقف متباينة منذ نشأته حتى الآن، وسع دائرة الجدل، ففى حين، فجر الكاتب الصحفى جمال سلطان، مفاجأة من العيار الثقيل، حيث أكد أن الإمارات طلبت حظر الحزب بعد مهزلة انتخابات الرئاسة وهو ما قابله مسئولون مصريون بالقبول، وقال سلطان فى تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر" : "آخر خبر: فيتو إماراتى على أى دور سياسى لحزب النور السلفى بعد الانتخابات، ووعود مصرية رسمية بحل الحزب". الأمر الذى قابله نائب رئيس حزب "النور" السلفى سيد خليفة بعدم الاهتمام، حيث أكد ل"المشهد" أن مستقبل حزب النور مع الدولة أو علاقاته الخارجية لا يمكن أن يتم بناؤها على "تغريدة"، موضحًا أن حزب "النور" له قواعد فى الجمهورية كل، فضلاً عن تأسيسيه وفقاً لمواد القانون، ولا يمكن حله بحسب الهوى. وعن مستقبل الحزب السياسى، أكد نائب رئيس حزب "النور" أن الحزب مستمر فى عمله السياسى وفقًا لما تم تأسيس الحزب عليه فى 2011، وسينافس الحزب بلا شك فى البرلمان المقبل، وإن كان الحزب معترض حاليًا على قانون مجلس النواب بشكله الحالى، موضحاً أنه قانون حال تطبيقه سيحرم الكثير من المشاركة فى الحياة السياسية، لكونه برلمان سيكون قائم فى الأساس على خدمة رجال الأعمال، أصحاب رأس المال. وأضاف خليفة: "لا يمكن أن تكون نسبة القوائم فى الانتخابات البرلمانية 22% فضلاً عن كونها مطلقة، فيما يتم تخصيص بقية مقاعد المجلس مخصصة للنظام الفردى"، موضحًا أنه من السابق لأونه الحديث حاليًا على النسبة التى سيسعى الحزب الحصول عليها فى مجلس النواب المقبل، أو موقفه من الحكومة المقبلة. كان المشير عبد الفتاح السيسى قد أكد خلال الفترة الماضية أنه رئيس ليس محملاً بأية فواتير لأى فصيل أو جماعة أو دولة، الأمر الذى ربما قطع الطريق على أصحاب النفوذ والمصالح الطامعين فى تحقيق مصالح فؤية لهم. ويعيش حزب "النور" حاليًا حالة من العزلة، وسط أقرانه الإسلاميين، بعدما تصدر مشهد عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى، بعدما انضم إلى التحالف الذى قاده الجيش وأدّى إلى الإطاحة به يوليو الماضى. الخبير فى الحركات الإسلامية على عبد العال أكد ل"المشهد" أن حزب النور يعانى عزلة قوية من قبل الإسلاميين الموالين لتنظيم "الإخوان" وينظرون إلى الحزب على أنه ساعد فى عزل مرسى، موضحًا أن الحزب سعى أكثر من مرة إلى تجميل صورته التى تشوهت من أقرب الموالين له أنصاره، لكن دون جدوى. موضحًا أن أنصار التيار السلفى التابع لمدرسة الإسكندرية، يعانون حاليًا من صدمة فى القيادات، مما أدى بلا شك إلى اعتزال الكثير منهم المشهد السياسى، مشيرًا إلى أن المك الأساسى لحزب النور هو وضعه فى البرلمان المقبل، هل سيكون ضمن صفوف المعارضة أم أن تأييده للمشير السيسى سيجعله مصطفًا مع الأحزاب التى أعلنت دعمها للسيسى. وتمثل شكل العداء بين الدعوة السلفية وحزب النور من جانب، والتيارات الإسلامية الأخرى، وخصوصا الإخوان، من جانب أخر، فى تسمية حزب "النور" من قبل الإسلاميين وقيادتهم ب"حزب الزور" و"الخائن للأمانة"، بينما يرد قيادات النور وشبابهم بأن الإخوان والإسلاميين مسئولون عن كل ما جرى ويجرى لهم، الأمر الذى أدّى إلى انعزال حزب النور ومناصريه ضمن سائر الإسلاميين أيضا. قيادة "النور" تحاول مررًا تبرير دعمها للجيش أمام أعضائها على أنه سعى "للحفاظ على الهوية الإسلامية والشريعة"، من خلال إبقاء الإسلاميين ممثّلين فى الحكومة، كما حاججت أنّها لو اتخذت مواقف مختلفة عن التى اتخذتها، لكان مصير القيادة والأعضاء كمصير الإخوان حاليّا، إما خلف القضبان أو فارّين من وجه العدالة، وهو الأمر الذى دفع إلى الانطباع الشائع بأنّ للدعوة السلفية خطابَين: الأول ذو صبغة سياسية مدنية، والآخر ذو صبغة دينية إسلامية عملا بقاعدة "المصالح والمفاسد"، الأمر الذى أظهر الحزب على أنه ينتهج سلوكا براجماتيا يشبه جدا سلوك الإخوان المسلمين حين دعم بعض القيادات الإخوانية موقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال احتجاجات المعارضة فى أواخر العام 2011 فى شارع محمد محمود ومجلس الوزراء، والتى بدأت حينما فضت قوات الشرطة والجيش اعتصام أهالى الشهداء بالقوة ليلة الجمعة 18 نوفمبر، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى ومئات المصابين من الشباب. وتبنت قيادة الدعوة السلفية خطابين تبريرين لموقفها: الأول، بأنها "لا تملك سوى رفض الاحتجاج شفهيا من دون تبنّى أى مواقف عملية"، من بابا تغيير المنكر باللسان، لأن "الدولة فى خطر". والثانى أن "الخطأ الأكبر هو خطأ الإخوان"، بما يعنى أنها حمّلت الإخوان مسئولية تدهور الوضع فى مصر، إلا أن هذا أيضا لم يغير النظرة القائمة لدى التيارات العلمانية بأن الخطوة التى قام بها حزب النور كانت "انتهازية"، وأبعد مما تكون عن التقدم الأيديولوجى. كما أدّى دعم الدعوة السلفية المثير للجدل للجيش إلى زيادة حدة الانقسامات الداخلية. توتر أخر بدا بين حزب "النور" والدعوة السلفية من جانب، والدولة من جانب أخر، بعدما أصدر الرئيس المؤقت عدلى منصور قرارًا بقانون بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية فى المساجد وما فى حكمها من الساحات والميادين العامة، الخميس الماضى. وينص القانون على أنه "لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المُصرح لهم، ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما فى حكمها، ويصدر بالتصريح قرار من شيخ الأزهر أو وزير الأوقاف حسب الأحوال، ويجوز الترخيص لغيرهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما فى حكمها، وفقًا للضوابط والشروط التى يصدر بها قرار من وزير الأوقاف أو من يفوضه فى ذلك". كما ينص القانون على أنه "لا يجوز لغير خريجى الأزهر الشريف، والعاملين فى المجال العلمى أو الدعوى به، وطلابه فى التعليم الجامعى وقبل الجامعى، والعاملين بوزارة الأوقاف فى مجال الدعوة، والعاملين بدار الإفتاء فى المجال العلمى والدعوى، والمُصرح لهم بالخطابة من وزارة الأوقاف، ارتداء الزى الأزهري، ويصدر بتحديد مواصفات هذا الزى قرار من شيخ الأزهر بناءً على عرض وزير الأوقاف". من جانبها أعلنت الدعوة السلفية و"النور" تحديهما لتلك القرارات، بمنع السلفيين الذين يتصدون للحديث فى السياسة من اعتلاء منابر المساجد أيام الجمعة حتى لو كانوا حاصلين على درجة الدكتوراه من جامعة الأزهر. كانت وزارة الأوقاف قررت منع الداعية السلفى ياسر برهامى وغيره من مشايخ السلفيين والرموز السياسية أو الحزبية من الخطابة نهائيًا فى المساجد التابعة لها، وأكدت الوزارة، فى بيان لها، أنها ماضية وبكل حسم فى التعامل مع من يحاول الاعتداء على مساجدها، ولن تتهاون مع المخالفين لسياستها الدعوية السمحة. ونشر الحزب، على شبكة الإنترنت، قائمة بأسماء القيادات التى من المقرر أن تعتلى المنابر، وفى مقدمتهم الدكتور يونس مخيون، رئيس الحزب، والدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، والمساجد التى سيلقون فيها خطبهم. وقال أحد قيادات الدعوة، رفض ذكر اسمه، "إن الدعوة والحزب يمتلكان أكثر من 300 مسجد بمختلف المحافظات، ويلقى فيها القيادات خطب الجمعة دون اعتراض من قبل الوزارة"، مضيفًا أن مشايخ الحزب والدعوة حصلوا على تصريح من وزارة الأوقاف بالخطابة فى تلك المساجد، مشيرًا إلى أن الدعوة لا تلتزم بموضوع ومحتوى الخطب الذى تحدده الوزارة، ويتولى مشايخ الدعوة تحديد موضوع الخطبة وتوزيعها على المساجد. وأكد أنهم يشكلون كبار علماء الدين فى مصر، منتقدًا القرارات والقوانين الصادرة من الحكومة، وتعرقل حق السلفيين فى الخطابة بالمساجد، واصفًا القرارات بالمتطرفة، مضيفًا، الوزارة لم تُوفر خطباء للمساجد، ولم تتركنا نخطب فيها، وكأنها تُقابل التطرف بتطرف أشد وأنكى. كل ذلك بلا شك يدفع إلى مزيد من التوتر بين الدعوة السلفية والدولة، خاصة وأن الدعوة السلفية بدأت منذ نشأتها الأولى جماعة دعوية، الأمر الذى اعتبره مراقبون أنه بمثابة السيف المُسلط على رقاب قيادات السلف، مثله بذلك مثل المادة 74 من الدستور التى تحظر قيام الأحزاب على أساس دينى، وتستخدمها الدولة كورقة ضغط على تلك الأحزاب لضمان سيرها كما تريد.